فيما يستمر انتهاك شاطىء الرملة البيضاء، المتنفسُ الوحيد لأبناء بيروت وساكنيها، نتأكد أكثر من أي وقت مضى، أنَّ مَنِ ائتمنهم الناس على حياتهم ومستقبلهم، هم من يمعنُوا في ارتكابات وسرقات، نجدها اليوم تسدُّ منافذَ الشمس والهواء والبحر عليهم، وسط خطط ومشاريع يتقاسمونها، خصوصا وأن من يسرق محصنٌّ ومحمي من سياسيين ومسؤولين في إدارات الدولة ومرافقها! شفط الرمول وسرقتها، ردم البحر، التعدي على الشواطئ واستباحتها، وكأننا لما نزل في زمن الاحتلال الإسرائيلي وسيطرة الميليشيات والمفسدين من أعداء البيئة والوطن، والفارق الوحيد أن اليوم ثمة دولة، لكنها مسلوبة ومغيبة لصالح بعض زعماء الطوائف ومن دون شعورٍ بالخجل، لا بل “على عينك يا تاجر” يغزون الشواطئ، هم أنفسهم، مافيات المال والمشاريع المفسدة للبيئة سارقة أموال واملاك الشعب بالتكاتف والتعاون مع القوى السياسية المهيمنة والحاكمة، لتتجلى الصورة واضحة لا لبس فيها ينطبق عليهم المثل القائل “حاميها حراميها”

تساؤلات كبيرة منذ حوالي الأسبوعين، وتحديدا بتاريخ 29 أيلول (سبتمبر) الماضي 2016، تعرض شاطىء الرملة البيضاء، وتحديدا في إطار العقار 3689 حيث سيقام المشروع المخالف للقوانين والأنظمة المرعية الاجراء EDEN BAY RESORTلسرقة رموله، شاحنات تتوجه نحو الشاطئ لتخرج محملة بالرمول، وتتجه نحو أحد المعامل والمستودعات في مدينة الشويفات، هذا ما وثقته الصور والفيديوهات، لينتشر الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وقد أبلغت القوى الأمنية بالأمر وتوجهت احدى الدوريات واوقفت الاعمال الجارية على العقار، لكن الشاحنات عاودت العمل بالوتيرة السابقة بعد ان شرعت الشركة المطورّة للمشروع “عاشور ديفولبمنت” أعمالها لدى القوى الأمنيّة الممثلة بمفرزة شواطئ بيروت في وحدة الشرطة، بذريعة امتلاكها لهذا العقار، وبأنها استحصلت على رخصة بناء من المراجع المختصة لا سيما محافظ مدينة بيروت، ولكنها لا تملك رخصة حفر وجرف ونقل هذه الرمال البحريّة، وبناءً عليه سمحوا لها بمتابعة أعمال إستخراج الرمول من العقار دون اخراجها من المنطقة، واضعين أنفسهم مكان صاحب العلاقة الأصلي أي وزارة النقل. مع العلم ان هذا العقار هو موضع خلاف، فموقعه وسط الاملاك العامة البحرية بطبيعتها ووجود الرمول البحرية فيه حتى عمق ما توصّلت اليه الجرافات أمر يثير تساؤلات كبيرة وعديدة ويُثبت ان طبيعة ارضيته هي رمليّة كما الشاطىء الرملي ويتطلب تدخل الوزارات المعنية والمديرية العامة للنقل البري والبحري، ووزارة البيئة، وكذلك الأمر بالنسبة لوزارة الطاقة والمياه بعد أن نبعت او نزّت المياه من أرض العقار، ويرجح أن تكون مياهً عذبة.

المدير العام للنقل البحري والبري في وزارة الاشغال العامة والنقل، عبد الحفيظ القيسي ارسل الى المديربة العامة لقوى الأمن الداخلي كتابا في اليوم الثاني، طلب فيه وقف أشغال حفر وجرف ونقل الرمول من العقار واعادة جميع الرمول المستخرجة حتى اليوم من داخل العقار نفسه كما من على شاطىء الرملة البيضاء في بيروت، إن كان قد تمّ سرقتها أي مخزّنة خارج المنطقة اوحتى منقولة فقط الى أرض العقار المجاور، ولكن حتى الساعة ما زال العمل قائم على شفط وإزالة الرمول من أرض العقار وتجميعه خارجه، وقد وصلت الكمية المستخرجة من الرمال والمنقولة من العقار الى خارجه حوالي الـ 10000 م3 نصفها تقريباً نُقل الى معمل الشويفات ولم يعد الى الشاطئ حبة رمل واحدة.

