باسكال صوما – السفير
هناك أزمة تنمو في الظلّ وتتمدّد، ألا وهي أزمة المياه والسدود «غير المطابقة للمواصفات». هذه الأزمة تهدّد لا شكّ كل كائن حيّ على الأراضي اللبنانية، ذلك أن غزارة المتساقطات في لبنان يُهدر القسم الأكبر منها ويذهب هباءً، فيما تعاني مناطق لبنانية عدة من العطش، وتضطر لشراء المياه. وكانت أمس، ورشة عمل عن المياه، من تنظيم نقابة المهندسين في بيروت بالتعاون مع مؤسسة ابراهيم عبد العال ومؤسسة ايكولد.
«بإمكان لبنان تأمين اكتفائه الذاتي من المياه إذا تمت إدارة هذه الثروة بشكلٍ علميّ عبر خطة عمل مهنية وهندسية، لا بل بإمكاننا التصدير إلى الخارج»، وفق ما يقول رئيس اتحاد المهندسين اللبنانيين النقيب خالد شهاب لـ «السفير». ويرى أن «المياه أساسية في حياتنا ولا حياة من دون مياه، وهي علم قائم بحد ذاته، وفي المجال الهندسي نحن نتطرّق لهذه المسألة في محاولة لإيجاد طرق وخطة عمل لطرحها على مختلف المسؤولين، من خلال هذه الورشة وغيرها من النشاطات، وصولاً إلى بوتقة هذا العمل كله وطرحه أمام الرأي العام، كمحاولة لإخراج موضوع المياه من العمل السياسي إلى العمل المهني وحاجة الناس والمواطنين ليكون عندهم مياه كافية». ويوضح أن «السدود لها دور غير تجميع المياه، من خلال توليد الطاقة والري وغير ذلك»، مشيراً إلى أن «لبنان بحاجة إلى إنشاء سدود علمية وفق معايير مهنية هندسية، فاليوم هناك سدود فيها خلل في الإنشاء؛ وهذا أمر غير مسموح به، لذلك لا بدّ من تصويب هذا الخلل، ثمّ إيجاد الأماكن التي يختارها العلماء لتبنى فيها السدود»، آملاً بأن «يكون العهد الجديد فرصةً لبناء دولة المؤسسات».
ورشة عمل
وفي الورشة، تحدّث بدايةً رئيس لجنة المياه والسدود في نقابة المهندسين غانم سليم، فشرح المراحل التي تمر بها أزمة المياه في لبنان. وأمل رئيس «مؤسسة إبراهيم عبد العال» المهندس ناصر نصرالله «اتباع النهج العلمي في التعاطي مع ملف السدود لما له من أهمية أساسية على مستقبل المياه في لبنان».
من جهته، دعا شهاب الى الإقرار بأن الملف المائي هو ملف حياتي من الدرجة الأولى، والى عزل المصالح الخاصة عن التعاملات الهندسية في القطاع المائي، والى تطوير مناهج علمية في الجامعات احتراماً للآداب الهندسية وصولاً إلى بناء صرح علمي حقيقي يكون مرجعاً موثوقاً في مجال الاختصاص، وقال بوجوب «أن نخطط كما يجب، ولا يمكن التساهل بعد وهدر الوقت بالتلهي في أفكار مبعثرة لا تربطها أية مستندات جوهرية».
وأضاف شهاب: «حان الوقت لكي يكون ملف المياه فوق كل اعتبار ننتصر فيه على كل مَن يراهن على فشلنا، فالمياه هي الثروة الحقيقية للبنان وعلينا الدفاع عنها بكل قوتنا، بل نقول أكثر. فهي أهم بكثير من الثروة النفطية الموعودة. وهذا كلام مسؤول. يجب أن تكون أرقامنا مستندة إلى العلم وليس التقدير، بل يجب أن تكون مكوّنة محلياً ولا نستورد معلومات أرضنا من الخارج».