طقس شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري ثبّت المثل الشهير “بين تشرين وتشرين صيف ثان”، فقد أجمعت كافة المواقع التي تعنى بالطقس، المحلية أو العالمية، على طقس صيفي بامتياز سيطر وسيستمر طيلة الاسبوع، تترأوح فيه درجات الحرارة بين الـ 25 والـ 28 مع توقّع امكانية وصول ذروتها الى حدود الـ 30 درجة مئوية.
ومن خلال رصد تطور مسارات الكتل الهوائية، لا شيء يلوح في الافق حول طقس بارد على الاقل في الايام العشرة المقبلة.
مدير أبحاث برنامج التغير المناخي والبيئة في العالم العربي في معهد عصام فارس، الدكتور نديم فرج الله، اشار في حديث لـ greenarea.info الى انها ليست المرة الأولى التي يشهد فيها لبنان طقسا مشابها في الفترة نفسها، وبالتالي لا يمكن اعتبار هذا الامر مؤشّرا لشتاء جاف أو صيف حار. ونوّه بانه “ليس امامنا الا انتظار الفترة المقبلة، وخصوصاً الاشهر الممتدة بين كانون الأول (ديسمبر) وشباط (فبراير) ضمناً كي ندرك كمية المتساقطات من الامطار والثلوج قبل ان نتوقّع حجم المشكلات المقبلين عليها في فصل الصيف”.
التغيّر المناخي، دقّ أبواب الوطن العربي ولبنان منذ سنوات طويلة، انما هل يمكن اعتبار شح الامطار في هذه الفترة من السنة من تداعياته؟
في هذا الاطار، يشير فرج الله الى ان “انحباس الامطار يمكن ان يكون ضمن التبدلات المناخية الطبيعية التي نعاني منها بين فترة وأخرى، كما لا نستبعد أن يشكّل بادرة من بوادر التغيّر المناخي. الا انه لتحديد الموضوع في الخانة الصحيحة، لا بد من انتظار المواسم في السنوات المقبلة لمقارنتها مع التي سبقتها بفترة لا تقل عن ثلاث أو اربع سنوات، لنرى هل سيرسو الميزان على التعادل بين الفترتين أو يرجّح كفّة حالة على أخرى”.
استطراداً، اشار الى ان عام 2014 اتّسم بشحّ الامطار في حين كانت نسبة المتساقطات مقبولة في العام 2015، لتصبح دون المستوى في الـ 2016، وبينما تظهر بوادر غير متفائلة للموسم المقبل، أمِل أن يتحسّن الطقس لتأكيد المخأوف أو تبديدها، “فعندما تتراكم فترات الجفاف المتلاحقة أكثر من الطبيعي الذي اعتاد عليه لبنان وهو تبدّل الطقس كل فترة 3 الى 4 سنوات، يمكن ان نصل الى خلاصة ان التغيّر المناخي بدأ يترسّخ في لبنان بشكل تظهر بوادره أكثر فأكثر”.
بين هذه الخانة أو تلك، لا بد من إجراءات وقائية لمداراة الواقع المقبل، وفي هذا السياق، شدّد فرج الله على ضرورة البحث عن خطط فعالة لمواجهة الشحّ الذي يمكن ان نلحظه هذا الشتاء، دون ان يكون التحرّك الآني عند حدوث الازمة هو الحل الوحيد. وركّز على ضرورة تحويل الاستراتيجيات المرسومة في هذا المجال الى دينامية واضحة، فضلاً عن نشر الوعي لدى الناس بضرورة ترشيد استهلاك المياه فردياً أو جماعياً وحتى مؤسساتياً، لان المشاكل التي ستصادفنا بسبب قلة المتساقطات ستتخطى تلك البيئية لتطاول الصحة والاقتصاد وكافة جوانب المجتمع اللبناني والتي تطاول كل مواطن على حدة.
ابرز المشاكل التي يمكن ان تواجهنا في حال كانت المتساقطات قليلة، برأي فرج الله، هي “ندرة المياه التي ستنعكس بدورها على نسبة استهلاك الآبار الجوفية، خصوصاً في المناطق الساحلية التي ستسحب من مياه البحار، الامر الذي يؤدي الى تملّح الآبار وتصبح غير قابلة لاعادة التأهيل. اما في البقاع، فإن مستوى المياه في الآبار الجوفية لا بد من ان ينخفض الامر الذي يؤثّر على القطاع الزراعي بشكل كبير”.
وفي حين تمنى ان لا تقتصر المتساقطات على الامطار فحسب، لانها لا تساهم في تخزين المياه، طرح ضرورة البحث في وسائل تخزين المياه الناتجة عن ذوبان الثلوج بشكل مدروس ويضمن التخزين الصحيح. وتخوّف من شحّ المياه الجوفية قبل أوانها وانتشار السوق السوداء لبيعها دون معرفة نوعيتها أو مصدرها، الامر الذي يمكن ان يرتّب مشاكل اقتصادية من جهة وصحية من جهة أخرى.