أظهرت قضية السلحفاة البحرية “لاكي” Lucky التي تبنَّـى موقعنا greenarea.info و”جمعية Green Area الدولية”، متابعة وضعها منذ العثور عليها على شاطىء الرميْلة القريبة من مدينة صيدا اللبنانية الساحلية، أن الكائنات البحرية في لبنان متروكة لمصيرها، ليس في ما تتعرض له من اعتداءات فحسب، وإنما في عدم وجود هيئة معنية بمتابعة أوضاعها، على نحو ما هو قائم في دول عربية وخليجية، فضلا عن دول أوروبية متوسطية.

فعلى سبيل المثال، تبدو وزارة البيئة – بالتجربة العملانية – غير معنية لا من قريب ولا من بعيد في هذا المجال، بالرغم من أنها تمكنت من إقرار “اليوم الوطني للسلاحف” قبل سنتين، بتوصية من جمعية “الجنوبيون الخضر”، بحيث تبقى السلاحف والكائنات البحرية الجانحة أو المصابة أو النافقة موضع متابعة بعض الجمعيات البيئية والأهلية، ولا سيما منها “جمعية الأزرق الكبير”، و”نقابة الغواصين اللبنانيين المحترفين”، وجمعية Animal Lebanon  فضلا عن ناشطين ومتطوعين.

 

غياب الرؤية والتخطيط

 

وهنا، لا بد من التنويه بشكل خاص بالجهود الكبيرة التي يبذلها عناصر الدفاع المدني في مركز الجية – الإنقاذ البحري، وهم جنود مجهولون ما توانوا عن دعم ومساعدة، حتى أن السلحفاة “لاكي” ما تزال في عهدتهم، يتابعون رعايتها منذ أشهر عدة، فضلا عن إنقاذ عشرات السلاحف المصابة أو العالقة في شباك الصيادين طوال موسم صيف 2016 وقبله في أعوام سابقة.

يتذرع المسؤولون أن ليس ثمة إمكانيات لإقامة مراكز متخصصة لمعالجة السلاحف والثدييات البحرية في لبنان، علما أن المشكلة تتمثل في سياسة الهدر، وغياب الرؤية والتخطيط، خصوصا وأن مثل هذه المراكز يتطلب إنشاؤها وجود قناعة لدى الوزارات المعنية بأنه آن الأوان لاستحداث هيئة ناشطة معنية تناط بها هذه المهمة، وأن تكون مسؤولة عن المراكز المطلوب استحداثها، ومثل هذا الأمر، في ما لو توفرت الشفافية لا تتطلب أموالا كبيرة، فضلا عن أن هناك العديد من المؤسسات الدولية مستعدة للمساهمة، شريطة أن تتيقن بأن ثمة إرادة حقيقية لدى المسؤولين في الدولة لإيلاء مثل هذا الأمر أهمية، للحفاظ على التنوع الإيكولوجي.

 

تفعيل دور القضاء

 

وتبقى قضية السلحفاة “لاكي” نموذجا يستحضر تقاعس الدولة، وغيابها، إلا في ما ندر من خطوات وإجراءات لا تتعدى “رفع العتب” لا أكثر، وهي في الوقت عينه قضية تمثل إطارا فاضحا، على مستوى حماية الكائنات البحرية المهددة، التي نتغى بها وبأهميتها دون ترجمة عملية ترتقي إلى مستوى ما تواجه من مخاطر.

وتبقى قضية السلحفاة “لاكي” قضية من الضروري أن يصار معها إلى تفعيل دور القضاء عبر النيابات العامة البيئية، وأن لا تسجل حوادث الاعتداء على الكائنات البحرية ضد مجهول هو في غالب الأحيان “معلوم”.

 

الوقت بدأ يضيق

 

ما تزال السلحفاة “لاكي” في مرفأ الجية، وما زلنا كموقع greenarea.info نتابع وضعها يوما بيوم، بالتعاون مع “جمعية Green Area الدولية” وبعض الجمعيات الأخرى، ولا سيما منها Animal Lebanon ، التي أخذت عاتقها بالتنسيق مع وزارة الزراعة معالجتها، وصولا إلى تسفيرها لاستكمال علاجها وتأهيلها في منشأة يونانية متخصصة بالسلاحف البحرية.

إلا أن ثمة عقبات حالت حتى الآن دون تسفيرها، علما أن الوقت بدأ يضيق مع اقتراب الشتاء، ولا بد من إيجاد حل سريع يرفع عبء متابعتها عن عناصر الدفاع المدني المتطوعين، علما أنه في إطار متابعتنا لما آل إليه وضعها، فهي تتماثل للشفاء، ولكن ببطء، فقد باتت قادرة على الغوص، ولكن دون مستوى مطمئن، ما يحول دون إطلاقها في البحر، خصوصا وأن المحاولات تتركز الآن على تحفيزها على تناول الطعام دون مساعدة.

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This