الحركة البيئية

وسط التعديات المستمرة، انطلقت حملة استنكار واحتجاج من قبل الجمعيات الاهلية والبيئية والمجتمع المدني واهالي بيروت، وأشارت “الحركة البيئية اللبنانيّة” إلى أنها طالبت النيابات العامة القضائية أن تضع يدها على ملف سرقة الرمال، ودعت “كافة أطياف المجتمع المدني والأهالي الوقوف بوجه هذه الجريمة المجزرة فوراً”.

فضيحة

وما يرقى إلى مستوى فضيحة، ما وثقه ناشطون بالصور، فواحدة منها تبدو فيها سيارة للقوى الأمنية في موقع محمد وسام عاشور الذي يزيل الرمول، وينقلها من العقار ٣٦٨٩، وهذا بعض ما يفسر استمرار شفط الرمول بوجود القوى الامنية وحتى بعد مغادرتها المكان، وهذا ما يفسر أيضا عدم اكتراث عاشور، مع غياب محافظ بيروت ولجنته الفنية والنيابات العامة، وإذا ما استمرت الأمور على ما هي عليه، فلن يبقى لبيروت شاطىء رملي، فمن يعيد آلاف الأمتار المكعبة من الرمول التي اخرجت وخزنت في مستودعات الشويفات الخاصة بـ “شركة جهاد العرب”، كما أشار ناشط بيئي لموقعنا greenarea.info.

نجيم: حرامية

وأشار المنسّق العام لـ”الإئتلاف المدني” رجا نجيم لـ greenarea.info إلى أن “وزارة النقل أصدرت كتابا الى وزارة الداخليّة يقضي بوقف الأعمال فوراً وعدم سحب الرمول، والمديرية العامة للنقل البري والبحري أصدرت بدورها كتابا طلبت فيه إعادة الرمول التي تم سحبها من العقار والتي تم تهريبها”، لافتا إلى أنه “لا يحق لأحد القيام بمثل هذا الأمر، لأنه لا بد من أخذ الموافقة للتصرف بالرمول”، وقال نجيم: “يبدو أنهم غير مهتمين فوزارة الداخلية وفرت لهم الدعم، وكذلك قوى الأمن الداخلي بشخص مديرها العام اللواء (إبراهيم) بصبوص الذي يدعمهم، وأيضا الوزير نهاد المشنوق وبلدية بيروت ورئيسها ومحافظ بيروت، مصلحة الهندسة لا تراقب ولا تعاين المكان وهي أيضا تدعمهم”.

وأكد نجيم أن “المرتكبين مدعومون لمخالفة القانون”، منوها إلى أن “لدينا مجموعة من المسؤولين من المفترض أن يطبقوا القانونوحمايتنا وحماية مال الشعب، لكن هم من يسهلون عمليات سرقته، وباختصار هم (حرامية)”. قمّة الفساد وقال نجيم: “أود أن أرد على ادعاء عاشور، بأنّه حصل ضمن رخصة البناء على الإذن بأن يقوم بتنظيف العقار، وانّ الرمول (البحريّة) التي يُزيلها هي ضمن هذه المهام التي حدّدها له المحافظ، فإذا كان هذا صحيحا نسبة للمحافظ (أي إعتبار ان إذن التنظيف يشمل إزالة الرمول) يمكن لنا حينها ان نُعلن بأعلى الصوت، أنّ هذا المحافظ هو “قمّة الفساد” وحتى لو لم يعطِ هكذا إذن، فاليوم وقد أعلم بادعاءات عاشور يصبح المحافظ من جديد ، شريكاً ومتواطئاً مع عاشور في سرقة أموال الشعب، إذا لم يقوم فوراً بتوقيف هذه الأعمال وتحويل المسؤولين على التحقيق لمحاسبتهم” .

ولفت نجيم إلى أن “الرمول هي كما الآثارات والمباني التراثيّة، عقوبة المس بها جزائيّة، كما ان العقارات الأربعة المدموجة ضمن العقار 3689، ممنوع البناء عليها بأكملها، ويجب ان تبقى كما هي ضمن الشاطئ الرملي لصالح عامة الناس ، لذلك على النيابات العامة كما التفتيش وسواها من السلطات القضائية المختصة ان تضع يدها على هذا الملف، وان تقوم بتحقيق موسّع يؤدي الى محاسبة المخالفين أو الفاعلين أو المشتركين”.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This