في الرملة البيضاء، وتحديدا عند واحد من أجمل شواطىء المتوسط، يطالعنا نموذجان مختلفان تماما، الأول يمعن في تدميره من خلال شفط رموله وسرقتها في ظل مخطط لتحويل الشاطىء الى منتجعات ومشاريع، هي في حد ذاتها فضيحة ووصمة عار فوق جبين الدولة التي تستباح املاكها، وهي أملاك الناس، وتسرق في العلن لصالح متمولين ونافذين برعاية رسمية واضحة حينا ومتوارية أحيانا، والمتورطون يسوغون سرقة الشاطىء من قوى سياسية نافذة وصولا الى القيمين على مدينة بيروت ومجلسها البلدي، أما الثاني فيمثل نموذجا للتنمية المستدامة وصون البيئة البحرية، وإبقاء الشاطئ الذي هو حق كل مواطن وليبقى لأهل بيروت نافذتهم البحرية، بعد أن استثمرت كل الاملاك البحرية، وبعد أن حُول بعضها الى مكبات بحرية للنفايات.
على مسافة غير بعيدة من مواقع شفط الرمول نظمت “حملة الازرق الكبير” لقاءً مع المتدربين على الجهوزية للحماية من كوارث النفط، حضره كل من مدير عام مديرية النقل البري والبحري عبد الحفيظ القيسي، ومن بحرية الجيش اللبناني الكابتن العميد هيثم ضناوي ورئيس المدرسة اللبنانية العالمية للغوصLDT خالد المرعبي، كما حضر بعض العناصر من البحرية وممثلون عن كشافة التربية الوطنية وعدد من الناشطين والجمعيات والاصدقاء.
عفت إدريس
وفي هذا السياق، تحدثت رئيس “جمعية الأزرق الكبير” عفت إدريس لـ greenarea.info فأشارت إلى “اننا أحببنا اليوم في هذا اللقاء المسائي أن نعود ونجتمع كفريق عمل واحد ضم ناشطين وأعضاء من حملة الازرق الكبير، بينهم العقيد هيثم ضناوي من البحرية في الجيش اللبناني والسيد خالد المرعبي رئيس المركز اللبناني للمدرسة العالمية للغوص LDT وبحضور ومشاركة بعض الناشطين والاصدقاء بالإضافة الى ممثلين عن كشافة التربية الوطنية وعناصر من البحرية كانو قد تدربوا على الجهوزية لكوارث النفط، كذلك أرسلت وزارة البيئة وبحسب الاتفاقات الدولية وعضويتها rempec اشخاصا للتدرب على الجهوزية للحماية من حوادث النفط في فرنسا، ومن الذين تدربوا هم من وزارات البيئة والنقل والدفاع المدني وجمعية حملة الازرق الكبير، وكان على هذا الفريق مسؤولية تدريب مدربين جدد، فكل جهة من هذه الجهات دعت الى ثلاثة أيام تدريب في القاعدة البحرية في بيروت، وأضيف اليهم مندوبون من بعض المرافئ وجمعيات أخرى”. وأشارت إلى أن “اجتماعنا اليوم في الرملة البيضاء هو لرمزية المكان الذي تضرر في حرب تموز (يوليو) ولرمزيته كموئل للسلاحف التي تضع بيوضها عند هذا الشاطئ، وقد عملنا آنذاك على حمايتها، ومستمرون إلى يومنا هذا بحمايتها من شتى الحوادث”.
وأضافت إدريس: “ان دور الجمعية في هذا الفريق، هو أولا في تأمين متطوعين مدربين في حال حدوث حوادث وتدريب متطوعين وجمعيات أخرى، فإذا ما طاول التسرب الأحياء البحرية نكون جاهزين، وقد أصبح لدينا الخبرة من خلال الكثير من التدريبات والتجارب، وصار في مقدورنا حماية ومساعدة الأحياء البحرية التي تعلق بالنفط، كالسلاحف والطيور وغيرها، ولدينا هنا على شاطىء الرملة البيضاء غرفة للاسعافات الاولية عبارة عن عيادة تقدم خدمات لمعالجة الأحياء البحرية”.
