من المتوقع أن يتحول “كوب 22” في مدينة مراكش المغربية منصة للشركات العالمية لتسويق منتجاتها الصديقة للبيئة، والتي باتت تمثل سوقا اقتصاديا ناشئا، يقدر بمليارات الدولارات، بدءا من المنشآت الضخمة لمزارع الرياع والحقول الشمسية إلى السيارات الكهربائية وصولا إلى المنتجات الصغيرة من مصابيح تعمل على الطاقة الشمسية وغيرها من الصناعات الحديثة المبتكرة.

وهذا ليس بمستغرب، خصوصا وأن الحد من ارتفاع درجات الحرارة لا يتطلب ترشيد الاستهلاك والممارسات المستدامة والحد من استخدام الوقود الأحفوري فحسب، وإنما يفترض بالضرورة توفير وتأمين تقنيات حديثة تتيح إمكانية التحول إلى الطاقات المتجددة، وقد أفضى التنافس بين الشركات العاملة والمتخصصة في هذا المجال، ولا سيما خلال السنوات الخمس الماضية، إلى إحداث تطور سريع وغير مسبوق، على مستوى التقنيات الحديثة الخضراء، إن لجهة رفع كفاءتها وإن لجهة تدني أسعارها، في سوق تنافسي من المتوقع أن يشهد نموا أكبر في السنوات القليلة المقبلة.

 

تحالف “رونو – نيسان”

 

ومن الطبيعي أن تتهافت كبريات الشركات العالمية لتكون حاضرة في المؤتمر، ولو عبر لوحة إعلانية، أو رعايتها لإحدى الفعاليات، أو تقديم خدمات مجانية للمؤتمر على غرار ما أعلن عنه الخميس 6 تشرين الأولى (أكتوبر) تحالف الشركتين العالميتين “رونو – نيسان” Renault-Nissan Alliance، وقبله ما قدمته الصين للمؤتمر من حافلات تعمل بالطاقة النظيفة.

وقرر تحالف “رونو – نيسان” تسخير أسطول من السيارات الصديقة للبيئة وعديمة الإنبعاثات، لخدمة ضيوف مؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ “كوب 22” التي ستنعقد في مدينة مراكش، ما بين 7 و18 تشرين الثاني (نوفمبر) 2016.

وأكد تحالف “رونو – نيسان” في مؤتمر صحفي عقد في مراكش أن 50 سيارة كهربائية بات من المؤكد مشاركتها في هذا الحدث الدولي، والتي ستكون من طراز “رونو ZOE”، “نيسان Leaf” و “نيسان NV 200” السباعية المقاعد، وستحرص طوال أيام المؤتمر على تقديم خدمات النقل، إلى جانب وسائل أخرى متعددة، لحوالي 25 ألف زائر من 195 دولة.

وأوضح رئيس منطقة شمال إفريقيا ومصر لتحالف “رونو – نيسان” إيزاو سيكوغوشي، أن الخيار المغربي في اعتماد الطاقات المتجددة، وعلى رأسها محطة “نور” الشمسية، وفضلا عن الطاقة الحرارية والهوائية، جعل من المغرب قطبا أساسيا ومؤهلا للاضطلاع بأدوار طليعية في سيبل خلق بيئة نظيفة بالمنطقة، وأن “كوب 22” بات فرصة سانحة للمغرب لتكريس نفسه كبلد قيادي في مجال اعتماد الطاقات النظيفة بمنطقة شمال افريقيا والشرق الأوسط “MENA”.

ويُعتبر تحالف “رونو – نيسان”، الذي يُروج لستة طرازات من السيارات الكهربائية منذ سنة 2010، الشركة الرائدة عالمياً في المركبات منعدمة الانبعاثات، والتي تمكنت بالفعل من بيع 360 ألف سيارة في كافة أنحاء العالم، مما مكنها من الاستحواذ على 50 بالمئة من هذه السوق في القارات الخمس.

 

صندوق المناخ الأخضر

 

وبعيدا من راهنية الحدث البيئي الأهم المتمثل بـ “كوب 22، تتطلع الشركات المصنعة دائما إلى ما يمكن أن تستحوذ عليه من تمويل المشروعات ذات الصلة بالمناخ، من خلال “صندوق المناخ الأخضر”، لا سيما في مشروعات الطاقة المتجددة، ورفع كفاءة الطاقة، إذ سيتم توزيع مئات المليارات من الدولارات حول العالم كل عام، بحسب “مبادرة السياسات المناخية” Climate Policy Initiative، وهي مؤسسة عالمية لأبحاث السياسات.

وقد أوصت “اتفاقية كانكون” Cancun Agreements بأن يصل مجموع المساعدات المناخية إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2020، إلا أنه لم يتم توضيح كيفية الموازنة بين الأموال التي سوف يتم جمْعها من الجهات الخاصة والعامة، ومقدار الأموال التي ينبغي أن تمر عبر صندوق المناخ الأخضر.

وثمة من يعتبر أن “صندوق” ليس شفافا في تعاملاته، ومن بينهم أندريا رودريغز أوسونا من “الجمعية الأميركية المشتركة للدفاع البيئي” AIDA، فهي ترى أن ليس لدى هذه المؤسسة سياسة للإفصاح عن المعلومات، كما أنها تخلو من آليات المحاسبة.

مما تقدم، يبدو جلياً أن ثمة قطاعا يتطلع لتأكيد حضوره، ومن المتوقع له أن يرث في المستقبل قطاع الطاقة التقليدية، وما نشهده اليوم، ما هو إلا مقدمة تؤكد أن صناعات الطاقة المتجددة، ستكون حاضرة بقوة، وساعية أكثر لتمويل أبحاثها، والبحث عن حصة أكبر في هذا السوق التنافسي، ويأتي مؤتمر “كوب 22” بمثابة فرصة لا بد من استغلالها، والإفادة من مصادر التمويل العالمية، إن عبر صندوق المناخ الأخضر ومؤسسات مالية استثمارية عالمية، وإن عبر توظيف رساميل خاصة، وهذا ما يمثل الجانب المتواري من مؤتمر مراكش.

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This