نجلة حمود – السفير
كشفت سلسلة الحرائق التي إندلعت على مدار الأيام الماضية في محافظة عكار ضعف الامكانيات اللوجستية للسيطرة عليها ومنع تمددها، والأهم أنها كشفت عجز البلديات عن القيام بأية خطوات من شأنها الاستعداد لموسم الحرائق الذي يبدأ في مثل هذه الأيام من كل عام وذلك ضمن إطار التحضير لمؤونة الشتاء من الحطب، “إذ أن كثيرا من هذه الحرائق يكون مفتعل”، بحسب رؤساء بلديات المنطقة.
وتسببت الحرائق التي اندلعت في بلدات: رحبة، برقايل، مشحة، جديدة القيطع، السفينة،عرقا، منجز بخسائر فادحة في الثروة الحرجية الفريدة من نوعها، فقضت النيران على الغطاء النباتي لمساحة حرجية تزيد عن 10 آلاف هكتار، كانت كفيلة بتحويل المساحات الخضراء الى غابات جرداء سوداء اللون في ساعات معدودة.
ويترك الواقع القائم جملة تساؤلات مشروعة في صفوف المواطنين، حول دور الوزارات والمؤسسات المعنية وتحديدا وزارة الداخلية والبلديات، ولماذا لم تعمد وزارة الزراعة الى اتخاذ خطوات عملية من شأنها مكافحة الحرائق، لجهة تحسين وضع الدفاع المدني وتوفير الآليات والعناصر البشرية، وتفعيل عمل نواطير الأحراج؟. ولماذا لا تبادر البلديات التي أتخمت صناديقها بالأموال هذا العام عقب صرف 30 مليون دولار لها، الى تخصيص مبالغ مالية لشراء آليات ومعدات وشق طرق لمنع إندلاع الحرائق والسيطرة عليها؟.
وينتشر في عكار 17مركزا للدفاع المدني من العبدة حتى الحدود السورية في بلدة وادي خالد، الا أن كل هذه المراكز تعاني نقصا كبيرا في التجهيزات، خصوصا في الصهاريج التي تعمل على تغذية الاطفائية بالمياه مع صعوبة تأمين مصادر ملائمة.
وتعاني جميع المراكز من النقص في الكادر البشري إذ لا يتجاوزعدد الأجراء الـ47 عنصراً غالبيتهم غير قادر على العمل بسبب تقدمهم في العمر، وبالتالي فان الاعتماد الأساسي يقتصر على بعض المتطوعين.
أما بالنسبة لمراكز الأحراج فيوجد في عكار خمسة مراكز فقط في القموعة، وحرار، وعين يعقوب، وعندقت، والعبدة. وجميعها تعاني نقصا في الكادر البشري، حيث لا يتعدى عدد العناصر في جميع تلك المراكز السبعة في أفضل الحالات إضافة إلى النقص الكبير في التجهيزات والمعدات اللازمة للتنقل في الغابات ومكافحة الحرائق.
ويؤكد عدد من البيئيين “أن ما يحدث من إهمال وانتهاكات يعد كارثة حقيقية، خصوصا أن الغطاء الحرجي في عكار يتجه نحو التدهور”، لافتين الانتباه الى “تقارير تشير الى أن الثروة الحرجية قد فقدت 40 في المئة من مقوماتها بسبب التعديات المتكررة والمتراكمة إن كان بسبب أعمال القطع المنظم أو الحرائق والرعي الجائر، والمقالع والكسارات التي التهمت جبال بأكملها، وكل ذلك يحدث والمسؤولين الرسميين من وزارات وبلديات خارج معادلة الحفاظ على الثروة البيئية”.