آثار كارثية سيخلفها تغير المناخ في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، وسيصل التصحر الى منتصف شبه الجزيرة الأيبيرية (إسبانيا والبرتغال)، هذا باختصار ما خلصت إليه دراسة حديثة نشرت قبل يومين في مجلة “ساينس” Science العلمية الأميركية، حذر فيها علماء أوروبيون من أن ارتفاع حرارة الأرض أكثر من درجة ونصف درجة، سيؤدي الى اضطراب لم يسبق له مثيل في الأنظمة البيئية في حوض البحر المتوسط منذ عشرة آلاف سنة، أي منذ ظهور أولى الحضارات الإنسانية.
وبحسب علماء المناخ، فإن درجات الحرارة حول البحر المتوسط أعلى بدرجة وثلث درجة مما كانت عليه بين عامَي 1880 و1920، علماً أن متوسط الارتفاع في العالم هو 0,85 درجة.
وقالت “وكالة الصحافة الفرنسية” AFP أنه بالنظر إلى أن الأنظمة البيئية في حوض البحر المتوسط ذات أهمية كبرى، لكونها تضم ألفاً و500 نوعا، ولكونها تؤمن لسكانها الغذاء والمياه والحماية من الفيضانات، إضافة الى امتصاص غاز ثاني أوكسيد الكربون من الجو، فإن ارتفاعاً إضافياً في درجات الحرارة قد يكون ذا آثار كارثية.
وكان مؤتمر باريس الدولي للمناخ COP21 الذي عقد في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، قد خلص الى ضرورة حد ارتفاع حرارة الأرض عند مستوى درجتين كحد أقصى، مقارنة بما كانت عليه قبل الثورة الصناعية. لكن الفرق بين درجة ونصف درجة وبين درجتين، ليس أمراً بسيطاً بل هو فرق بين “ظروف شبه عادية مقارنة بالأعوام العشرة آلاف الأخيرة” وبين “ظروف حادة”، وفقاً لجويل غيو، مدير البحوث في المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية French National Centre for Scientific Research.
وأشار الباحث غيو إلى اننا سنكون “أمام تغيرات مناخية كبيرة جرت في أقل من 100 سنة”.
جنوب إسبانيا صحراء قاحلة
وللتوصل الى هذه الخلاصات، أجرى العلماء عمليات محاكاة للنتائج التي قد تنجم عن ارتفاعات في الحرارة بدرجات مختلفة وتأثير ذلك في الزراعة، وقارنوا النتائج بمسار المناخ في الأعوام المئة المنصرمة.
وشرح غيو عمل فريقه: “أخذنا الفرضيات الأدنى التي حددتها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، ودرسنا النتائج التي سيسفر عنها ارتفاع بدرجة ونصف درجة، ثم قارنا ذلك بنتائج ارتفاع بدرجتين”.
وفي هذه الحالة، سيصبح جنوب إسبانيا صحراء قاحلة، وسيكون المناخ في جنوب شرقي فرنسا مشابهاً لمناخ منطقة “بوليا” Puglia القاحلة في جنوب إيطاليا. أما إن ارتفعت الحرارة خمس درجات الى ست، إذا عجزت الدول عن الحد من انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون، فإن التصحر سيصل الى منتصف شبه الجزيرة الأيبيرية التي تضم إسبانيا والبرتغال.
ووفق الباحثين، سيؤدي الاحترار الى رفع وتيرة التصحر الذي يضرب المناطق الزراعية والغابات، والذي يمكن ملاحظة آثاره في منطقة المتوسط، وستؤدي فصول الشتاء المعتدلة بسبب الاحترار، الى نمو الطفيليات التي تساهم في القضاء على الأشجار.