هل تجد موريتانيا الدعم في “مؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن التغيرات المناخية COP22، الذي تستضيفه في مدينة مراكش بين 7 و18 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل؟ وهل ستجد مؤازرة بمستوى ما تواجه من تحديات كونها الأكثر تضررا من تغير المناخ بين الدول العربية؟
حتى الآن ليس ثمة ما يؤكد أن هذا البلد الأفريقي سيكون حاضرا بقوة في مؤتمر “كوب 22″، أي بمستوى ما فرضته عليه التطورات الدراماتيكية بسبب تغير المناخ، إلا من خلال توجهات عامة عنوانها القارة الأفريقية الأكثر تضررا من تغير المناخ والأقل تلويثا، فالقارة السمراء تعتبر من المناطق الأقل مساهمة في انبعاثات الغازات والأكثر تأثرا بها، وهذا ما دفع منظمة الأمم المتحدة إلى تقديم منح سنوية حتى عام 2050، تقدر بـ 40 مليون أورو، فضلا عن أن فرنسا اتخذت في وقت سابق قرارا برفع مساعداتها لمحاربة التصحر في أفريقيا، ليصل إلى مليار يوورو عام 2020، فيما وعدت الدول المتقدمة بتقديم 10 مليار دولار لدعم الطاقة الخضراء بحلول سنة 2020، لكن هل يكفي كل ذلك لتجنيب موريتانيا وبلدانا أخرى الكارثة؟ وهنا لا بد من الإشارة إلى أن التغيّرات المناخية تهدّد العاصمة نواكشوط، مع ارتفاع مستوى سطح البحر، بالإضافة إلى عوامل أُخرى كالتعرية واستنزاف الحزام الرملي وتشبع التربة بالمياه.
زحف الرمال
ولا تقتصر التهديدات التي تواجه موريتانيا على غرق عاصمتها نواكشوط فحسب، وإنما ثمة مخاطر ناجمة عن زحف الكثبان الرملية بفعل التصحر والعواصف الرملية والتعرض لعوامل التعرية، فبحسب تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو”، فإن المعالم التراثية، ومن بينها القصور الأثرية في المدن التاريخية في موريتانيا، المصنفة ضمن مواقع التراث العالمي، معرضة لزحف الصحراء.
وأوضح التقرير، الذي شارك في إعداده برنامج الأمم المتحدة للبيئة واتحاد العلماء المهتمين في الولايات المتحدة الأميركية، أن مدينة شنقيط من بين ثلاثة مواقع للتراث العالمي في المنطقة العربية تواجه تأثيرات تغير المناخ، خصوصاً الرمال والحر الشديد والعواصف المطرية الهوجاء التي تهدد بإتلاف المباني القديمة والعمارة الطينية وتؤدي لتآكل التربة.
وكان المعهد الموريتاني للبحث والتكوين المتخصص في مجال التراث الموريتاني، قد أكد مؤخراً وجود 20 موقعاً أثرياً في موريتانيا، منها المدن الأثرية القديمة، تحتاج إلى عناية وحفريات جديدة، داعياً إلى ضرورة تكاتف الجهود لتوسيع وتعميق دائرة البحث المتعلق بهذه المدن والكهوف والأنفاق المجاورة لبعضها، خاصة مدينة أوداغست.
العدالة المناخية
تشير تقارير دولية إلى أن كلفة التدهور البيئي في موريتانيا تمثل 14 بالمئة من الناتج الوطني المحلي، في وقت تحتاج موريتانيا إلى نحو 17 مليار دولار أميركي حتى عام 2030، لمواجهة تغير المناخ والتكيف معه. ويطالب بحماية التنوع البيئي، ووضع خطط عاجلة لمواجهة تغيّر المناخ، على أن تكون الأولوية للفئات الفقيرة والمهمشة، وإشراك منظمات المجتمع المدني في هذه الجهود.
ومن هنا، ستكون ثمة نقاشات في “كوب 22” حول التكيف وتحقيق “العدالة المناخية”، استكمالا لما تم التوصل إليه في “كوب 21” في باريس، ولا يمكن أن تتحقق “العدالة المناخية” إلا من خلال الدول المتقدمة، أي تلك حققت رفاهية مجتمعاتها منذ الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر على حساب المناخ، إذ عليها توفير الموارد المالية والتقنية التي تمكن دول أفريقيا من تنفيذ برامج التكيف.
وتبقى موريتانيا، نموذجا صارخا يمثل معظم بلدان أفريقيا، فضلا عن الدول الجزرية الفقيرة بمواردها، فهل سيتمكن “كوب 22” من تحقيق آمال القارة السمراء؟