في تجربة بيئية رائدة حقق “نادي طرقات لبنان للقدم المخفية (طرقات الاجداد)” إنجازا بيئيا وصحيا، تمثل في إيجاد حل لمشكلة خرطوش الصيد الفارغ، وهي مشكلة ظلت حتى الأمس القريب عصية على الحل، بالرغم من تبعاتها البيئية الخطيرة وما تخلف من سموم وملوثات تهدد التربة ومصادر المياه الجوفية، خصوصا وأنه مع فلتان الصيد، وعدم تطبيق القوانين بدت بعض أحراجنا مغطاة بالخرطوش الفارغ، والذي يكون صيفا وقودا للحرائق.
وإذا ما مررنا في أحد الأحراج تطالعنا مخلفات الصيادين الذين يمارسون العبث مع قتل كل ما هو حي، ولا نستغرب أن هذه الأحراج غطاها الخرطوش بشكل يصعب وصفه، وهذا يعني أن أحدا لم يلتزم بقوانين الصيد، في ظل غياب الجهات المعنية من وزارات وقوى أمنية.
مونس
لقد تبنى هذا المشروع رئيس النادي والخبير في مجال الحياة البرية شمعون مونس، طوال السنوات الماضية، واستطاع بجهود أعضاء النادي والجمعيات الأهلية والبيئية والمؤسسات التربوية، من تعميم ثقافة جمع الخرطوش وتنظيف الأحراج منها، وكانت الخطوة الأولى تهدف إلى جمع مليون خرطوشة صيد فارغة، فيما تطورت الحملة وتخطى عدد الخرطوش الفارغ ثلاثة ملايين خرطوشة، في حملات شاركت فيها أيضا بعض البلديات وناشطون من البرازيل والولايات المتحدة الاميركية وبعض المغتربين.
وأشار مونس إلى أن “أحدا لم يولِ هذه المشكلة ما تستحق من اهتمام بالرغم من أن مخاطرها تتهدد الجميع من تلويث المياه الجوفية إلى تلويث التربة، فضلا عن أن بقايا الخرطوش تعتبر خطرة في موسم الحرائق كمادة قابلة للاشتعال”.
وناشد وزير البيئة محمد المشنوق لمساعدتنا لمواجهة هذه المشكلة، ولفت مونس إلى أن لبنان يستهلك سنويا 25 مليون خرطوشة، وتتسبب بتلويث الجو بـ 800 طن من الرصاص والسموم”.
إعادة التدوير
وفي هذا السياق، قال مونس: “بدأنا حملة لنجمع مليون خرطوشة منذ نحو خمس سنوات وبذلنا الجهد التعب، وقمنا بحملات في كل المناطق اللبنانية، وكان الهدف الأول التوعية حول هذه المشكلة، وهي كانت وما تزال أولية بالنسبة لي وللنادي، خصوصا وأن خرطوش الصيد يعتبر من أخطر الملوثات التي تتعرض لها بيئتنا، ولا أحد يعيرها أي اهتمام، وهي مشكلة خطيرة كون الخرطوش يحتوي على مواد سامة، ومنها: الزرنيخ والبارود والرصاص والبلاستيك والمعدن، وجميعها تؤثر على المياه الجوفية والبيئة بشكل عام”.
وأضاف مونس: “واجهتنا في البداية مشكلات عدة، خصوصا وأنه لم تكن هناك إمكانية لإعادة تدويرها بقصد الافادة من مادتي البلاستيك والمعادن، ولكن هذه السنة عملنا بالتعاون مع “شركة Sport 4ever”، وقد أبلغنا رئيسها إميل بارودي انه ينوي دعم مشروع بيئي، وأطلعناه على مشروعنا فأبدى الاستعداد للدعم، وطلب من موظفي الشركة المشاركة في يوم بيئي خصص لجمع الخرطوش في أحراج لبنان، ولا يسعني إلا ان أتقدم من هذه الشركة بالشكر، متمنيا أن تحذو سائر الشركات في لبنان حذوها، وأن تخصص حيزا معينا لصالح قضايا البيئة في لبنان”.
وقال مونس: “ومن المشكلات، أن الخرطوش الفارغ لا يمكن إعادة تدويره في لبنان، بحيث لم يكن هناك اهتمام كما هو الحال اليوم، إذ بدأت مصانع الفرز وإعادة التدوير تتجاوب معنا، خصوصا وأن هذا العمل شاق، ويتطلب يدا عاملة لفصل البلاستيك عن الحديد، وهذا لم يكن متوفرا سابقا، ولكن تواصلنا مؤخرا مع شركة Zero Waste، وبالفعل نقلنا أولى الشحنات، وبدأت عملية الفرز والقطع لاستخدام البلاستيك في صناعة عبوات زيت السيارات وغيرها، وأما المعدن فيعاد استعماله بعد معالجته كحديد قابل للتصنيع”، ولفت مونس إلى أن “ما أرسلنا هو عينة من أصل أكثر من ثلاثة خرطوشة تم جمعها على مدى خمس سنوات”.
وختم: “حملاتنا ستستمر ولن تتوقف، بالرغم من أن ليس ثمة أي مردود مادي، لكن همنا الأول والأساس كنادٍ رياضي وبيئي أن نعيد الناس إلى الطبيعة، والقيام بما يبقي بيئتنا بعيدة عن كل أسباب التشويه والتلوث”.