لم تثنِ معاناة الشعب الفلسطيني مؤسسات المجتمع الأهلي والناشطين والناشطات في سبيل قضايا البيئة، عن الاضطلاع بدورهم، لتكون فلسطين حاضرة في قلب معادلة المناخ، خصوصا وأنها تواجه تبعات مضاعفة في هذا المجال، ناجمة عن الحجم الهائل للانبعاثات من ثاني أوكسيد الكربون، مصدرها إسرائيل، لا سيما خلال العقود الأخيرة الماضية، ما خلف آثارا كبيرة ومباشرة ساهمت في ارتفاع درجات الحرارة ونسب التلوث في المياه والهواء والتربة في المناطق الفلسطينية، بالرغم من أن بعض العلماء الأجانب عزوا تخطي ظاهرة ارتفاع الحرارة في فلسطين لأكثر من المتوسط العالمي، إلى طريقة احتساب متوسط التسخين العالمي، دون احتساب الأضرار الناجمة عن الممارسات الإسرائيلية، خصوصا لجهة استخدام الفحم في توليد الطاقة.

وبحسب الموقع الفلسطيني “وطن للانباء“، فإن إسرائيل تولد معظم طاقتها الكهربائية بطرق بدائية قديمة وخطيرة وملوثة جدا للبيئة الفلسطينية، وتحديدا من الفحم الذي يُحْرَق لتوليد الكهرباء، وتؤدي عملية حرق الفحم إلى انبعاث كميات كبيرة من الملوثات المسببة لأمراض خطيرة، وارتفاع نسبة الوفيات في المناطق المحيطة بمحطات الطاقة العاملة على الفحم، فضلا عن تسببها في ارتفاع نسب الاحتباس الحراري، وبالتالي تسريع التغيرات المناخية التي تشهدها فلسطين.

ويعد إنتاج الكهرباء في إسرائيل والقائم أساسا على حرق الفحم، مصدر نحو 60 بالمئة من إجمالي الانبعاثات الغازية الإسرائيلية المدنية، وينبعث من إسرائيل أكثر من 12 طن غازات دفيئة للفرد سنويا، أي أكثر من المتوسط للفرد في الدول الأوروبية، والبالغ 10.5 طن.
وفي المقابل، قدر إجمالي حصة الفرد الفلسطيني من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون في الضفة والقطاع بحوالي 1.03 طن/فرد سنويا، فيما تسببت الحروب التي شنتها إسرائيل في السنوات الأخيرة، فضلا عن المناورات والتدريبات والعمليات العسكرية اليومية الموجهة ضد الفلسطينيين والعرب في فلسطين ولبنان وغيرهما، في انبعاث مئات ملايين الأطنان من ثاني أوكسيد الكربون وسائر غازات الدفيئة.

 

من أجل العدالة المناخية

 

حيال هذا الواقع، أطلقت أواخر الشهر الماضي أيلول (سبتمبر) مجموعة من المؤسسات الأهلية الفلسطينية “الائتلاف الفلسطيني من أجل العدالة المناخية”، ويضم إثنتي عشر مؤسسة، هي: اتحاد لجان العمل الزراعي، شبكة المنظمات البيئية، الإغاثة الزراعية، معهد الأبحاث التطبيقية، جمعية حماية المستهلك، جامعة النجاح الوطنية، مركز العمل التنموي، مركز أبحاث الأراضي، مركز بيسان للبحوث والانماء، مجموعة الهيدرولوجيين الفلسطينيين، اتحاد جمعيات المزارعين ومؤسسة لجان التنمية والتراث، فضلا عن عدد من المختصين والاستشاريين والناشطين في مجال البيئة والتغير المناخي.

