تعتبر دولة قطر واحدة من أكبر دول العالم من حيث غناها في أعداد أسماك “قرش الحوت” Whale Shark التي تعيش في مياهها الإقليمية، ولا سيما في منطقة تعرف باسم “حقل الشاهين”، وذلك بحسب دراسات وإحصاءات حديثة، صدرت عن مراكز أبحاث عالمية بالتعاون مع مؤسسات وجهات قطرية معنية بالحياة البحرية.
إلا أن الأهم في هذا المجال يبقى متمثلا في الجهود المفترضة لحماية هذا النوع النادر من تراجع أعداده واندثاره، وهذا ما تنبه إليه المسؤولون عن الحياة الطبيعية في دولة يعتمد اقتصادها بشكل كبير على استخراج النفط والغاز، من البر والبحر، والمعروف أن لهذا الأمر نتائج خطيرة على الحياة البرية والبحرية من جهة، وعلى زيادة نسب التلوث المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري من جهة ثانية.
لكن، تبقى جهود الحماية ضرورية، خصوصا لهذا النوع النادر من الحيتان الضخمة، فضلا عن توثيق التنوع البيولوجي، ومعرفة النظم الايكولوجية، من أجل تحديد السبل والخطط الضرورية للحفاظ على هذه الثروة، وسط ما يهددها من أخطار في ظل ما نشهد من تغيرات في المناخ، فضلا عن الصيد الجائر وغيرها من الممارسات.
أكبر الأسماك على الإطلاق
لا بد من الإشارة إلى أن “القرش الحوت” يعتبر من أكبر أنواع أسماك القرش في العالم على الإطلاق، وطوله قد يتعدى الـ 12.65 مترا، أما وزنه فيمكن أن يصل إلى أكثر من عشرين طنا، وهو النوع الوحيد من الفصيلة المعروفة باسم “رينكودون” Rhincodon والتي تنتمي إلى عائلة Rhincodontidae، وكانت تعرف سابقا باسم Rhinodontes.
تتواجد أسماك “القرش الحوت” في المحيطات الاستوائية والدافئة، وتعيش في البحار المفتوحة، ويصل عُمرها إلى حوالي 70 عاماً، وبحسب علماء الأحياء، فقد ظهر هذا النوع قبل حوالي 60 مليون سنة.
وعلى الرغم من ضخامة أحجامها وكبر حجم فمها، فإنها تتغذى أساساً وإن لم يكن حصراً على العوالق والنباتات الميكروسكوبية والحيوانات والأسماك الصغيرة.
البصمة التعريفية
وكان رئيس قسم الحياه الفطرية بوزارة البلدية محمد المري قد أشار في حديث صحافي الشهر الماضي إلى أن “قطر تعدّ واحدة من أكبر دول العالم في أعداد أسماك قرش الحوت التي تعيش في المياه الإقليمية”، لافتا إلى أن ” أعدادها بلغت نحو 400 قرش تم توثيق تواجدها في (حقل الشاهين)، في الشمال الشرقي للبلاد من خلال البصمة التعريفية لقرش الحوت وتحليل الحمض النووي لها من خلال شراكة بحثيّة مع (شركة ميرسك قطر) استمرّت لمدّة ست سنوات”.
وقال أن تتفرّد قطر أيضاً عن باقي دول العالم بأنها تستضيف قرش الحوت في مياهها الإقليمية لأكثر من خمسة أشهر، تبدأ من شهر أيار (مايو) وحتى نهاية أيلول (سبتمبر)، بينما لا يتعدّى تواجدها في بلدان أخرى سوى 4 أو 5 أسابيع على الأكثر، بالإضافة إلى أن قرش الحوت الذي يصل المياه الإقليمية القطرية يتراوح طوله بين 8 و9 أمتار، ووزنه يصل إلى 13 طناً.
وفرة التنوّع البيولوجي
وأضاف المري أن “هذه الصفات تمّ الكشف عنها من خلال الجهود البحثيّة والتي جعلت مشروع قرش الحوت محط أنظار الباحثين من كافة أنحاء العالم”، لافتا إلى أن هذا المشروع “حقق نتائج مذهلة خلال السنوات الست الماضية، من خلال جهود دؤوبة قام بها فريق من الباحثين والخبراء”.
وبحسب المري أيضا، فقد تم نشر بعض هذه النتائج في المجلات العلميّة الدولية وأن هذه النتائج التي توصل إليها المشروع بالغة الأهمية لتوثيق وفرة التنوّع البيولوجي للمخلوقات البحرية في المياه القطرية، لا سيما تلك التي توجد في المنطقة المجاورة لـ “حقل الشاهين”.
وأكد على ضرورة حماية هذه المخلوقات الضخمة، والحفاظ عليها ليس في “حقل الشاهين” فحسب، وإنما على مستوى العالم أيضاً.