قدم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون توصيفا يختزل إلى حد بعيد المخاطر المحدقة بالكوكب، من جراء الاحتباس الحراري، الذي بات واقعا يهدد باختفاء الدول والمدن الجزرية، ويفرض تحديات خطيرة أيضا على الكثير من الدول، حين قال: “إن مصير العالم مرتبط بذوبان القطب الشمالي نتيجة لتغير المناخ”.
واختار بان كي مون لإطلاق هذا التوصيف مدينة ريكيافيك Reykjavík عاصمة آيسلندا، التي شهدت منتصف الشهر الماضي أيلول (سبتمبر) نتيجة ظاهرة الاحتباس الحراري، ولأول مرة منذ القرون الوسطى، تحوُّلا بيئيا جوهريا طاول بنية مجارٍ مائية في منطقة فاتْنايُوكول، حيث انكمش عدد الأنهار المحلية الثلاثة التي تنطلق من أحد الجبال الجليدية إلى نهر واحد، وأكد يومها العلماء أن ذوبان الجليد غَيَّر الطبيعة المحلية تغييرا عميقا خلال الأسابيع القليلة الماضية، إذ تأثرت الأنهار الثلاثة تأثرت بارتفاع درجة الحرارة المحلية حيث جَف أحد أحدها منذ العام ألفين وتسعة، ليطاول الجفاف نهر “سُولا” الذي اختفى قبل شهر، مثلما اختفت بحيْرة كبيرة تتغذى عادة من مياه كُتَل الجليد، ولم تعد تجري مياه الكتل الجليدية الذائبة سوى في نهر واحد وحيد.
مسار أكثر أمانا
وقال بان كي مون يوم أمس السبت 8 تشرين الأول (أكتوبر) في كلمة أمام “مؤتمر الدائرة القطبية الشمالية” انعقد في ريكيافيك Reykjavík، ان “القطب الشمالي يذوب أمام أعيننا”، لافتا إلى أنه “في يوم واحد في الشهر الماضي، ذاب الغطاء الجليدي في القطب الشمالي بنسبة ثلاثة أضعاف المعدل الطبيعي له”.
وأضاف الأمين العام للأمم المتحدة ان “القطب الشمالي يدعم الركائز الأساسية للنظام المناخي الإقليمي والعالمي، ويرتبط مصير المنطقة القطبية الشمالية بمصير ميامي ومومباي وشنغهاي والمدن الساحلية حول العالم، فضلا عن العديد من الأماكن الأخرى بالطبع”، وأشار إلى أنه “عندما يعاني القطب الشمالي، يشعر العالم بمعاناته، وعندما يتعرض كوكب الأرض لاعتداء ما، يكون القطب الشمالي ضحية أيضا”.
وتابع قائلا: “توقع قلة من الناس هذا التغيير السريع. شكرا لكم جميعا على مساهمتكم في هذه الخطوة التاريخية. قادة سياسيون وعلماء وعامة الناس، كل منهم لعب دورا مهما في فهم مدى خطورة التهديد، وقام بالتعبئة لوضع العالم على مسار أكثر أمانا”.
ترجمة الكلمات إلى أفعال
وأشاد الأمين العام أيضا بالاتفاق الذي أبرم قبل يومين بين الدول الأعضاء في “منظمة الطيران المدني الدولي” International Civil Aviation Organization الـ (ICAO)، حول المقياس العالمي الجديد للحد من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون في مجال الطيران الدولي، وقال ان “هذه خطوة أولى مهمة من قبل الحكومات والصناعة والمجتمع المدني”.
وتوقف بان كي مون عند اتفاق باريس حول تغير المناخ، فدعا إلى ترجمة الكلمات إلى أفعال وتنفيذ الاتفاق.
وقال: “نحن بحاجة إلى موارد مالية لمساعدة البلدان النامية على خفض انبعاثاتها والتكيف مع الآثار الحتمية لتغير المناخ”، نحن فيأمس حاجة إلى توصل الحكومات إلى إجماع الأسبوع المقبل في كيغالي (عاصمة رواندا) حول تعديل حاسم في بروتوكول مونتريال Montreal Protocol، الأمر الذي سيقلل تدريجيا من المركبات الكربونية الفلورية الهيدروجينية، الأمر الذي من شأنه أن يساعد في خفض ما يصل إلى نصف درجة من الاحترار في نهاية القرن”.
جائزة استدامة المناخ
وطلب أمين عام الأمم المتحدة أيضا أن لا تغيب الشعوب الأصلية في منطقة القطب الشمالي عن الأذهان، فهي، حسبما قال، “تساهم في إدارة استدامة وتنوع الموارد في هذه المنطقة.”
وتسلم الأمين العام جائزة استدامة المناخ في افتتاح المؤتمر، وحث على ضمان إيلاء حقوق ومساهمات الشعوب الأصلية الاجتماعية والثقافية، الأولوية في مواجهة هذه التحديات المشتركة.