زينب زعيتر – موقع جريدة البلد
يُعتبر مشروع الضم والفرز من اهم المشاريع التي من شأنها اعادة تنظيم المساحات في مدينة صيدا وتفعيل الاستثمار العقاري في المنطقة، غير انّ التجاذب السياسي وتناتش الحصص المفترضة على قياس المشروع، تبقى دائماً عائقاً امام استكمال اي مخطط، فما يجري في الخفاء يبقى دائماً الادهى، في ظل استمرار سيطرة الاقوياء المتحكمين بأمن المدينة بقوة السياسة والمال.
مؤخراً، ضجت مدينة صيدا بخبر رفع نسب الاستثمثار، اي تعديل عامل الاستثمثار السطحي والعمودي، وذلك في ظل استمرار الاجتماعات السرية التي تُعقد في البلدية بعيداً من اعين العدد الاكبر من الاعضاء من جهة، وتغييب بعض المستفيدين من المشروع والمتضررين منه على حد سواء من جهة اخرى، وعدم وضعهم في اجواء ما يتم التباحث فيه. تراكمات أدت في مجملها الى اثارة بلبلة جديدة في المدينة، ليس اولها توجيه رسالة الى رئيس البلدية لمطالبته بـ “المحافظة على التوازن بين ابناء المدينة”، ولن يكون آخرها بقاء القضية تحت رحمة جشع الاستثمار السياسي في الملف لمصلحة البعض، بغض النظر عن الاجحاف والظلم الذي قد يتعرض له كثيرون.
المنطقة الخضراء
وتنقل مصادر مطلعة ان عملية رفع نسب الاستثمار كانت قد بدأت حتى من دون الاعلان عنها، وقد نُفذت في منطقة جنوب صيدا، حيث تقع بعض الاملاك التي تعود الى عقارات تابعة لسياسيين في المنطقة. جغرافياً، توزع خريطة ما يتعارف عليه بالضم والفرز من منطقة الاولي باتجاه شرحبيل وصولاً الى جنوب صيدا، وتُسمى بالمنطقة الخضراء وتشمل خط السكة. ويُعد مشروع الضم والفرز الثاني بعد المشروع الذي نُفذ في مطلع الثمانينات. وكان من المفترض ان يُنفذ مشروع قديم لاوتوستراد موازٍ لخط السكة، ليعود ويتم الاستعاضة عنه بالاوتوستراد الشرقي، ولاحقاً تم شطب بعض العقارات المجمدة لصالح هذا الاوتوستراد. والاهم في اي مشروع يتم الحديث عنه او تنفيذه، انّه غالباً ما يأتي في مصلحة سياسيي المدينة وأثريائها ورجال الاعمال الكبار فيها، مع نسف اي اعتبارات تتصل بأحقية بعض المالكين وكذلك اهالي المنطقة الذين لا تشملهم صفقات الود السياسي.
تحولات عمرانية
والتحولات العمرانية التي تشهدها المدينة، لا تعدو كونها في نهاية المطاف مجموعة امتيازات يحظى بها اصحاب النفوذ، وللغاية فانّ مشروع الضم والفرز، ويُعتبر من اهم المشاريع، يشكل مادة دسمة لاصحاب العقارات الواقعة عليه، وهم امّا على علاقة مباشرة بالنائبين بهية الحريري وفؤاد السنيورة، ورجل الاعمال المقرب من السنيورة محمد زيدان، اضافة الى رئيس البلدية محمد السعودي، او فانّ هؤلاء يُعدون مالكين مباشرين لبعض تلك العقارات، بحيث يقومون برفع نسب بعض العقارات بشكل مضاعف من جهة، وتخفيض قيمة عقارات اخرى لمصلحة “الاقوياء” من جهة اخرى.
