أقرت الجمعية العامة للامم المتحدة في العام 1972، يوماً عالمياً للإعلام الإنمائي، في 24 تشرين الاول (أكتوبر) من كل عام، على أن يتوافق مع اليوم الذي اعتمدت فيه الاستراتيجية الانمائية الدولية الثانية لعقد الامم المتحدة الانمائي 1970.
في توصيف الأمم المتحدة لهذا اليوم، فهو يراد منه لفت انتباه الرأي العام العالمي إلى مشاكل التنمية، والحاجة إلى تعزيز التعاون الدولي من أجل حلّها. ورأت الجمعية العامة أن من شأن تحسين نشر المعلومات وتعبئة الرأي العام، ولا سيما بين الشباب، أن يؤدي إلى مزيد من الوعي بمشاكل التنمية، وبالتالي، تعزيز الجهود في مجال التعاون الدولي من أجل التنمية.
منذ العام 1972 واعلامنا العربي – البيئي غائب عن السمع، الا عند بروز اي حدث بيئي يفوق التوقعات، كمشهد النفايات المتراكمة في لبنان في السنتين الاخيرتين، والتي كان سبق للناشطين البيئيين أن اطلقوا الصرخات مراراً وتكراراً دون اي مساعدة ودعم، لا اعلامي ولا حكومي.
الأمثلة في هذا المجال كثيرة، الا ان المشكلة الاساسية تكمن في غياب الثقافة البيئية عن اعلامنا العربي مع ما تحملها من مصطلحات متخصصة، يليه غياب الوعي البيئي للمواطنين، وبالتالي إهمال نشر المفهوم البيئي في المناهج التربوية التي تشكّل نقطة البداية في رصد آلية التعامل مع مختلف القضايا المواطنية والاجتماعية.
واكبر دليل على ذلك، اننا لو تصفّحنا أبرز واهم المواضيع الصحفية، لأدركنا ان المواضيع البيئية لم تستحوذ على الكثير من صحفنا واعلامنا الا في الفترة الاخيرة. فالصفحات الاساسية تقتصر على السياسة الداخلية والخارجية، تليها الصفحات الاقتصادية والرياضية والثقافية لتنتهي بصفحات المبوّب والاعلانات وحتى الوفيات والمتفرقات.
نادراً ما نجد صفحة بيئية متخصصة، وان وجدت تلغى قبل غيرها من الصفحات مع تزاحم المواضيع السياسية المستجدّة. وبالتالي، فإن غياب المحرّرين البيئيين المتخصصين أمر ملحوظ في لبنان، في حين ان الارقام تشير الى ان اقل من عشرة بالمئة من الصحافة العربية تخصص محرراً لشؤون البيئة .
ورغم ان بعض الاخبار البيئية قد تمرّر اعلامياً في بعض الاحيان، الا ان صفة “الاعلام البيئي” ما زالت بعيدة عن مجتمعاتنا بسبب غياب الثقافة البيئية اولاً، وغياب الوتيرة المتواصلة للنشر ومتابعة الاخبار أول بأوّل ثانياً.
مع استثناء مجلة او اثنتين تعنيان بالشأن البيئي في لبنان – في بلد فيه ما هب ودب من المشاكل البيئية – والامر نفسه ينطبق على وسائل الاعلام المسموعة والمرئية، وان صودف ان تمت معالجة اي موضوع بيئي، فلا بد وان يكون قد فرض نفسه من جهة معينة، ان صحية ام اقتصادية ام حتى سياسية، فتتسم المعالجة الاعلامية بالمحتوى الآني وتفتقر الى المتابعة والتحليل واستقصاء المعلومات لتعميم التوعية بأمور البيئة.
لذلك، وفي اليوم العالمي للاعلام الانمائي، ومع اقتراب الذكرى الثانية لانطلاق موقع greenarea.info البيئي، نتعهّد بزرع الثقافة البيئية في مجتمعاتنا على قدر استطاعتنا، كي نحوّل اي خبر بيئي الى مانشيت في كافة الوسائل الاعلامية!