وتابعت: “أحببنا أن نعود لنذكر أن هناك شخصا انقذ الشواطئ اللبنانية، وهو من وضع استراتيجية للمسابح العامة في العام 2001، وبدأ تنفيذه في العام 2003 وهو مدير عام المديرية العامة للنقل البحري والبري المهندس عبد الحفيظ القيسي، واختار 14 شاطئا، وبدأ بتجهيزها، ويومها تم اختيارنا كجمعية معنية بالشق البيئي لادارة شاطئ الرملة البيضاء، والجديد أنه هذا العام قدمنا مسودة لتعديل هذه الاستراتيجية، وقمنا بدمج استراتيجية المسابح العامة مع استراتيجية وزارة البيئة للمحميات البحرية لتوسيع مساحة حماية التنوع البيولوجي والنظم الايكولوجية في المناطق الساحلية، وبذلك أضفنا كيفية ادارة المسابح كما يشترط عليه بالمحميات وحددنا أربعة شواطئ لتكونBIOSPHERE ، وعشرة شواطىء لتكونECHO BEACHES، ونحن بانتظار مراجعتها من قبل السيد عبد الحفيظ القيسي لتقديمها الى وزارة البيئة”.
السلاحف شعار الرملة البيضاء
وتابعت إدريس: “من خلال نشاطنا اليوم، أحببنا أن يوقع الحضور على مجسمات لسلاحف بحرية، لأنها تعتبر شعار منطقة الرملة البيضاء، وبالتالي، هذا الشاطىء هو موطن لها، والمجسمات هي عبارة عن فكرة بيئية، إذ أنجزت بطريقة بيئية، وهي مكونة من مادة (المايكروبلاستيك) التي جمعناها من النفايات بعد نخلها، اذ رأينا ان نصبها بالإسمنت لبناء ممرات لرواد الشاطىء، بدلا من الممرات المصنوعة من الخشب، وبذلك نستفيد من النفايات عوضا عن وضعها ومراكمتها مع باقي النفايات في مستوعبات القمامة، وهذه المجسمات بدأ التوقيع عليها لوضعها في معرض خاص لاحقا، وقع عليها الدكتور مايكل سكولوس مسؤول برنامجUNEP MAP ، وواحدة وقع عليها وزير البيئة محمد المشنوق، واليوم تم التوقيع على أخرى من قبل المجموعة التي تدربت على الجهوزية للحد من كوارث النفط، كما وضع عنصران فاعلان من البحرية توقيعهما، وكذلك وقع موقع greenarea.info البيئية المتخصص على المجسم نظرا لدوره الفعال كوسيلة اعلامية بيئية تتناول القضايا البيئية المهمة، وتمهيدا لدورات تدريبية مستقبلية يشارك فيها الاعلام، وأيضا اليوم ألقينا الضوء على مجسم كبير يمثل سلحفاة، أنجزها متطوع معنا في الجمعية وهو المهندس غسان قمورية”.
وعلى شرف الحضور اختتم اللقاء بعشاء على الشاطىء.
قمورية
المهندس والناشط في “حملة الازرق الكبير” غسان قمورية قال لـ greenarea.info ان “هذه الفكرة تبلورت في اطار محاولاتنا للتخفيف من النفايات التي يتركها الناس على الشاطئ من بقايا بلاستيك وإطارات مستعملة”، ولفت إلى “اننا قمنا بتجميعها وصبها بالباطون (الاسمنت) وتزيينها ببقايا قطع من مادة السيراميك، وذلك كرسالة للتذكير بأن هذا الشاطئ هو موطن للسلاحف، وعلينا المحافظة على نظافته، لحماية السلاحف البحرية من اكبر خطر يتهددها، ألا وهو البلاستيك..”..