تساهم حركة الطيران بـ 5 بالمئة من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون في العالم، لذلك ثمة توجه لتكون المطارات قادرة على لجم والحد من هذه الانبعاثات وتخفيض نسبتها، بهدف تحقيق معيار إضافي للجودة عبر عملية “تحييد الكربون” Carbon neutrality، وقد اكتسب هذا الإتجاه زخما كبيرا،ـ خصوصا بعد الاتفاقية الإطارية لتغير المناخ COP21 في باريس، على الرغم من أن هذه الاتفاقية لم تتطرق لموضوع الطيران ومساهمته في الاحتباس المناخي.
في هذا السياق وضمن محاور عدة هامة لقطاع الطيران، دعت كافة الجهات الفاعلة في قطاع النقل الجوي إلى لقاء “جمعية منظمة الطيران المدني الدولي الـ 39” 39th International Civil Aviation Organization Assembly، وهي منظمة تابعة للأمم المتحدة ومعروفة اختصارا بـ (ICAO-UN) في مونتريال هذا الأسبوع.
مؤتمر ومعرض
ويعقد هذا اللقاء كل ثلاث سنوات، وفضلا عن الأمور الأمنية المتعلقة بالمطارات وأمور عديدة أخرى، فإن انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون الناتجة عن مجال الطيران ستأخذ حيزا كبيرا من النقاش في هذا اللقاء، بهدف التوصل إلى اتفاق يتناول معالجة انبعاثات الطيران الدولية والحد منها، ويتزامن هذا اللقاء مع اجتماع صناعة المطارات العالمية أيضا في مونتريال، فضلا عن معرض عالمي للمجلس الدولي للمطارات العالمية، واجتماع الجمعية العمومية السنوية التابعة له ACI-NA/World Annual General Assembly في النسخة 25 هذا العام بين 27 أيلول (سبتمبر) و7 تشرين الأول (أكتوبر).
لبنان يشارك
ويشارك عدد كبير من الدول العربية، ومن بينها لبنان، إذ توجه وفد لبناني برئاسة مدير المديرية العامة للطيران المدني المهندس محمد شهاب الدين إلى مونتريال، وقال شهاب ان “الوفد اللبناني سيشارك في حضور اجتماعات عدة للجان المتخصصة في المنظمة الدولية للطيران المدني وذلك للبحث في أوضاع النقل الجوي في العالم”، وأضاف إن “مشاركة لبنان في مثل هذه الإجتماعات مهم جدا، ليبقى على تواصل دائم مع المنظمات والمؤسسات الدولية المعنية بقطاع الطيران المدني والنقل الجوي في العالم”.
وكما هي العادة، فإن المطارات المشاركة تقدم للمجلس الدولي نتائجها السنوية التي تتعلق ببرنامج الإعتماد لانبعاثات الكربون the Airport Carbon Accreditation programme، خصوصا تلك المعتمدة في هذا البرنامج، في الفترة من حزيران (يونيو) 2015 إلى حزيران (يونيو) 2016، فضلا عن تقرير مفصل لصناعة المطارات العالمية، يشتمل على مستويات وفاء هذه المطارات بالتزاماتها، لجهة خفض انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون CO2 الخاصة بها.
عملية تدقيق شاملة في الانبعاثات
ويشتمل برنامج اعتماد الكربون العالمي في عامه السابع على 4 مستويات مختلفة من الاعتماد، تغطي كافة مراحل إدارة الكربون، ويتم إعطاء المطارات درجات الإعتماد، وهي: رسم الخرائط Mapping، والحد Reduction، الامتثال Optimisation والحياد Neutrality، ويدار هذا البرنامج بشكل مستقل ومدعوم مؤسساتيا، وقد حصل بالفعل على الإشادة من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC)، المنظمة الدولية للطيران المدني (ICAO)، برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) وإدارة الطيران الفيدرالي الأميركية (FAA) والمفوضية الأوروبية (EC).
