إذا ما تتبعنا ورصدنا سلوك الكائنات الحية في مختلف أنحاء الأرض يوماً بيوم، عبر مجموع الدراسات التي تتصدر المواقع المتخصصة ومراكز الأبحاث العالمية، نجد أن أيا منها لم يسلم من تبعات ونتائج التغيرات المناخية، بعضها يتهدده الاندثار والانقراض، وبعضها الآخر يحاول التكيف بقوة غريزة البقاء.
وفي هذا المجال، صدرت نتائج دراسة حديثة عن “جمعية المحفاظة على الحياة البرية” Wildlife Conservation Society و”جامعة ستانفورد” Stanford University الأميركية، عبر فيها الباحثون في ساحل آلاسكا الشمالي الغربي في الولايات المتحدة الأميركية، عن دهشتهم لدى اكتشافهم أن “طائر الخرشنة المائي” Tern الذي يعيش في بحر قزوين، ويتبع الفصيلة النورسية، بات يطير مبتعدا إلى الشمال بنحو 1000 ميل (1600 كيلومتر) عما هو معتاد، وما هو معروف عن مسار هجرة هذه الطائر.
وبحسب الدراسة، اكتشف الباحثون في الشمال الغربي من آلاسكا، وتحديدا في شهر تموز (يوليو) وجود هذه الطيور على شاطئ إحدى البحيرات في هذه المنطقة، أي أنها ابتعدت إلى الشمال مسافة قدرت بـ 1000 ميل عن المسافات التي تم احتسابها ورصدها سابقا.
واعتبر العلماء أن “هجرتها الملحمية الصادمة”
>
انحسار الجليد والثلوج
ورأى الدكتور مارتن روباردز Martin Robards مدير برنامج القطب الشمالي في “جمعية الحفاظ على الحياة البرية” أن هذا الأمر يعتبر “صدمة بكل المعايير”، قائلا “هذه حالة استثنائية”، وأشار روباردز إلى “اننا تدارسنا هذا الموضوع مع بعض الخبراء وقد عبروا عن دهشتهم من قطع هذه الطيور لتلك المسافات البعيدة”.
وأضاف: “إنني هنا منذ خمس وعشرين عاما، وأعتبر أن حجم التغيير الذي طرأ على آلاسكا بات مرعبا، فقد كنا نركز على أمور مثل ارتفاع الحرارة والجليد البحر، لكننا بتنا الآن مهتمين بالحياة البرية”.
ومن المعروف أن درجة التسخين في آلاسكا تصل إلى ضعفي معدل درجة الحرارة في باقي أرحاء الولايات المتحدة، إذ تصل درجات الحرارة هناك في الشتاء إلى 3.3، أي بمعدل سخونة أكبر مما كانت عليه منذ نحو 60 عاما، ويعزو العلماء السبب إلى انحسار الجليد والثلوج، وحلول فصل الربيع في وقت أبكر من المعتاد.
يقول عالم البيولوجيا تيري روت Terry Root، وهو أحد المشاركين في الدراسة من جامعة ستانفورد: “أن تبتعد تلك الطيور مسافة 1000 ميل إلى الشمال، فإن ذلك دليل على مقدار التسخين الذي أصاب كوكبنا. فالطيور تتبع غريزتها ولا شي آخر، وبإمكاننا القول إن آلاسكا باتت من السخونة بمكان لدرجة أنها بدأ تسبب الخراب والدمار لبعض أجزاء الطبيعة”.