يبقى جبل الريحان، هذا الْمِطلُّ الرائع في امتداه الساحر المشرف على مناطق من الجنوب اللبناني، والمضوِّع برائحة هذه النبتة العطرية التي أبت إلا وأن تكون بعضا من هوية هذا الجبل، فارتبطت باسمه، فغدا “للريحان” جبلا وموئلا لأطياف الزهر والنبات، خصوصا وأنه يحفل بتنوع بيولوجي مهم، وغطاء أخضر يضفي إلى جماله جمالا.

 

جبل الريحان

لكن هذا الجبل الذي يضم عددا من القرى والبلدات، متآزرة ومتعاونة، يجمعها “اتحاد بلديات الريحان”، هو كما كل شيء جميل في لبنان، يتعرض للتشويه وسط جشع وطمع العابثين بثرواته الطبيعية، منذ العام 2000 إلى اليوم.

فبعد بعد أن تحرر الجنوب بسواعد أهله ومقاوميه من الاحتلال الاسرائيلي، تشهد منطقة الريحان عمليات نهش وقضم لمساحات واسعة من اشجار الصنوبر والأشجار البرية، بالاضافة الى مساحات اخرى زراعية في عقار شاسع يقع في خراج الريحان (البلدة)، وبالتحديد في المنطقة التي تعرف بـ “خلة خازم”، وسط مرامل تشوه السمات الطبيعية للبلدة، وهي تمعن في سحب كميات كبيرة من رمولها الصفراء لبيعها، دون مراعاة لطبيعة المنطقة وخصوصيتها التي يفترض إعلانها “محمية طبيعية”، نظرا لتنوع الغطاء النباتي فيها، ووفرة وتنوع اشجارها، فضلا عن وجود عدد من المغاور والكهوف الطبيعية الرائعة، إضافة إلى الينابيع، فيما هي تتعرض إلى التدمير من قبل أصحاب المرامل ومن يدعمهم من فاسدين ومفسدين في السلطة وخارجها!

نادي الذئب الرمادي

لم يكن من قبيل الصدفة أن يختار “نادي الذئب الرمادي” في جمعية “الجنوبيون الخضر” منطقة الريحان، لتكون عنوان مسيره الرابع لهذه السنة 2016، للتعرف على ثرواتها الطبيعية، ورفضاً للمرامل وسائر التعديات التي تهدد التنوع الحيوي في هذه المنطقة الرائعة من لبنان.

وتجدر الإشارة إلى أن “نادي الذئب الرمادي” آثر “الجنوبيون الخضر” أن يطلقوا عليه هذه التسمية، نسبة للفصيلة الأكثر عرضة للانقراض في لبنان والمنطقة، بسبب انحسار الموائل والقتل الذي تتعرض له الذئاب الرمادية، والتي تعتبر رأس وحجر عقد النظم الإيكولوجية في المواقع التي تنشط بها، والتي يسعى “الجنوبيون الخضر” للحفاظ عليها وإقامة محميات لها في مواقع نشاطها.

 

درب الساحل الجنوبي

وفي إطار أنشطته البيئية الهادفة، وانسجاما مع أهداف النادي والجمعية لجهة حفظ واستعادة البرية اللبنانية، وتحقيق تنمية مستدامة للمجتمعات المحلية، وبهدف نشر الوعي والاحتكاك أكثر بالارض والطبيعة، والتعريف بالمناطق، كانت هناك محطات عدة تم خلالها التعرف على أحراج الناقورة، ومدينة أم العمد التاريخية، وأطلق “درب الساحل الجنوبي”، بالتعاون مع “محمية صور” للتعرف على الساحل الجنوبي، ومسير وادي زبقين

وفي سياق هذه الأنشطة، كان المسير الرابع الذي نظمه النادي للتعرف على الريحان الجنوبية في قضاء جزين، برعاية مجلس بلدية الريحان الذي شارك رئيسه الشيخ حسين إسماعيل الفقيه وعضوا المجلس البلدي فادي أيوب وحسن برو باستقبال المشاركين وكانت له كلمة ترحيبية وأخرى للمنسق اللوجستي للمسير فادي سويدان شاكراً للبلدية الإستضافة والتعاون.

img_7971

المسير السنوي

شارك في المسير خمسون ناشطا بيئيا من مختلف الأعمار ومن سائر مناطق الجنوب. وسار المشاركون في احراج المنطقة المتميزة بأشجار الصنوبر المعمر والبلوط والجوز والكستناء والتين والزيتون، وتفقدوا مغارة البلدة التي تعد مع “مغارة نبع الشتوي” من اهم المغاور في لبنان، وشرح المستطلع حبيب حلو عضو “النادي اللبناني للتنقيب في المغاور” للمشاركين خصوصيات مغاور الريحان وأهميتها الطبيعية، ولا سيما منها “مغارة نبع الشتوي” بشكل خاص.

