نهلا ناصر الدين – البلد
لم يختلف المشهد النفاياتي كثيراً منذ أن علق الشباب الكتائبي اعتصامه على الطريق المؤدي إلى مكب برج حمود، وبعد أن سلم وزير الزراعة أكرم شهيب مفاتيح الحل الموقت للبلديات واتحادات البلديات لإيجاد أماكن تضم النفايات المُكدّسة في نطاقها على مبدأ “دبروا راسكن” حتى الانتهاء من تجهيز الخلية الأولى للطمر في مطمر برج حمود. فبعض البلديات تركت نفاياتها للشارع واخرى حرقت نفاياتها وبعضها الآخر سلّم نفاياته لبعض السماسرة الذين بدأوا بتهريب شاحنات النفايات ليلاً إلى أماكن ما زالت مجهولة بقاعاً.
خمسة أيام مضت على مناقصة جمع النفايات في المتن وكسروان ونقلها، والتي فازت بها شركة “رامكو” للتجارة والمقاولات وشركة تركية أخرى. وتشير المعلومات إلى أن الشركتين ستتوليان جمع النفايات ونقلها من المتن وكسروان بسعر 27,9 دولارا للطن الواحد على سبع سنوات أي ما يعادل 80 مليون دولار تقريباً. وهي المناقصة التي لم تشمل ألاف الأطنان المتراكمة في القضاءين.
نفايات مهرّبة
يرى رئيس الحركة البيئية اللبنانية بول أبي راشد في طلب السلطة ممثلة بالوزير شهيب من البلديات واتحادات البلديات بتأمين أماكن لتخزين نفاياتها موقتاً فيها، بمثابة طلب السلطة من البلديات إيجاد مكبات عشوائية، في الوقت الذي يتوجب على السلطة نفسها إيجاد الأماكن المناسبة بيئيا وصحيا ولا تعرض البحر أو المياه الجوفية للخطر.
ويؤكد أبي راشد في حديثه لـ”البلد” بأن هذا الطلب زاد الوضع سوءاً، فـ”النفايات تهرّب ليلاً إلى البقاع حسب شكاوى وصلت إلى مرصد الحركة البيئية كل يوم عبر مافيا تتعامل مع بعض البلديات، ولم نعرف بعد الأماكن التي ترمى فيها تلك النفايات المهربة والتي لا شك بأنها ستؤثر على المياه الجوفية بقاعا”، أما البعض الآخر من البلديات فيلجأ الى حرق نفاياته المكدسة “كبلدية ضبية التي أحرقت كميات هائلة من النفايات على ساحلها يوم أمس”. علما أن الحرق يتسبب بزيادة نسبة الديونكسين أكثر من 250 مرة عن حجمه الطبيعي.
مواقع للحلول
ويحمّل أبي راشد مسؤولية هذا العمل غير المسؤول للسلطة، في الوقت الذي توجد فيه حلول تغنينا عن كل هذه التصرفات التي تعرّض صحتنا وصحة أطفالنا للخطر. حيث أن المواقع الموقتة موجودة لحل أزمة نفايات المتن كمطمر بصاليم للعوادم العائد للدولة اللبنانية والموجود بمحاذاة طريق المتن السريع بعيدا عن التجمعات السكنية، إضافة إلى موقعين اثنين هما عبارة عن مقالع قديمة، على طريق المتن السريع تحت مطمر بصاليم يمينا وشمالا. فهذه “الاراضي شوهت طبيعة ساحل المتن في السابق فلتساهم في حل أزمة النفايات اليوم”.
ويفصل أبي راشد الحل، فمن الممكن تجميع النفايات في هذه المواقع الثلاثة، ومعالجة رائحتها عبر رشها بالمواد التي تستعملها حاليا بلدية الجديدة لمكافحة الروائح والجراثيم، ومن ثم فرز ومعالجة النفايات العضوية، بيع المفروزات، وتخزين المرفوضات لحين جهوزية الحلول. بدلاً من نشر نفايات المتن في لبنان أو حرقها وتسميم صحة المواطنين. ويشدد أبي راشد على أن هذه المواقع موقتة ريثما الوصول للحلول التي لا تعني تجهيز مكب برج حمود، الذي له تأثيراته السلبية الكبيرة على لبنان والبحر المتوسط، بل التي هي تكون بقيام بلديات المتن ببناء مراكز الفرز والمعالجة.
مشاهد منتظرة
إذاً، المواقع موجودة ولا يبقى على الدولة إلا أن تضع يدها عليها لتساهم في حل أزمة النفايات، وإلى ذلك الحين لا يبقى على أهالي المتن وكسروان إلا أن يحضروا أنفسهم نفسياً للمشاهد المُنتظرة مع أول شتوة قد تدق أبوابهم قريباً. وهي المشاهد نفسها التي لم ينسَها اللبنانيون بعد…!