وأكدت المؤسسات الأهلية أن الإعلان عن انطلاق الائتلاف جاء نتيجة بروز قضية المناخ كأولوية هامة لدى عدد من مؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية، من خلال مشاركاتهم في مؤتمرات الأمم المتحدة الذي يعقد كل سنة لمناقشة قضية التغير المناخي، وإقرار إجراءات للحد من هذه الظاهرة، وضعف المشاركة الفلسطينية التي لم تعكس حقيقة ما يعانيه الشعب الفلسطيني بسبب التغير المناخي، الذي يتضاعف أثره في ظل وجود الاحتلال الاسرائيلي، بسبب غياب التنسيق ما بين مؤسسات المجتمع المدني والحكومة الفلسطينية، ولأن الجهود الفردية لا تحقق مبتغاها لرفع القضية الفلسطينية في المحافل الدولية، ولا تشكل ضغطا على صانعي القرار لزج القضية في بياناتهم وقراراتهم بهدف توحيد الجهود وتعزيز التنسيق بين مؤسسات المجتمع المدني، وصولاً الى مشاركة فلسطينية حقيقية في مؤتمرات المناخ القادمة.

وبحسب الائتلاف، فإن هذه الخطوة تهدف الى رفع مستوى الاهتمام العام تجاه مسألة التغير المناخي، والتناغم مع الحراك العالمي حول العدالة المناخية، إضافة إلى التعبير عن موقفنا الواضح بأن اتفاقية باريس (لعام 2015) جسدت المصالح السياسية المحلية الضيقة للدول الصناعية الرأسمالية، وبخاصة الولايات المتحدة التي لا تزال حتى يومنا هذا تعارض بقوة فرض أهداف محددة للانبعاثات، فضلا عن أن نص اتفاقية باريس لم يحمّل الدول الصناعية الغربية المسؤولية الأساسية في الانبعاثات الغازية، وبالتالي إجبارها على الالتزام بتخفيض الانبعاثات بنسب كمية كبيرة واضحة تتناسب مع الحقائق العلمية، كما أن الاتفاقية لا تمنح الشعوب والمجتمعات البشرية التي تقف في جبهة المواجهة الأمامية للتغيرات المناخية أملا حقيقيا، لأن التزام الدول (وبخاصة الرأسمالية الغربية) التي أوصلتنا إلى حافة الخطر الوجودي غير كاف وضعيف نسبيا. والأهم من ذلك، لم يساهم مؤتمر باريس في بلورة تعهد غربي، في أي اتفاق مستقبلي، بكسر احتكار المعرفة العلمية والتقنية الخاصة بالسلع البيئية، والتعهد الملزم قانونيا بتقديم المعلومات عن التكنولوجيا النظيفة.

 

انتهاكات الاحتلال المدمرة للبيئة

 

ويتطلع الائتلاف الى البحث في سبل التخفيف من آثار التغير المناخي، وايجاد حلول تسهم في تعزيز صمود المواطن الفلسطيني على أرضه، كذلك مراجعة السياسات الدولية التي أقرت في السابق للحد من آثاره، وتعبئة ثغراتها بقرار جماهيري موحد يرفع اسم فلسطين في المحافل الدولية، بالإضافة الى عقد ورش عمل وورشات تدريبية تعنى بموضوع التغير المناخي، ورفع وعي المواطن الفلسطيني بالأخطار المحدقة في ظل استمرار التجاهل الدولي والمحلي لانتهاكات الاحتلال المدمرة للبيئة، وللنظام الإيكولوجي والمناخي.

ويهدف الائتلاف إلى التواصل مع المنظمات المحلية والدولية لتوحيد الجهود، وتعزيز التنسيق لتشكيل قوة ضاغطة على صانعي القرار لإيجاد حلول وفرضها على دولة الاحتلال بوقف انتهاكاتها بحق البيئة التعاون والتشارك لتنفيذ مشاريع وبرامج صديقة للبيئة، تسهم في الحد من آثار التغير المناخي ومساعدة المواطن الفلسطيني وبالأخص الفلاح الفلسطيني للتكيف مع آثار، وترشيح أعضاء من الائتلاف لرفع الموقف الفلسطيني والبيان الموحد الصادر عن فلسطين أجمع، والخاص بقضية التغير المناخي في مؤتمرات المناخ العالمية، والتحضير للنشاطات الجانبية التي تعقد على هامش هذه المؤتمرات، والتي تسهم في رفع وعي آلاف المشاركين في هذه المؤتمرات بواقع فلسطين تحت الاحتلال.

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This