كامل جابر – السفير
إنطلقت أمس، «الحملة الوطنية لحماية حوض الليطاني» بزخم إعلامي بدا للوهلة الأولى، قبل انطلاق المتطوعين في عملية جمع النفايات وانخراط الجرافات والشاحنات في التنظيف وإزالة الأوساخ والركام، مهرجانا استعراضياً. لكن الحملة تركت صداها الإيجابي على أكثر من مستوى، أهمها رغبة الجهات السياسية من جهة، والحركة الشعبية والتطوعية المرافقة من جهة ثانية، في أن يكون نهرها الأعظم، الليطاني، نظيفاً معافى، خالياً من الأوساخ والمياه الآسنة، لتكون حياتهم الصحية والبيئية والسياحية أكثر أمناً.
عند جسر الخردلي بين النبطية ومرجعيون، إنطلقت الحملة بمشاركة واسعة لبلديات كفركلا ودير ميماس والخيام وكفرتبنيت وحشد من عناصر كشافة الرسالة الإسلامية والدفاع المدني، وكشافة المهدي والدفاع المدني، وفريق من «الغطاسين» ومن «كانوي كاياك» للتجديف النهري المتعرج، والنواب علي فياض وعبد المجيد صالح وقاسم هاشم وفاعليات حزبية وبيئية واجتماعية وشعبية وعدد كبير من تلامذة المدارس.
وإلى جمع يدوي للنفايات بأكياس صفراء ومستوعبات خضراء طاول ضفتي النهر وشارك فيه مئات المتطوعين، قامت جرافاتان بإزالة أكوام النفايات والردم والعوائق عن جانبي النهر، والأتربة والرمول من مجراه، وعملت شاحنات على نقل النفايات إلى مكبات كفركلا والخيام، فيما تولت عناصر كشفية توزيع «بروشيرات» على السيارات العابرة بالاتجاهين ولصق شعار الحملة على زجاج السيارات. وبدا من خلال الأكياس الصفراء التي تراكمت حجم النفايات والأوساخ بفعل إهمال البلديات والناس للنهر وغياب ضوابط النظافة والمحاسبة.
وصَعَدَ النائب علي فياض في مركب «كاياك» لفريق «كانوي كاياك» مع رئيس الفريق علي عواضة للإطلاع على أهمية التجديف في النهر والعوائق التي تواجه الهواة.
وقال فياض أمام الإعلاميين، إنّ اليوم الوطني التوافقي لليطاني نجح لأن كل اللبنانيين من مختلف المناطق والطوائف والقوى السياسية نزلوا لتنظيف نهر الليطاني، وهذه التجمعات البشرية التي ترونها في منطقة الخردلي بكثافة شديدة هي ممتدة على طول مجرى النهر، اي بطول 170 كلم من نبع العلّيق الى مصب النهر في القاسمية. حتى الأودية السحيقة التي لا يمكن وصول السيارات إليها، وهناك مجموعات تعمل فيها، وعلى مقربة من هنا، في وادي دير سريان، حيث الغابات الكثيفة للسنديان ومخاطر انتشار القنابل العنقودية، وما يحصل الآن هو جزء من سلسلة نشاطات ستستمر».
واضاف رداً على سؤال «السفير» أنّ حجم الإقبال جاء أكثر من المتوقع، ونحن نتواصل مع 15 نقطة موجودة على الجسور والتقاطعات على النهر، ولم نبلغ بأي إشكال.
ولفت الناشط البيئي الدكتور ناجي قديح النظر إلى أن «الشباب يقومون بجمع النفايات في الأكياس الصفراء ونقلها بالمستوعبات الخضراء، لكن ثمة سؤالاً يطرح نفسه: هذه النفايات إلى أين ستذهب؟ ما يعني بوجوب ربط تلوث الليطاني بضرورة وضع سياسات سليمة بيئياً لإدارة النفايات الصلبة، لأن ما نجمعه اليوم إذا ذهبنا به إلى المكب العشوائي أو إلى الحرق الذي يلوث الهواء ويسمم الناس كأننا لم نفعل شيئاً. يجب أن نجد سياسة بيئية بعناصر متكاملة. إنّ واحدة من أهم سياسات رفع التلوث عن الليطاني هي معالجة المكبات العشوائية في حوض النهر، ووضع سياسة بيئية سليمة لمعالجة النفايات تقوم على الفرز وإعادة التدوير والتسبيخ ومعالجة المكونات».