170 مطارا تطبق البرنامج
وأعلنت المدير العام للمجلس الدولي للمطارات في العالم أنجيلا غيتنسAngela Gittens، عن النتائج السنوية، وقالت “لقد كان عاما ممتازا في اعتماد الكربون من قبل المطارات، مع تطبيقات وتطورات جديدة تضاف للبرنامج، منها شراكة مهمة مع الاتفاقية الإطارية لتغير المناخ، و”مبادرة الحياد الآن” في المناخ Neutral Now initiative التي تم توقيعها في مفاوضات المناخ COP21 في باريس.
ومن حيث النتائج، قالت غيتنس أنه “في العام الماضي، نجحت المطارات المعتمدة في الحد بشكل جماعي من انبعاثات CO2بكمية تقدر بـ206،090 طن من CO2، وهي طاقة كافية لتوليد الكهرباء لـ 86،000 أسرة لمدة عام”.
وأضافت غيتنس “يستمر الزخم في هذا المجال مع 170 مطارا تطبق البرنامج، في أكثر من 40 بلدا حول العالم، وتشمل على 36،1 بالمئة من حركة نقل الركاب الجوي العالمي، أي حوالي 2،4 مليار راكب، يسافرون عبر مطارات كل منها في مستوى من مستويات البرنامج الأربعة، كما أود تهنئة أحدث المطارات التي أصبحت حيادية (في المستوى الرابع بالنسبة لانبعاث الكربون) وهي: مطار الكوت دازور في نيس Nice Cote d’Azur Airport، مطار فورت ورث دالاس الدولي Dallas Fort Worth International Airport وهو أول مطار في أميركا الشمالية محايد في مستوى الكربون، مطار انديرا غاندي الدولي في دلهي Delhi Indira Gandhi International Airport أول مطار محايد في مستويات الكربون في آسيا – المحيط الهادئ”.
وأشارت غيتنس إلى أن “هذه التصنيفات الأخيرة تبرز أن الحياد الكربوني لم يعد مجرد هدف مشترك من قبل المطارات في كافة أنحاء العالم فحسب، مع وجود حوالي 26 مطارا في هذا البرنامج، بل أصبح واقعا ملموسا، مع جهود مستمرة من المطارات للانتقال إلى مستويات أعلى في البرنامج، وهذا واحد من الأسباب التي أدت إلى نجاح برنامج اعتماد حياد الكربون في المطارات”.
وقالت الأمينة التنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ باتريسيا اسبينوزا Patricia Espinosa “كان مؤتمر COP21 متمحورا حول إشراك الحكومات على أعلى المستويات، ولكن العمل المناخي الفعال يجب أن يكون معتمدا بشكل كبير على القطاع الخاص تدريجيا، فالاستدامة هي مسؤولية الجميع، وما حققه برنامج اعتماد حياد الكربون للمطارات على مدى السنوات السبع الماضية مدهش وملهم على حد سواء”، وأضافت “من خلال رسم مسار واضح لمشغلي المطارات وعملهم عبر مجموعة من التدابير، من خلال رسم انبعاثات CO2، والحد منها وإشراك الآخرين، حتى تصبح المطارات الأخرى خالية من الكربون أيضا، فإن هناك الكثير الصناعات الأخرى التي يمكن أن تتعلم من هذا الأمر ومحاكاته”.
كما ستقوم الدول الأعضاء في هذه المنظمة بالتصويت على نظام جديد للتقليل من انبعاثات الطيران التجاري للكربون بحلول العام 2020، بفضل الآليات المكافئة والتعويض، خصوصا بكمية الانبعاثات.
ورأى المتحدث عن المنظمة “ويليام كلارك” أن هذه المبادرة تعد سابقة وخطوة جد مهمة في ما يخص تقنين انبعاثات الكربون ضمن صناعة الطيران على مستوى عالمي.
