مرَّ “اليوم العالمي لغسل اليدين” Global Hand washing Day، دون فعاليات وأنشطة لترسيخ مفاهيم النظافة، وتكريسها في سلوكيات الناس، ولا سيما الأطفال والأولاد، وإن كان مثل هذا الأمر يبدو من البديهيات بالنسبة للكثيرين، لكن عندما نقف على إحصاءات صادرة عن “اليونيسف” تؤكد أن أكثر 1400 طفل دون سن الخامسة يموتون يومياً، من جراء الإصابة بأمراض الإسهال الناجمة عن عدم توافر المياه الصالحة للشرب، ومرافق الصرف الصحي والنظافة الصحية الأساسية، تصبح لهذا اليوم دلالاته وأهميته.
وللتنويه، فإن لبنان ليس في منأى عن الأخطار الصحية الناجمة عن عدم غسل اليدين، مع وجود بؤر تعاني البؤس والحرمان وانعدام وسائل النظافة، يضاف إليها التلوث الناجم عن النفايات والصرف الصحي، فضلا عن مخيمات النازحين السوريين، ومعظمها يفتقد لبنى تحتية كافية، ورعاية بمستوى حجم المعاناة الماثلة كوجع يومي منذ سنوات عدة.
الوقاية من الأمراض
أقر “اليوم العالمي لغسل اليدين” ويعرف اختصارا بـ GHD للمرة الأولى في الخامس عشر من شهر تشرين الأول (أكتوبر) سنة 2008، من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، وجاء هذا الإعلان الذي حظي باهتمام المنظمة الدولية، بالتزامن مع إعلان الأمم المتحدة عام 2008 عاما دوليا للصرف الصحي، خلال الاحتفال السنوي بـ “الأسبوع العالمي للمياه” الذي استضافته ستوكهولم من 17 إلى 23 آب( أغسطس) من العام نفسه.
ومن أهداف هذا “اليوم” أن تتبنى الدول والجمعيات الأهلية والمؤسسات التربوية، تنظيم حملات واسعة من أجل حث ملايين الناس حول العالم على غسل أيديهم بالصابون، فضلا عن رفع الوعي بأهمية غسل اليدين بالصابون، باعتبارها عاملا أساسيا في الوقاية من الأمراض، وتم إطلاق هذه المناسبة الدولية، من خلال الشراكة العالمية بين القطاعين العام والخاص لغسل اليدين Global Public Private Partnership for Hand washing.
وينصب الاهتمام في “اليوم العالمي لغسل اليدين” على أطفال المدارس، وتعهد مندوبو الدول في الأمم المتحدة، بتوعية أكبر عدد ممكن من أطفال المدارس، لغسل أيديهم بالصابون في أكثر من 70 دولة.
300 ألف طفل قضوا العام 2015
ونشرت منظمة “اليونيسيف” على موقعها في الخامس عشر من الشهر الجاري، أرقاما جديدة، أكدت خلالها أن أكثر من 300 ألف طفل دون الخامسة قضوا العام الماضي 2015، نتيجة التهابات الإسهال المرتبطة بتلوث مياه الشرب والصرف الصحي.
وبحسب المنظمة، فإن أعداداً كبيرة من هذه الوفيات كان في الإمكان تجنّبها بغسل اليدين جيداً بالماء والصابون، إذ يقلل غسل اليدين قبل الأكل وبعد التبرز، من انتشار الأمراض السارية والتي لها تأثيرات بعيدة المدى على صحة الأطفال والمجتمعات المحلية.
الإسهال ثاني أكبر مسبب لوفيات الأطفال
وقال الرئيس العالمي لبرامج المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية لدى اليونيسف، سانجاي ويجيسكيرا “يموت أكثر من 1.4 مليون طفل سنوياً على مستوى العالم، نتيجة أمراض يمكن الوقاية منها بشكل كبير مثل الالتهاب الرئوي والإسهال”، لافتا إلى أن “غسل اليدين جيداً بالصابون قبل الطعام وبعد استخدام المرحاض يحدّ من الإصابة بالإسهال بنسبة 40 بالمئة”.
والمعروف أن الأيدي تعتبر وسيلة رئيسة لنقل الكثير من الأمراض المعدية، إما في شكل مباشر كالملامسة والمصافحة، أو في شكل غير مباشر عبر ملامسة الأشياء المحيطة الملوثة بالبكتيريا أو الفيروسات في الأماكن العامة، ولا سيما منها مقابض الأبواب والسلالم المتحركة وعربات التسوق وأزرار المصاعد والنقود وغيرها.
ووفقاً لليونيسف، يعتبر الإسهال ثاني أكبر مسبب لوفيات الأطفال دون سن الخامسة على المستوى العالمي، ويساهم في ارتفاع خطر التقزم (انخفاض الوزن بالنسبة إلى العمر وتأخر النمو). ومع ذلك، شخص واحد فقط من كل خمسة يغسل يديه بعد استخدام المرحاض على مستوى العالم، وفقاً للمنظمة.
أين وزارات الصحة؟
لم تشهد الدول العربية نشاطات في هذا اليوم، وغابت وزرات الصحة والجهات المعنية، فيما اقتصر الأمر على بعض الجمعيات الأهلية، هذا مع العلم، أن ما يشهده العالم العربي من حروب وويلات، تسبب التهجير والنزوح، وما تعيشه بعض الدول التي تعاني الفقر وانعدام شروط السلامة الصحية.
لا نستغرب أن بعض البرامج التلفزيونية حاولت استطلاع آراء الناس حول “اليوم العالمي لغسل اليدين”، وتبين أن أحداً لم يسمع بهذا اليوم، ما يؤكد أن الحكومات والمؤسسات الرسمية العربية غير معنية بهذا النشاط، رغم أهميته، ولم تسخر له حملات إعلامية وإعلانية، ولا فعاليات تلقي الضوء على أهمية غسل اليدين، درءا للأمراض والحد من نسب الوفيات بين الأطفال والأولاد!