واشار رئيس بلدية دير ميماس الدكتور جورج نكد إلى أن «محطة التكرير في دير ميماس موجودة من سنة 2004 وكانت تعمل بشكل مقبول إلى حدّ ما، وبلدتنا هي الوحيدة من بلدات ضفاف الليطاني التي تمتلك محطة للتكرير، ومع ذلك عملنا أخيراً على تحديثها وتطويرها وخلال أسبوع ننتهي من عملية التأهيل وسوف ندشنها من جديد بمياه صالحة للزراعة وحتى للشفة والشرب، وهذا مثال إيجابي لكل بلديات المنطقة في أن تحذو حذونا، ونأمل من أن المبالغ التي صرفتها الدولة لدعم لحملة الوطنية، أن تذهب بالاتجاه السليم والصحيح ولمصلحة تنظيف مجرى نهر الليطاني بيئياً وصحياً ولأهمية هذا النهر الحيوي».
وجرت عند «محطة مشروع نهر الليطاني» في منطقة القاسمية حملة تنظيف بحضور عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نواف الموسوي، والسيدة رنده عاصي بري. وألقى الموسوي كلمة قال فيها:اليوم نأتي بأجيالنا جميعاً إلى هذا النهر، من المنبع إلى المصب لنقول معاً نعم سنجعل هذه المياه نظيفة مرة أخرى، وسنزيل منها كل تلوث.
واشارت بري إلى أن الهيئة الوطنية مشكورة لأنها إستطاعت تحقيق إنجاز تشريعي في الجلسة النيابية الأخيرة من خلال إقرار كل القوانين المالية المتعلقة بتنظيف مجرى نهر الليطاني ووقف التعديات الحاصلة عليه.
وعند جسر طيرفلسيه (صور)، انطلقت الحملة بحضور وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش، وبمشاركة واسعة، وألقى فنيش كلمة دعا فيها جميع البلديات والسلطات المحلية والنيابات العامة الى أن تتحرك أولاً لتوجيه إنذارات للمخالفين ومنع تحويل مياه الصرف الصحي إلى النهر، ومنع رمي النفايات الصلبة والنفايات الصناعية فيه، واتخاذ عقوبات مشددة بحق كل من يخالف، وناشد أصحاب المنشآت السياحية، «بأن الضرر الذي يلحق بالنهر يصيب كل استثماراتكم، وبالتالي فإنكم معنيون بأن يكون لكم إسهامكم في حماية النهر من التلوث، وبالتالي فعلى كل منشأة أن تجد بديلاً وتعود إلى الجور الصحية، وأن لا ترمي الأوساخ ولا النفايات الصحية في النهر».
فياض: تشديد العقوبات ومصلحة حماية الليطاني
قال النائب علي فياض إننا في الأيام المقبلة «سنشهد مزيداً من الأنشطة تتعلق بإقفال كل المجارير على نهر الليطاني من قبل المتنزّهات والمنشآت السياحية، والعمل على اقفال المجارير الصناعية في البقاع، وصولا الى ما سيعلن في منطقة زحلة عن بدء تشغيل محطة تكرير زحلة التي تغطي 20 بالمئة من المشكلة في البقاع، وهي ستكرر 35 ألف متر مكعب من المياه المبتذلة الناتجة عن 200 ألف إنسان من أصل 800 ألف يعيشون في منطقة البقاع. وسيتوج كل ذلك بالعمل على قانونين جديدين سيُحوّلان الى المجلس النيابي وهما: أولا، اقتراح قانون تشديد العقوبات على من يتعدّى على النهر واقتراح قانون يقضي بتطوير هيكلية مصلحة الليطاني كي تتحوّل الى الهيئة الوطنية لحماية حوض الليطاني، ونحن سندفع في اتجاه ان يكون هناك شرطة نهرية، نيابة عامة مائية مختصة بالنهر، كي نتعاطى مع نهر الليطاني على أساس أنه النهر الوطني الذي يهم كل اللبنانيين ويشكل القسم الأكبر من الثروة المائية والنهرية في لبنان».