كثرت في السنوات القليلة الماضية ظاهرة “الأنواع الغازية” Invasive species Invasive Species في البيئتين البرية والبحرية، وتسببت بأضرار كبيرة طاولت الأنواع الأصلية من نبات وحيوان، مع تأثير ذلك على مصادر غذاء الإنسان، وتتركز الدراسات حاليا حول سبل التعاطي مع هذه الظاهرة وسبل مواجهتها والحد من نتائجها.
وبات مصطلح “الأنواع الغازية” يستخدم في علم الأحياء لتصنيف نبات أو حيوان أدخل إلى بيئة معينة وانتشر بشكل مفرط أو غير مرغوب، وفي اللغة العربية يعني الاجتياح الإستئصال أو الأخذ أو التغطية، ويستعمل هذا المصطلح في حالات جهود استعادة الحياة البرية في مكان ما أو الحفاظ على التنوع الحيوي.
وتتجلى مخاطر هذه الأنواع في قدرتها على الهيمنة على منطقة معينة ومنافسة تلك المستوطنة والقضاء عليها، ما يعني تغيير البيئة الطبيعية بحيث يتسبب الأمر بحدوث خلل على مستوى التوازن الإيكولوجي، ومثل هذا الأمر تترتب عليه نتائج تؤثر على مجمل المكونات في منطقة معينة، بحرية كانت أم برية.
خسائر وأضرار
وتتسبب الحشرات الغازية التي تزداد أعدادها من جراء حمولات الشحن والاحترار المناخي، بأضرار قيمتها 69 مليار يورو (76,9 مليار دولار) كل سنة في العالم، وهو مجموع تقريبي أكبر بكثير في الواقع، على ما كشفت دراسة حديثة، بحسب “وكالة الصحافة الفرنسية”.
وكثيرة هي الأضرار الناجمة عن هذه الحشرات التي تنمو خارج بيئتها الطبيعية، من تلك التي تطاول السلع والخدمات وصولا إلى الخسائر الزراعية ومرورا بالتداعيات على الصحة. والمبلغ المقدم في هذه الدراسة هو الحد الأدنى من القيمة المقدرة لهذه الخسائر، بحسب القيمين على هذه الدراسة التوليفية الأولى من نوعها، والتي نشرت في مجلة “نيتشر كوميونيكشنز” Nature Communications.
ويتسبب النمل الأبيض المعروف علميا بـ “كوبتوتيرمس فورموزانوس” Coptotermes formosanus بالجزء الأكبر من الأضرار، على ما كشف فريق العلماء المتعدد الاختصاصات الذي ضم باحثين من “المركز الوطني للأبحاث العلمية” The National Center for Scientific Research، وجامعة باريس الجنوبية، إضافة إلى “معهد الأبحاث من اجل التنمية” Research Institute for Development.
وبحسب الدراسة، يتعذر القضاء على هذا النوع من النمل عند استيطانه منطقة ما، ومن المرجح أن ينتشر في أوروبا في ظل الاحترار المناخي.
ومن الحشرات الغازية الأخرى، فراشات “بلوتيلا كزيلوستيلا” Plutella xylostella التي تتسبب بأضرار قدرها 4,1 مليار يورو في السنة، والخنفساء من نوع “بتيتروبيوم فوسكوم” Tetropium fuscum التي تؤدي إلى خسائر قيمتها 4 مليارات يورو في كندا وحدها.
تدابير استباقية
أما على صعيد الصحة، فتتخطى كلفة المشكلات الناجمة عن الحشرات الغازية 6,1 مليار يورو في السنة (من دون احتساب الملاريا وفيروس زيكا اللذين ينقلهما البعوض). وتعد حمى الضنك المرض الأكثر كلفة مع 84 بالمئة من النفقات في مجال الصحة، في مقابل 15 بالمئة لفيروس النيل الغربي.
وقد تم احتساب مبلغ 69 مليار يورو بالاستناد إلى عدة مقالات ودراسات، فهي إذن لم تأخذ في الحسبان المناطق التي لم تجر فيها دراسات معمقة، ولا تشمل الحسابات أيضا الأضرار التي تلحق بالمسارات الطبيعية، مثل تلقيح المحاصيل.
ومن المرتقب ان يتدهور الوضع تحت وطأة الاحترار المناخي وأن ترتفع كلفة الأضرار بنسبة 18 بالمئة بحلول 2050، في حال لم تتخذ أي تدابير للحد من التغير المناخي، بحسب الدراسة.
ومنذ آلاف السنين، تنقل الحشرات الأمراض وتعيث فسادا في الأنظمة البيئية، و10 بالمئة من الحشرات التي تدخل منطقة جديدة تستوطنها اليوم و10 بالمئة منها تنتشر فيها على نطاق واسع.
ويكمن الحل في اتخاذ تدابير استباقية للحد من تداعيات هذه المشكلة، من قبيل مراقبة الحمولات الآتية من بعض المناطق واعتماد تشريعات للحد من بعض الصادرات ورش مبيدات حشرات على الحمولات العالية المخاطر.