لقاءات سرية
الى ذلك، تشير مصادر مطلعة من داخل بلدية صيدا، الى الغموض الذي بات يلف مشروع الضم والفرز مؤخراً، بحيث يتم عقد لقاءات سرية في غياب عدد من الاعضاء الذين يتداولون بعض التسريبات المتعلقة بتغيبب الملاكين “الصغار” عن النقاش بالملف. وتتابع انّ رئيس البلدية في صدد الاطلاع على خرائط جديدة من اجل اصدار قرارات بامتيازات معينة تتعلق بالمشروع، “وتعود بطبيعة الحال الى الملاكين الكبار”. وبحسب المصادر فانّ البلدية تعمل على ابعاد القوى المتصلة بالمشروع والتي لا تصب في مصلحتها، وهو ما يثير اعتراضاً دائماً تخوفاً من حصول ظلم قد يقع بحق بعض المالكين، وبحسب المصادر فانّ صاحب الكلمة الاخيرة في هذه القضية، هي النائبة بهية الحريري، وبعدها رئيس البلدية المهندس محمد السعودي.
التباس
وإذ لا يقتصر المشروع على نقاط التباس فقط، بحق احقاق العدل بين كبار مالكي الاراضي وصغارها، فانّ المشروع “سياسي” بامتياز، وخصوصاً لتمكنه من “فرز” آراء القوى السياسية بين مؤيد ومسهل ومعارض، وبين مستفيد ومتضرر. فماذا يجري في الخفاء، وما هي الاسباب الحقيقية التي تقف حائلاً امام المشروع الذي يهدف الى تطوير المدينة، ومن هو صاحب الكلمة الفصل؟.
نفوذ الحريري
في محاولة الاجابة على تلك الاسئلة، تتشعب الملفات التي تتفرع عنها، لجهة حقيقة الفرز السياسي الواقع في المدينة، وما لآل الحريري من نفوذ فيها، مع ما يستتبع ذلك من مرحلة سياسية جديدة، تتطلب من بعض القيادات في المنطقة، تغيير اصطفافاتها لمصلحة خاصة بعيداً من حسابات اهالي المدينة. وللغاية تحاول النائب بهية الحريري من خلال مشروع الضم والفرز ان تؤمن امتدادا لسيطرتها في المنطقة، وكذلك يحاول الرئيس فؤاد السنيورة وذلك عبر الاستعانة باحد ابرز رجال الاعمال الصديق المقرب منه محمد زيدان. فمن جهتها تعمل الحريري على “استمالة” رئيس التنظيم الشعبي الناصري اسامة سعد الى جانبها، وخصوصاً انّ الاخير لا يوفر مناسبة الاّ ويكون فيها الحديث عن المشروع اولوية في خطاباته. وبذلك تؤكد مصادر صيداوية مطلعة انّ وعود آل الحريري قد كثرت في الآونة الاخيرة، وخصوصاً بعد مرحلة الانتخابات البلدية، وهي وعود على مستوى استحقاقات داخلية كثيرة مثل تعيينات في دار الفتوى والقضاء، وكذلك وعود “وزارية”. وللغاية، تسعى الحريري الى “ترسيخ اي خلاف بين سعد ورئيس بلدية صيدا السابق عبد الرحمن البزري، وللغاية فانّ المعلومات تؤكد انّ الحريري أعطت وعداً لاسامة بتوزيره في المرحلة السياسية المقبلة في حال عُين الرئيس سعد الحريري رئيساً لمجلس الوزراء”، وتتابع المصادر معتبرة انّ “النائب بهية الحريري بحاجة الى رئيس التنظيم الشعبي الناصري اسامة سعد لاهداف واضحة تتعلق بالمشروع من اجل مصلحتها والمالكين الذين ينضوون تحت لوائها، وفي محاولة منها للحفاظ على جمهورها، وكذلك فانّ سعد في حاجة متبادلة معها، للبقاء تحت سقف آل الحريري، وخصوصاً انّ المرحلة المقبلة تشكل هاجساً بالنسبة الى الجميع لضمان الاستمرارية بالدرجة الاولى”.
“اوتيل صيدون”
لم يُنفذ شيء من المشروع لغايتة، في الوقت الذي يستمر فيه “انتشار” نفوذ السنيورة “عمرانياً، فتبقى رزمة المشاريع خاضعة لحسابات السياسة، ليس مشروع الضم والفرز اولها، بل مجموعة مشاريع اخرى ومنها مشروع شاطئ صيدا والزيرة، اضافة الى مشاريع “خصخصة” عقارات تابعة الى البلدية. ومن هذه المشاريع ايضاً “اوتيل صيدون”، ويُفترض بحسب المعطيات انّ يكون من نصيب الثنائي السنيورة- زيدان.