لا يمكن أن نعزو أسباب ظاهرة الاحتباس الحراري إلى النشاطات الإنسانية فحسب، وإنما ثمة عوامل طبيعية تلعب دورا في هذه الظاهرة، ومنها بشكل خاص: البراكين وحرائق الغابات، ولكن تبقى المشكلة الأكبر ناجمة عن سوء استخدامنا لموارد الطبيعة، واعتمادنا على الطاقة الأحفورية منذ مطلع القرن الماضي، دون احتساب الأضرار وما صدَّرنا من غازات سامة إلى الغلاف الجوي، فضلا عن ممارسات ساهمت بزيادة انبعاثات غازات الدفيئة، مع قطع الأشجار وتجريف وإزالة الغابات.

صحيح أننا لا نملك حيال العوامل الطبيعية أية إمكانية للحد من نتائجها، ولا يمكن اعتبارها السبب الرئيسي في ما وصلنا إليه، فالبراكين على سبيل المثال، تقذف منذ ملايين السنين حممها وتنفث غازات مسببة لظاهرة الاحترار، لكن في حدود معينة تتيح للأرض استيعابها، دون مخاطر كالتي نشهدها اليوم، ومن هنا، وبما أننا غير قادرين على التدخل في الملوثات الطبيعية، فيمكننا على الأقل أن نحد من الملوثات التي نتسبب بها.

 

البراكين

 

وفي هذا المجال، تناولت دراسة أميركية حديثة نشرت نتائجها في مجلة “علوم” Science النشاط البركاني المرتبط بحركة الصفائح التكتونية للقارات، ورأت أنه “ربما يكون المسؤول عن التغير المناخي من الجو الحار إلى البارد منذ أن كان الثلج يغطي كوكب الأرض قبل مئات ملايين السنين”.

ووجد باحثون جيولوجيون في “جامعة تكساس” University Of Texas بمدينة أوستن الأميركية أن البراكين كانت أكثر نشاطا في الجو الدافئ على طول الأقواس القارية.

وقد عزا علماء البيئة جانبا من تغير مناخ الأرض على مدى سنوات كثيرة إلى انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، ولكن أحدا لم يعرف سبب التذبذب في نسب هذا الغاز في السجلات الجيولوجية، وأرجعت بعض الفرضيات ذلك إلى عوامل جيولوجية كتركيبة الجبال، وقالت إنها أفرزت مادة جديدة على مراحل مختلفة من تاريخ الأرض أدت أجواؤها بالتالي إلى جذب غاز ثاني أوكسيد الكاربون من الجو.

إلا أن هذه الدراسة الأكاديمية التي أنجزتها كلية أوستن جاكستون لعلوم الأرض، ذكرت أن المسؤول الأول عن مناخ الأرض هو كمية غاز ثاني أوكسيد الكربون المنبعثة في الجو وليس المسحوب منه.

 

الأقواس القارية

 

وأكد الباحثون، بحسب موقع “الجزيرة“، أنهم اكتشفوا أن الفترات التي كانت تنشط فيها البراكين على طول السلاسل البركانية، أو ما يعرف بـ “الأقواس القارية” على مدى تاريخ الأرض، كانت تتميز بمناخ دافئ، وأن البراكين تصبح أقل نشاطا في الأجواء الباردة أو الثلجية.

ولفت القائمون على الدراسة إلى أن نظم القوس البركاني القاري مثل سلسلة جبال الأنديز في أميركا الجنوبية تشكلت عند حواف قارية نشطة بالتقاء صفيحتين تكتونيتين، وعندما تنزل فيه صفيحة محيطية تحت الصفيحة القارية تختلط الرواسب بالكربون المحصور في قشرة الأرض، فتطلق غاز ثاني أوكسيد الكربون في الجو عند ثوران البراكين.

وقد استند الباحثون في تحليلهم على أكثر من مئتي دراسة، وتمكنوا من إعداد قاعدة بيانات عالمية لصياغة التاريخ البركاني للحواف القارية على مدى 720 مليون سنة، كما توصلوا إلى أن تجمع قارات الأرض الكبرى تزامن مع انخفاض النشاط البركاني.

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This