تتآكل يوماً بعد الآخر مساحة الاراضي المزروعة ببساتين الحمضيات في الجنوب، حيث تفتك يومياً مناشير العمال بأشجار البرتقال والحامض والأفندي التي طالما اشتهرت بها منطقة الساحل المحاذية للطريق البحري.
السياسة لم تكن بعيدة عن هذه المجزرة القائمة حالياً، والتي ستظهر نتائجها البيئية الكارثية في المستقبل القريب.
فالتصنيفات للأراضي، خصوصاً في منطقة صور والتي جرت منذ اعوام عديدة وفُصِّلت على مقاس بعض النافذين وأصحاب السلطة في الجنوب، ساهمت في اقتلاع عدد كبير من البساتين بعدما تم دفع رشى كبيرة لتتحول عند التصنيف من اراض زارعية، الى اراض صالحة للبناء.
الظروف الاقليمية لا سيما الحرب السورية، ادت ايضا دوراً كبير في كساد تجارة الحمضيات، خصوصاً بعد اقفال المعابر البرية في سوريا التي تعتبر الممر الإلزامي الأساسي الى الدول العربية، السوق الرئيسية لتصريف انتاج الحمضيات اللبنانية.
بعض اصحاب بساتين الحمضيات دفعته الخسائر المادية التي تكبدها في السنوات الأخيرة الى الارتماء في احضان المستثمرين والمقاولين الذين عمدوا الى شراء بساتينهم بعد اغرائهم باسعار خيالية، ليتم بعدها اقتلاع اشجارها واستبدالها بـ «المحلات» و «المولات» التجارية، كما هو حاصل الان في المنطقة الممتدة من نهر القاسمية وصولا الى منطقة الحوش، والتي تشهد حالياً فورة عمرانية نشطة جداً.
اما البعض الآخر فلجأ الى الزراعات البديلة خصوصاً الخضروات، وفاكهة «الأبوكا» و «القشطة» و «المانغا» بحسب نائب رئيس «جمعية تجار صور» رئيس لجنة الزراعة في «الجمعية» حسن ضاهر، الذي اوضح ان «هذه الزراعات لها مستقبل واعد، كونها لا تزال قليلة في لبنان، ومردودها واسعارها جيدة كونها لا تكفي حتى للسوق المحلية».
ويلفت ضاهر الانتباه الى ان «تكاليف انتاج اشجار الفاكهة الجديدة هذه، متدنية جدا، كونها لا تحتاج الى نسبة مياه كبيرة او الى مبيدات حشرية او اسمدة كيمائية او عضوية، مقارنة بالحمضيات والموز الذي بات يستبدل بدوره حاليا باشجار الفاكهة هذه، نظرا لعدم قدرة التجار على تصدير انتاج الموز الى العراق وتركيا بسبب تدهور الاوضاع الامنية على المعابر البرية السورية، اذ كانت زارعة الموز شهدت اقبالا كبير عليها بعد عدوان تموز 2006».
ويرد ضاهر اسباب اقتلاع بساتين الحمضيات الى عدد من الاسباب، اولها ضعف القوة الشرائية في لبنان، ثانيها كلفة الانتاج العالية (فاتورة كهرباء، مازوت، اسمدة لاسيما المستوردة منها)، وثالثها السوق الخارجية شبه المقفلة بسبب الازمة السورية، إضافة الى غياب الدولة وعدم قيامها بأي خطوات حقيقية لمساعدة المزارعين على تصريف الانتاج.
ويقول إن «اقل دونم ارض اي ألف متر مربع، يكلف حوالى 1000 دولار، ما بين يد عاملة وكلفة استخراج مياه من الابار الارتوازية وأسمدة ومبيدات لمكافحة الأمراض والحشرات»، سائلا «كيف نسترد مصاريف الانتاج الكبيره هذه ولا يوجد اسواق خارجية والاسعار في ادنى مستوياتها محليا؟».
اما زراعة الخضروات وبالرغم من الانتكاسات التي يتعرض لها المزارعون نتيجة العوامل الطبيعية، فتبقى الملاذ الآمن لهم، وهي شكلت البديل المناسب لموسى خليل عون للتعويض عن خسائره التي تكبدها جراء استئجاره (ضمان) 150 دونم ارض، مزروعة باشجار الليمون والحامض والافندي.
ويشير عون، الذي يعمل حاليا على مد خراطيم المياه داخل مساحة كبيرة من الارض اقتلعت حديثا منها اشجار الحمضيات، تمهيدا لغرسها بنبتة «اللوبية» و «الفول»، الى ان زارعة الخضروات اقل كلفة، إضافة الى انه يمكننا زارعة اصناف عدة على مدار العام والاستفادة منها. وهي في ادني الاحوال، تعوض للمزراع كلفة الانتاج، بعكس الحمضيات.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This