تعرضت مساحات شاسعة من المناطق الرعوية في الدول العربية لتدهور شديد في الغطاء النباتي، وذلك بفعل العديد من العوامل البشرية والمناخية، وقد قدر البعض أن 20 بالمئة من مراعي الوطن العربي مخربة، وأن 50 بالمئة تعتبر مراعٍ متدهورة وفقيرة، وأن 20 بالمئة تعتبر مراعٍ جيدة، وحوالي 10 بالمئة فقط تعتبر مراعٍ ممتازة.

تعد الغالبية العظمى من أراضي المراعي الطبيعية في سوريا متدهورة بسبب تعرضها للاستثمار غير المرشد من قبل الانسان، فقد أدى الرعي الجائر والاحتطاب للأشجار والشجيرات، وفلاحة الأراضي الهامشية بهدف زراعة القمح والشعير إلى تغير كبير في الغطاء النباتي، وبالتالي جفاف المواقع وتسريع الانجراف، ومن ثم تصحر أجزاء عديدة وزيادة السبخات الملحية في المنخفضات المغلقة. وقد أصبح الوضع أكثر سوءاً في المناطق الجافة والشديدة الجفاف، بحيث أدى غياب الغطاء النباتي إلى انجراف التربة وزيادة العواصف الترابية، وتشكل الكثبان الرملية في بعض المناطق وانتشار أنواع أقل أهمية من الناحية العلفية، وذات إنتاجية أقل قيمة واستقراراً وانتشار نباتات سامة وشوكية مثل الحرمل PEGANUM HARMULA والحنظلCitrullus colocynthis  وأنواع العرن Hypericum spp.

تعرف النباتات السامة بأنها الأنواع النباتية التي تسبب للإنسان والحيوانات المختلفة عند التغذي بها أعراضاً مرضية مصحوبة بتهيج وتوعك أو تحسس جلدي، قد ينتج عنه عواقب صحية مختلفة تظهر مباشرة أو بعد فترة وجيزة نتيجة تراكم المواد السامة في أنسجة الكائن الحي. يصعب تقدير الأضرار الناجمة عن النباتات السامة في سوريا، وذلك بسبب عدم توفر حصر دقيق لها وتوزعها من جهة، وعدم توفر بيانات دقيقة عن حالات التسمم الناجمة عن هذه النباتات من جهة ثانية.

تشير البيانات في استراليا إلى أن الخسائر السنوية الناجمة عن تسمم الأغنام تفوق الـ 100 مليون دولار، كما قدرت الخسائر السنوية التي تلحق بالأبقار في ولاية كوين لاند لوحدها 10 مليون دولار، وما يزيد من خطورة النباتات السامة ما يمكن أن تلحقه بالإنسان وبخاصة الاطفال الذين يتعرضون أكثر من غيرهم للتسمم بها.

يعد الحرمل نبات متوسط إلى عالي السمية، وينمو النبات برياً في معظم بلدان الوطن العربي، خصوصا في المناطق الصخرية في البيئات ذات المطر الوفير نسبياً، وينتشر بشكل واسع في البادية السورية، كما أنه من أهم سلبياته أنه يزداد وفرة في الاراضي المتدهورة بيئياً بسبب الرعي الجائر وكسر أراضي البادية بالفلاحة، والضغط على المراعي بحمولات حيوانية كبيرة فيزداد وجوده بسرعة على حساب النباتات الرعوية المستساغة، ذلك لأن الحيوانات تتجنب التغذي عليه في الأحوال الطبيعية لما يسببه لها من اضطرابات عصبية كالتهيج وربما الشلل إذا أكلت كميات كبيرة منه، كما يسرع التنفس ويخفض ضغط الدم ويسبب الهبوط العام وارتخاء العضلات. وهذا ما يؤدي إلى الهروب منه وزيادة الضغط على نباتات المراعي الأخرى بسبب استساغتها من الحيوانات، مما يؤدي عند الضغط الشديد عليها إلى تدهورها وزوالها، وبالتالي كلما غزا الحرمل أرضاً انخفضت قيمة مراعيها.

وقد أجريت دراسات عديدة على نبات الحرمل لاستخدامه كمبيد حشري، حيث أشارت الدراسات إلى أن مستخلص أوراق نبات الحرمل أثر معنوياً على نسبة القتل لبيوض ويرقات البعوض، كما أظهرت دراسة أخرى أن المستخلص الإيثانولي لبذور الحرمل أدى إلى إحداث نسب هلاك في الحشرة الكاملة لسوسة الرز، بحيث تجاوزت 26 بالمئة بعد ثلاثة أيام، كما ذكر آخرون أن مستخلصات الحرمل أثرت معنوياً على معدل هلاك الأدوار غير البالغة للذبابة المنزلية.

إن إجراء أي عملية تحسين لمرعى ما متدهور، يستدعي في البداية تحديد الوضع الراهن للمنطقة المستهدفة قبل الاستزراع، وذلك لمعرفة طاقة المرعى في ما يتعلق بخصائص التربة والمناخ، وكذلك الغطاء النباتي من أجل وضع خطة إدارة مناسبة تضمن تحقيق الأهداف المرجوة.

تلعب درجة تدهور المرعى ونوعية النباتات الغازية المنتشرة فيه، وتأثيرها على النباتات المراد استزراعها دوراً كبيراً في تحديد الاجراءات الواجب اتخاذها لدى التحسين، ومن هنا يتم البحث ضمن رسالة ماجستير في جامعة دمشق كلية الزراعة، في دراسة تأثير وجود الحرمل كنبات غازٍ على إنبات أنواع من الرغل Atriplex عالي القيمة العلفية الذي يعتبر مصدرا علفيا أساسيا في تغذية الحيوانات في المناطق الجافة، خصوصا في فصلي الصيف والخريف قبل نمو الأنواع العشبية، فضلاً عن محتواه العالي من البروتين الخام والعناصر المعدنية وفيتامين E، وتستعمل هذه الأنواع عادة لإعادة تأهيل المناطق المتدهورة، نظراً لقدرتها على تحمل الجفاف وتخزين الأملاح في نسجها، وذلك عن طريق تحضير مستخلصات مائية وبقايا نبات الحرمل  ودراسة تأثيرها على أنواع الرغل، ومنه تقييم أداء بعض أنواع الرغل الهامة في تحمل ومنافسة نبات الحرمل، بهدف الإفادة منها في إعادة تأهيل المراعي الطبيعية المتدهورة التي يغزوها الحرمل.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This