علم موقع greenarea.info أن وزير البيئة محمد المشنوق أعد كتاباً لوزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، يدعو الى التريث في تنفيذ التعميم الذي يجيز لرؤساء البلديات والقائمقامين منح تصاريح البناء، نظراً للآثار البيئية السلبية التي قد تترتب عليه نتيجة الزيادة المُحتملة للعمران بشكل غير مناسب لانظمة التنظيم المدني.
وكان وزير الداخلية والبلديات قد أصدر تعميماً يحمل رقم 735/ص.م تاريخ 28/7/2016 (عدّل بموجب القرار رقم 879 تاريخ 6/10/2016)، يتعلق بالإيجاز وخلال مدة ستة اشهر من تاريخه لرئيس البلدية والقائمقامين في القرى التي ليس فيها بلديات، منح تصاريح لبناء طابق واحد، لا تتجاوز مساحته 150 مترا، فقط لمالك العقار أو أحد فروعه أو أحد أصوله، أو في شيوع شرط الحصول على 75 بالمئة من موافقة اصحاب هذه الشيوع على حصتهم.
ويعد هذا التعميم الثالث من نوعه منذ تولي المشنوق حقيبة الداخلية والبلديات، الأوّل ورقمه 613/ص م بتاريخ 5\5\ 2014، والثاني رقمه 770\ص م بتاريخ 9\10\2015.
ملخص هذه التعاميم المتكررة تجيز للبلديات إعطاء رخص بناء دون العودة إلى المكاتب الفنية في الأقضية. ويعلل المرسوم اسباب منح هذه التصاريح تفشي ظاهرة مخالفات البناء دون أية ضوابط أو معايير، مع عدم إمكانية تطبيق قانون البناء الرقم 646/2004 في بعض جوانبه، وبانتظار صدور تشريع جديد.
وتقول وزارة الداخلية ان التعميم الأخير جاء ليحل المشكلات التي نتجت عن التعاميم السابقة. وتسهيل أمور الناس الراغبين في البقاء في مناطقهم، خصوصا فئة الشباب الذين لا يستطيعون السكن في المدن ولا في العاصمة، وحل مشكلة العقارات التي عليها بعض الاشكالات، مثل عدد كبير من العقارات غير الممسوحة أو ليست محددة ملكيتها.
وعادة ما تستغل البلديات هذه التعاميم وتحولها الى تجارة مربحة، مقابل بدلات مالية أو مقابل شراء الولاء وأصوات الناخبين، وليس الى تطبيق التعميم في بناء صغير على أراض يملكونها.
ومعلوم ان هذا النوع من التصاريح يؤدي الى بناء منازل لا يمكن أن تسجل على الصحيفة العقارية، لأنها مشادة في الأساس على عقار لا يمكن أن تعطى لصاحبه رخصة إسكان، وبالتالي يستحيل فرزه وحيازة سند تمليك، ما يؤدي إلى استحالة بيعه أو رهنه أو إنتقاله إلى ورثته من بعده.
ويعارض هذه التعاميم المجلس الأعلى للتنظيم المدني ونقابتا المهندسين في بيروت والشمال، لكنها تفرض كأمر واقع لا يمكن تجاوزه وتؤدي الى فوضى بناء عارمة، وبعض هذه الابنية لا تراعي الحد الادنى لشروط السلامة العامة، وتشكل خطراً على اصحابها، خصوصاً لجهة مقاومة الهزات والزلازل.
وتوجد في لبنان 994 بلدّية، وترجع مسؤولّية إصدار تراخيص البناء لرئيس البلدّية وحده، ويرتكز ترخيص البناء بدوره على موافقة المؤسسة المناسبة، مثل الدوائر الإقليمية للتنظيم المدني التابعة للمديرّية العاّمة للتنظيم المدني، واتحادات البلدّيات والمجلس الأعلى للتنظيم المدني.
وأدخل قانون البناء رقم 646 من عام 2004 عددا من التغييرات إلى القطاع. ويظهر أن بعض هذه التغييرات تحسن قطاع البناء، بينما تراعي أخرى حماية الطبيعة ومساندة البيئة، لكن هذا القانون لا يطبق بالشكل المناسب والكامل، وغالباً ما تلجأ وزارة الداخلية الى مخالفة هذا القانون، بحجة تسيير أمور المواطنين، فيكرسون بناء أبنية مخالفة لأبسط المعايير المتعلقة بالتنظيم المدني والعمراني وتخطيط المسطحات السكنية.
وتوقعت الخّطة الشاملة لترتيب الاراضي ان العمران قد يقضي كل سنة على 10 كلم اضافّية من المساحات الطبيعّية. وغالبا ما يكون البناء في لبنان في المناطق الحرجية وحولها، على حساب الغطاء الأخضر.
ويوصي تقرير “حالة البيئة في لبنان” الصادر عن وزارة البيئة عام ٢٠١٠، بضرورة إصلاح عملية منح تراخيص البناء لمكافحة الغش وممارسات وتطبيقات البناء السيئة. وتشمل التدابير المقترحة: إعادة تصميم عملية ترخيص البناء بتحسين العمليات والتطبيقات، وإنشاء وتوظيف نظام خدماتي جيد في كل دوائر التنظيم المدني المناطقية، توكل بالإشراف التقني على مواقع العمران ومن دون تدخل عناصر الأمن الداخلي. وقد تتدخل دوريّات قوى الأمن الداخلي فقط بعد طلب المكتب المعني في التنظيم المدني اذا اقتضت الحاجة. اضافة الى البحث في دور نقابة المهندسين وتعزيز هذا الدور في تفّحص مواقع البناء والتدقيق فيها، من أجل تأمين المواءمة بين الأشغال والمخططات والترسيمات الهندسية الموافق عليها للبناء، وتشجيع المباني الصديقة للبيئة.