لماذ مراكش دون غيرها من مدن المغرب – بما فيها العاصمة الرباط – احتضنت مؤتمر المناخ “كوب 22″؟ وهل تمثل رمزية ما وضعتها في مصاف المدن العريقة؟ وما علاقة هذه المدينة بالمناخ لتستضيف ثاني مؤتمر دولي للمناخ بعد “كوب 7” COP 7 في العام 2001؟
إذا كانت الرباط الرابضة على ساحل الأطلسي العاصمة الإدارية للبلاد، وإذا كانت الدار البيضاء Casablanca عاصمتها الإقتصادية وأكبر مدنها، فلا شك أن مراكش هي عاصمة المغرب السياحية، وقد صنف الموقع العالمي المتخصص في مجال السفر “تريب أدفايزر” Trip Advisor‏ مراكش كأول وجهة سياحية جديدة في العالم لعام 2015، لتتفوق بذلك على كبريات المدن العالمية.

بلاد الله

بحسب الموسوعات التاريخية، يعود أصل الاسم “مراكش” Marrakechإلى جذور أمازيغية، “أمور اكوش” – وتنطق بالأمازيغية أموراكش – وتعني “بلاد الله”، حيث يستعمل الأمازيغ كلمة تامورت أو أمور التي تعني البلاد أو الأرض، علما أن اسم مراكش كان يطلق على المغرب قديما، منذ أن كانت مدينة مراكش عاصمة للمرابطين وصولا إلى الانتداب الفرنسية في العصر الحديث، ولا زالت هذه التسمية متدوالة حتى الآن في كل اللغات كالفارسية (مراكش)، الاسبانية (مارويكوس) والانجليزية (موروكو).
وتعتبر مراكش ثالث أكبر مدن المغرب من ناحية الكثافة السكانية، وتقع في جنوب الوسط، وبلغ عدد سكان المدينة أكثر من 920 ألف نسمة (تعداد عام 2014)، وقد بناها السلطان يوسف بن تاشفين عام 1062 ميلادية، كعربون محبة لزوجته زينب النفزاوية.

مدينة خضراء

تعرف مراكش بـ “المدينة الحمراء” و”عاصمة النخيل” و”زهرة الجنوب”، وهي تشكل امتدادا لجبال الأطلس المعروفة، وقبيل افتتاح المؤتمر، تحولت إلى “مدينة خضراء”، وكأنها ارتدت حلة بيئية لاستضافة هذا الحدث الدولي، وهي أول مدينة تستضيف مؤتمر المناخ مرتين، وهناك مجموعة من المشاريع البيئية القائمة حاليا، والمنجزة سابقا، من شأنها أن تساهم في تحقيق التنمية المستدامة، خصوصا وأن ثمة توجها لإنشاء أحياء سكنية إيكولوجية، فضلا عن تعزيز النقل الصديق للبيئة من خلال تجهيزه بالطاقة الشمسية واستحداث مساحات خضراء متطورة تراعي سائر الجوانب البيئية.
ولا بد من الإشارة إلى أن الوزارة المكلفة بالبيئة كانت قد رصدت نحو 78 مليون درهم لانجاز مشاريع بيئية في مراكش، تحضيرا لقمة المناخ “كوب 22″، ومن بينها استحداث مساحات خضراء وتجهيزها بالإنارة على الطاقة الشمسية، إضافة إلى استحداث محطة لمعالجة النفايات، وإنشاء مصنع لانتاج مستلزمات الطاقة الشمسية وتطبيق النجاعة الطاقية ببعض البنايات العمومية.

مؤتمر أفريقيا

وتعيش مراكش حاليا تحديات واستحقاقات كبيرة، وأنظار العالم ستظل تتطلع إليها طوال أيام المؤتمر، ولا سيما ما يتعلق منها بإنفاذ وتطبيق التزامات “اتفاق باريس” لمكافحة الاحترار المناخي، فهل يشكل المؤتمر خطوة متقدمة في مجال التدابير المناخية، التي ينتظرها العالم؟
في العام الماضي، وقعت 192 دولة اتفاق باريس، منها 100 صادقت عليه، وفقا لرئيسة القمة الماضية وزيرة البيئة والطاقة الفرنسية سيغولين رويال التي قالت اثناء افتتاح المؤتمر: “نعم، لقد تمكننا كلنا معا من تحقيق ما كان يبدو مستحيلا”.
ودعت “الدول التي لم تصادق بعد على الاتفاق ان تفعل ذلك قبل نهاية السنة”. وأملت في ان يكون هذا المؤتمر “مؤتمر افريقيا”، مع التركيز على التحديات في ما يتعلق بالتمويل وتحويل التقنيات” من الدول المتقدمة الى الدول النامية.
كرست مراكش حضورها ومكانتها كمدينة تاريخية عريقة، لكن يبقى هناك سؤال، هل يعزز المؤتمر مكانتها كمدينة للمستقبل؟ وهل سيكون المؤتمر نافذتها إلى الحداثة بمفهومها القائم على الاستدامة؟ وهل ستدخل التاريخ من بوابة المناخ هذه المرة؟

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This