أشارت وكالة الفضاء الأميركية – النازا NASA إلى أن شهر أيلول (سبتمبر) لهذا العام هو الأعلى حرارة مقارنة مع شهور أيلول (سبتمبر) على مدى الـ 136 عاما الماضية، أي على مدى التسجيلات الحديثة لدرجات الحرارة على الكرة الأرضية.
تسجيلات حرارة شهري تموز (يوليو) وآب (أغسطس) كانت أيضا هي الأعلى مقارنة مع السنوات الـ 136 الماضية.
يشير علماء المناخ، ومراكز الأبحاث إلى أن الإنسانية تعيش حالة ارتفاع لدرجات حرارة الأرض لم يشهدها التاريخ من قبل. خلصت إحدى الدراسات في العام 2015 إلى أننا سنشهد ارتفاعا مضطردا لدرجات الحرارة على الأرض، إذا لم تتخذ إجراءات جدية للحد من ارتفاع تراكيز غازات الدفيئة في الغلاف الجوي للارض، مقاسة بتراكيز ثاني أوكسيد الكربون.
إن معدل تركيز ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي يتصاعد سنة بعد سنة. ومصطلح “ارتفاع معدل تركيز ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي” الذي يتحقق خلال السنة، هو الفرق بالتركيز بين نهاية شهر كانون الأول (ديسمبر) وبداية شهر كانون الثاني (يناير) للسنة نفسها. وهو يمثل مجموع ثاني أوكسيد الكربون الذي أضيف إلى الجو، والذي نزع منه خلال السنة بواسطة الأنشطة البشرية والعمليات الطبيعية.
بلغ معدل تركيز ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي للأرض خلال شهر آب (أغسطس) من العام 2015 قيمة 396.85 جزء من مليون، وسجل خلال شهر آب (أوغسطس) الفائت (2016) قيمة 400.47 جزء من مليون، وبلغ خلال شهر أيلول/سبتمبر (2016) 401.01 جزء من مليون، أي أنه تجاوز هذا العام حد الـ 400 جزء من مليون الذي كان متوقعا أن يتحقق خلال العقدين القادمين، وها هو يتحقق، بل يتم تجاوزه خلال عام 2016 الذي نعيشه حاليا. وهذا يحدث للمرة الأولى منذ ملايين السنين.
كانت البشرية قد وضعت حدا للأمان من مخاطر تغير المناخ بقيمة 350 جزء من مليون كمعدل لتراكيز ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي، ووضعت استراتيجيات العودة إلى هذا المستوى.
إن تجاوز تركيز 400 جزء من مليون هو حدث رمزي له دلالات عميقة على أن العالم يشهد تغيرات كبيرة. لقد شهدنا ارتفاعا لمستوى البحر بحوالي قدم واحد، أي حوالي 30.48 سنتيمترا خلال الـ 120 سنة الماضية، وارتفاع معدل درجة حرارة الغلاف الجوي للأرض بحوالي درجة مئوية واحدة، وهذا ما ترافق مع كل ما يشهده العالم من مظاهر مدمرة للتغير المناخي.
شكلت اتفاقية باريس في العام الماضي بداية جيدة لتخفيض انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، ولكن العالم سيجد نفسه أمام ضرورة تفادي الكثير من الآثار الخطيرة للتغير المناخي. إن كثيرا من العمل الجاد لا يزال مطلوبا القيام به، وهذا ما تأمل البشرية أن يتحقق في مؤتمر مراكش الـ22 الشهر القادم.