كان يوما إعلاميا بامتياز، تخلله إطلاق مواقف أبدت الحرص على حماية الليطاني من المنبع إلى المصب مرورا ببحيرة القرعون، لكن من قال أن المواقف وحدها تساعد في تجاوز النهر لمحنته؟ بدا يوم أمس خلال إطلاق الحملة الوطنية لحماية حوض نهر الليطاني، وكأن الكل يؤثر أن يتصدر “كادر” الفضائيات في بثها المباشر، ثم ما سر هذه الصحوة الآن فيما الليطاني متروك لمصيره منذ اكثر من عشرين عاما؟

نجحت الحملة في مواقع كان فيها الإعلام حاضرا، هناك كانت الحشود بمستوى الحدث، إلا أننا كـ greenarea.info آثرنا أن نكون أبعد مما يراد لنا تغطيته، وأبعد من صخب المواقف، لنكون أكثر التصاقا بالناس، وهم يتحملون نتائج التلوث، بينما من أطلقوا المواقف غادروا إلى بيوتهم الباذخة.

لا يمكن في المقابل إغفال أن الحملة نجحت في حدود معينة، ليس في الحشد المراد حضوره، وإنما في تحول أزمة الليطاني إلى قضية وطنية، وهذا إنجاز لم يحققه المتحلقون في مواقع النقل المباشر، ولم تجترحه مواقفهم، وإنما هو نتاج تعب وسهر ناشطين من مختلف القرى والبلدات، ونتاج تعب بلديات “سرقت” إنجازاتها، وتم تجيير تعبها لصالح من هم في مواقع من في مقدورهم الإمساك بهذا الملف، ليوزعوا الالتزامات على الأتباع والمريدين، وضمان أن تصب أصواتهم في أي استحقاق انتخابي لصالح أولياء نعمتهم، في تقليد بات سمة خاصة في نظامنا السياسي المهترىء، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب مرورا بالجبل، وصولا إلى تخوم البقاع.

 

القرعون

 

في هذا السياق، أشار رئيس بلدية القرعون واتحاد بلديات البحيرة يحي الظاهر لـ greenarea.info إلى “اننا شاركنا كإتحاد بلديات بهذا اليوم وقمنا بأعمال التنظيف ولم تكن هناك حملة جماهيرية”، لافتا إلى “اننا قمنا من ضمن هذه الحملة بالتنظيف في محيط البحيرة على امتداد اربعة كيلومترات، بمشاركة تطوعية، لإزالة النفايات”.

وقال الظاهر: “شارك معنا في الحملة أكثر من ألف ناشط ومواطن من الجمعيات الاهلية والأندية والبلديات والاعضاء والكشافة في المنطقة، من قرى وبلدات: لبايا، القرعون، بعلول، سحمر، يحمر، عين التينة، مشغرة، صغبين، بدنايل وعين زبدي، ويبقى أن نوجه كلمة للدولة اللبنانية، ونقول لها بأننا نتحمل مسؤولياتنا واننا باشرنا بهذه الاعمال على أمل ان تتحمل هي مسؤوليتها وتقوم بواجبها تجاه الناس ببدء تنفيذ المشاريع التي أقرت من قبل مجلس النواب”.

 

زوطر الغربية

 

وأكد رئيس الحملة الوطنية لإنقاذ الليطاني ورئيس بلدية زوطر الغربية حسن عز الدين لـ greenarea.info أن “ما جرى اليوم (أمس) لا يعني تنظيف النهر، ولا يعالج التلوث برفع بعض النفايات من على ضفافه”، وقال: “أرى استعراضا وفلكلورا اعلاميا كبيرا ومصادرة لمجهود حملتنا، فقد شهدنا تهافتا كبيرا نحو جسر الخردلي حيث يوجد اعلاميون، ولم نر أحدا مثلا على جسر القعقعية، وكنا قد توقعنا هذا الأمر، الا أننا آثرنا المشاركة، وأبدينا التعاون والتجاوب لمصلحة النهر”.

وأكد عز الدين انه سيتابع “قضائيا في موضوع رفع التعدي والتلوث عن الليطاني الى ان توقف كل البلديات مياه الصرف الصحي عن مجرى النهر”.

