أكد تقرير صدر مؤخرا بدعم من الأمم المتحدة أن “قطاع النقل مسؤول عن حوالي 23 بالمئة من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون”، ولفت إلى أن التلوث الناجم عن هذا القطاع، “يتسبب سنويا بوفاة 3.5 مليون شخص مبكرا نتيجة استنشاق الهواء الملوث”.
جاء هذا التقرير بعناوينه الصادمة، ضمن مساعي الأمم المتحدة الهادفة الى تحويل قطاع النقل في العالم ليكون صديقا للبيئة، بما يعزز الاقتصاد الأخضر ويكافح تغير المناخ، فيما ترى الشركات فرصا للاستفادة من هذا الاتجاه، وبالتالي المساهمة في التنمية العالمية.
آفاق النقل المستدام من أجل التنمية
ورأى التقرير الذي أعده فريق استشاري رفيع المستوى حول النقل المستدام شكله الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أن التغيير التحويلي للنقل المستدام يستلزم استثمارات سنوية تقدر بملياري دولار أمريكي، مشيرا إلى أن تلك الجهود من شأنها أن توفر 70 تريليون دولار بحلول عام 2050.
ولحظ التقرير الذي صدر بعنوان “آفاق النقل المستدام من أجل التنمية” أن الانتقال إلى نظام نقل أكثر استدامة يشمل الموانئ المتكاملة والمطارات المخططة جيدا، وتنسيق لوائح المعابر الحدودية بكفاءة، وأن كل ذلك يمكن أن يؤدي الى زيادة إجمالي الناتج العالمي بنحو 2.6 تريليون دولار.
وبحسب مارتن لوندستدMartin Lundstedt ، الرئيس التنفيذي لشركة “فولفو” Volvo، وأحد المشاركين في الفريق الاستشاري لوكالة “شينخوا” Xinhua الصينية في مقابلة حديثه أجرتها معه، فإن نمو إجمالي الناتج العالمي يرتبط بشكل وثيق بالحلول اللوجيستية، قائلا “عندما يكون لنا هذا النوع من القيادة بوضوح، سوف تكون هناك الكثير من الفرص للشركات وأيضا للدول لتحقيق تقدم وتحفيز الرخاء”.
ورأى أن فكره نظم النقل المستدامة التي تركز على حركة الأشخاص والسلع، لا بد وأن تنجز بطريقة قابلة للتطبيق بيئيا واقتصاديا واجتماعيا.
وقال لوندستد: “عندما يتعلق الأمر بالنقل على الطرق، فإن ذلك يتطلب ابتكار تقنيات جديدة مثل النقل الكهربائي والـ “أتمتة” Automation وحلول كفاءة الطاقة”.
ووفقا للتقرير، فإن النقل المستدام يمكن أن يعود بوفورات في الوقود وتكاليف أقل في التشغيل، وتراجع في الاختناقات المرورية وتقليل تلوث الهواء، كما سيخلق في الوقت نفسه فرص عمل ويسهم في خفض الفقر والأهم مكافحة التغير المناخي.
وقالت نانسي يونغ Nancy Young، نائبة رئيس جمعية “ايرلاينز فور أميركا” Airlines For America وهي جمعية معنية بتجارة النقل الجوي، لوكالة “شينخوا”، أن هناك رحلات وقود حيوي للخطوط التجارية في صناعة الطيران اليوم حول العالم، ويمكن أن يولد الوقود الحيوي تقدما بشكل تدريجي للصناعة من حيث انبعاثات غازات الدفيئة.
تكنولوجيا النقل والتمويل المناخي
وأضافت يونغ، وهي عضو آخر بالفريق الاستشاري إنه بالنسبة للقطاع الخاص، فإن مفهوم الاستدامة بات حاسما للشركات، لأنها تحتاج إلى القدرة على إحراز تقدم بيئي واقتصادي واجتماعي، بهدف تحقيق نجاحات اقتصادية حقيقية، وفي الوقت نفسه حماية البيئة.
وأشارات يونغ إلى خطة تعويض الكربون العالمية التي تبنتها المنظمة الدولية للطيران المدني لكبح الانبعاثات من صناعة الطيران، قائلة “إن الصناعة بحاجة إلى إجراء قائم على السوق” لملئ الفجوة” على الرغم من تكلفته فيما يتعلق بالانبعاثات الكربونية.
وفي عام 2014، كلف بان كي مون أعضاء الفريق الاستشاري بإعداد توصيات بشأن النقل المستدام على المستويات الدولية والوطنية والمحلية والخاصة، للتعامل مع اختناق المرور والتلوث عالميا، لا سيما في المناطق الحضرية.
وأوصى الفريق بتعزيز تكنولوجيا النقل والتمويل المناخي، وإتخاذ قرارات متعلقة بالاستثمار والتخطيط والسياسات في قطاع النقل، أخذا في الاعتبار العوامل الاقتصادية والبيئية والاجتماعية.
كما دعا الفريق القطاعين العام والخاص إلى التعاون والاستثمار في نظام النقل العالمي لتحقيق التنمية المستدامة، وفقا للتقرير.