 

رفض التجديد للمرامل

وفي سياق المسير وفعالياته المقررة، عرض عضو الجمعية المدرب عباس بعلبكي لمخاطر النفايات البلاستيكية على الطبيعة والحيوانات خاصة، وأعقبها تعريف وعرض لأهداف ومشاريع وإنجازات “الجنوبيون الخضر” من قبل عضو الجمعية الناشط محمد نشأت بزيع الذي جدد الشكر للبلدية، وأكد على “موقف الجنوبيون الخضر بدعم البلدية والوقوف إلى جانبها في الرفض للتجديد للمرامل التي ألحقت اضرارا جسيمة بطبيعة وأحراج الريحان”.

واختتم المسير بجولة في شوارع البلدة التراثية والحديقة العامة وساحة البلدة، وأعدت البلدية “ترويقة بلدية”.

 

تكوينات جبسية ثلجية اللون 

وبحسب “النادي اللبناني للتنقيب في المغاور” فإن هناك خصائص مميزة لمغارة النبع الشتوي التي تقع في خلة خازم ضمن منطقة الريحان العقارية، وأنها أحد أهم الكهوف في جنوب لبنان في “خلة خازم”، وهي تقع بالقرب من الريحان ومساحة الكهف 4130 مترا والدخول إليه يتطلب إذنا من مالك الأرض، وبحسب النادي أيضا، اكتشف هذا الكهف في العام 1956، مع محاولة مالك الارض توسيع فتحة النبع الشتوي، أما النادي اللبناني للتنقيب في المغاور فقد استطاع دخول الكهف واستكشاف حوالي 2500 مترا منه عند اكتشافه، ولم يستطع خلال فترة الاحتلال الاسرائيلي للجنوب معاودة الدخول اليه ومتابعة عمله الى ما بعد التحرير عام 2000.

وتمكن النادي من الدخول الى كافة الكهوف، وسلك أعضاؤه في أول الكهف مسافة 500 متر كممر يصل الى غرفة كبيرة تسمى “غرفة السلة”، تأتي خلفها مجموعة من تجمعات المياه بشكل أنابيب تعيق الوصول، وبحاجة للتفريغ من حمولتها ليستطيع الداخلون المتابعة، وفي نهاية الكهف يوجد مجرى مياه نهائي لا يمكن تجاوزه، كما انه في داخل الكهف تكوينات جبسية ثلجية اللون.

 

الفقيه: تفعيل السياحة البيئية

رئيس بلدية الريحان الشيخ حسين اسماعيل الفقيه، أشار لـgreenarea.info  إلى أننا نرحب بهكذا نشاطات هادفة ومفيدة وذات بعد بيئي وتنموي.

أما عن المرامل، فأكد أن “رخص المرامل انتهت مدتها”، وقال انه “يتم الآن زراعة وتجليل المنطقة القريبة من قصر صاحب الارض”، وأضاف انه “لم يجدد لأي مرملة وهناك رخصة نقل لبعض الستوكات الموجوين يتم نقلها ونحن كبلدية نستنكر عادة مثل هذه الأعمال، ونطالب بتفعيل السياحة البيئية ووقف نهش الطبيعة والتشويه فيها، فالمساحات التي باعها نجيب علم الدين تم قطع عدد كبير جدا من اشجار الصنوبر فيها، وتم تحويلها الى مرامل في الوقت الذي كان يمكن استعمال اراض اخرى لهكذا امور، ونحن بالغنى عن أي مبلغ من المال كان يدفع للبلدية إذا كان المقابل هو تشويه الطبيعة وقطع اشجارنا”.

ودان الفقيه “قطع 150 شجرة صنوبر من حرج الريحان، كان قد وافق على قطعها سابقا الوزير أكرم شهيب لصالح ابراهيم بدير”.

الناشط في نادي الذئب الرمادي سامي دياب تحدث لـgreenarea.info  عن أهداف النادي من هذا النشاط، فقال “الهدف الاول هو تسليط الضوء على المرامل وعدم التجديد لها، ولكن علمنا انه غير مسموح التوجه الى المرامل وتصويرها”.

وقال: “الهدف الثاني هو نشر الوعي البيئي وتعريف الناس على المناطق الجميلة كالريحان الغنية بتنوعها الحيوي، وبمغاورها الرائعة وغطائها النباتي، والهدف الثالث هو تفعيل دور السياحة في البلدة، وبالتالي تسريع العجلة الاقتصادية فيها مما يعود بالنفع على البلدة، وعلى السياحة في لبنان”.

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This