في العام 1986، أعلن وزراء البيئة العرب في العاصمة التونسية، الرابع عشر من تشرين الأول (أكتوبر) ليكون “يوم البيئة العربي” من كل عام، لكن هل يكفي إعلان ليكون العرب أكثر انخراطا في قضية البيئة؟
لم يتمكن إلا عدد قليل الدول العربية من مجاراة القضايا البيئية، عملا ومتابعة واستشرافا لحاضر ومستقبل، ولا سيما منها بعض دول الخليج والمغرب الذي يستضيف قمة المناخ “كوب 22” الشهر المقبل، وهو متوج بإنجاز عالمي متثمل بأكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم “محطة نور” في مدينة ورزازات، فضلا عن الإمارات العربية المتحدة التي سلكت مسار الاستدامة كخيار استراتيجي يطاول كافة مرافقها، إضافة إلى بعض الدول التي ترسخ مفاهيم بيئية كالكويت وسلطنة عُمان، لكن ماذا عن باقي الدول العربية؟ من لبنان إلى سوريا والعراق ومصر، وصولا إلى موريتانيا المهددة عاصمتها نواكشوط بالغرق، وماذا عن الحروب التي تهدد ثروات الدول العربية ومناخها ومواردها؟
ولا ننسى أن الدول العربية الثرية بالنفط والغاز، تعتبر من أبرز الملوثين، وبعضها يطل باستحياء على قضايا المناخ، ويناور هربا من الالتزام بنسبة الانبعاثات.

البيئة والتنمية

جاء قرار الاحتفال بـ “يوم البيئة العربي” بعد أن أصدرت جامعة الدول العربية في 22/9/1986 القرار رقم 4738، الذي نص على تأسيس مجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة، بهدف تنمية التعاون العربي في مجالات شؤون البيئة، وتحديد المشكلات البيئية الرئيسية في الوطن العربي، وأولويات العمل اللازمة لمواجهتها فضلا عن دراسة العلاقات المتشابكة بين البيئة والتنمية.
ومن المفترض أن تساهم هذه الاحتفالية السنوية في معالجة بعض المشكلات البيئية، من تلوث الهواء ووقف التعدي على المساحات المائية البحرية، والحد انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، والتحول نحو مصادر الطاقة المتجددة، ووقف التعدي على المساحات الخضراء لصالح “ثقافة الاسمنت” والتوسع العمراني على حساب الموائل الطبيعية البرية والبحرية، فضلا عن تلوث المياه والهواء والغذاء.

العمل فرادى

وأقر وزراء البيئة العرب أن يكون الإحتفال بهذا اليوم تحت شعار خاص، إلا أن كل دولة اختارت هذا العام شعارا مختلفا، ولم تعلن سوى ثلاث دول الاحتفال بهذا اليوم رسميا، وهي السعودية وسلطنة عمان والأردن، حتى ولو اطلت دول معلنة إحياء هذه المناسبة في اليومين المقبلين، فلن يتخطى الأمر، طابع الاحتفال الآني، بحيث لم يتم تظهير المناسبة بعمل مشترك يرقي إلى حجم التحديات الماثلة.
وكان من المفترض أن يكون “يوم البيئة العربي 2016” مناسبة للدول العربية لبلورة مفاهيم واضحة ومحددة، تحضيرا للمشاركة في مؤتمر الأطراف الثاني والعشرين في المغرب الذي سينطلق بعد أسابيع قليلة في مدينة مراكش العربية، إلا أن العرب – مع بعض الاستثناءات القليلة – يؤثرون العمل فرادى، ولا مظلة تجمعهم، فالانقسامات السياسية قوضت الإجماع وانسحبت على الجوانب البيئية، بالرغم من أن ثمة حدودا مشتركة وقضايا واحدة في موضوعي البيئة والمناخ.
من هنا، لن تكون الدول العربية قادرة على الافادة من مؤتمر المناخ في مؤتمر مراكش، ولن تكون قادرة على فرض خياراتها في موضوع التكيف، وتحقيق العدالة المناخية، لجهة دعم الدول العربية الفقيرة بمواردها، بما يساعدها على التحول نحو الطاقة المتجددة!

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This