 

زوطر الشرقية

 

ورأى رئيس بلدية زوطر الشرقية وسيم اسماعيل، في حديث لـ greenarea.info أن “أهمية هذا اليوم وهذا النشاط يتمثل في أن كل البلدات على امتداد النهر من منبعه الى مصبه جاءت لتشارك، هذا يعني أنه صوت رفعته اكثر من 170 قرية وبلدية، وهذا بحد ذاته صوت اعلامي كبير”.

وقال: “أما مشاركتنا فتمثلت بخمسين شابا وشابة ينتمون الى جميع الفئات الموجودة في البلدة، من اندية وجمعيات اهلية وكشافة مع مشاركة الشباب في هذه الحملة، وهي مهمة جدا، والى الآن قمنا بتنظيف ٢ كلم على ضفة واحدة ونحن مستمرون لانهاء أربعة كيلومترات.

 

الخبير د. ناجي قديح

 

وأشار الخبير البيئي في مجال علوم الكيمياء والسموم، ومستشار greenarea.info الدكتور ناجي قديح إلى أن “الحملة يغلب عليها اليوم الطابع الإعلامي والاستعراض”، وقال: “لكن لا أريد ان أكون سلبيا في التقييم، وسأركز على الجانب الإيجابي منه، لأنه على مستوى الوعي يعتبر هذا التحرك مهما، لأنه يغير في وعي الناس، من جهة حيال النظافة كقيمة يجب استرجاعها، ومن جهة ثانية، إعادة الاعتبار للنهر كمعطى طبيعي ومنظومة بيئية تستحق الاحترام والاعتناء بها، وعدم تعريضها ليس للتلوث فحسب، وإنما أيضا للتشويه بالنفايات وما يرمى فيه من ملوثات”.

وأضاف قديح: “على هذا المستوى أرى أن هذا التحرك لا بأس به، وله قيمته وأهميته، ولنعمل على تثميره في هذا الإطار وضمن هذا السقف، ولا تساورنا أوهام بأن هذه الخطوة على طريق تنظيف النهر ستكون كافية، لأنه عمليا، على المستوى الإجرائي لن تنجز شيئا ولن يكون في مقدورها ان تنجز شيئا في موضوع رفع التلوث عن النهر، إلا من ناحية المشهد لجهة منع رمي النفايات حوالي ضفاف النهر، وهذه مسألة مهمة أيضا على مستوى الوعي والممارسة والسلوك من قبل الناس الذين يزورون النهار ويعتبرونه مركز للاستجمام”.

 

لإحداث تغيير جذري في نهج الحكومة

 

وأردف: “على مستوى آخر، وما أود التأكيد عليه، هو أن هذا الحراك الشعبي القائم، في سياق الحملة الوطنية لحماية الليطاني، بإشراك الجميع وعدم وضع (فيتو) على أحد، وعدم تجاهل وجود أحد، وإشراك كل القوى بما فيها القوى التي لا تنضوي تحت لواء القوى السياسية الرئيسية، أي حركة أمل وحزب الله، بما فيها القوى الأخرى من تنظيمات وجمعيات واتحادات وغيرها، بيئية وغير بيئية، وعلى هذه الحملة ان ترتقي لكي تتحول إلى هيئة رقابة شعبية على سياسات الحكومة، وعلى تنفيذ خطة الحكومة في ما يتعلق بمعالجة تلوث الليطاني، والدفع باتجاه أن تكون هذه السياسات على درجة عالية من الشفافية والرقابة الشعبية، وكيفية صرف الأموال، وفعالية تنفيذ المشاريع وفعاليه تشغيلها”.

ورأى قديح أنه “إذا كان بإمكان هذه الحملة أن ترتقي إلى هذا المستوى يكون لها معنى استراتيجيا، وإذا لا، تكون على مستوى متدنٍّ، ولا تكون قد تحولت إلى حركة تغيير في نهج الحكومة في ممارسة المشاريع وتنفيذ السياسات التي يحتاجها اليوم نهر الليطاني أكثر من أي ملف آخر”.

وختم: “يجب أن ترتقي الحملة الشعبية اليوم إلى مستوى إحداث تغيير جذري في نهج الحكومة في التعامل مع ملفات البيئة وخصوصا منها ملف الليطاني، لأنه ليس ملفا بيئيا وحسب، وإنما هو ملف إدارة الثروة المائية في لبنان، وهذا الجانب لا يقل أهمية عن الجانب البيئي في موضوع تلوث الليطاني”.

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This