من حلقات النقاش المهمة التي شهدها مؤتمر المناخ “كوب 22” في مراكش، تلك التي نظمها اتحاد (فدرالية) مهنيي الزراعة العضوية بالمغرب العروفة بـFIMABIO، وتم خلالها تسليط الضوء على دور الزراعة العضوية في الحد من التغيرات المناخية، وخلال هذا النشاط، تطرق رئيس الفدرالية العالمية لحركات الزراعة العضوية، أندري ليو، إلى ضرورة الإسراع في النهوض بالزراعة العضوية من أجل المساهمة في التصدي للتغيرات المناخية قبل أن يفوت الأوان.
واستعرض في هذا الصدد مجموعة من مزايا تقنيات الزراعة العضوية التي “تمكن من التصدي للتغيرات المناخية عن طريق تخزين غاز ثاني أوكسيد الكربون في الأرض وتحوله إلى مادة عضوية”، مضيفا أنه باستطاعة الزراعة العضوية تخزين حوالي 3,5 طن من غاز ثاني أوكسيد الكربون في الهكتار الواحد سنويا.
وفي السياق ذاته، دعا رئيس FIMABIO بو عمر بو عمر الحكومة المغربية إلى تشجيع الزراعة العضوية، وأخذها بعين الاعتبار خلال صياغة البرامج الرامية لمواجهة آثار التغيرات المناخية.
وخلال هذه الفعالية تم توزيع بيان للـ FIMABIO بعنوان “بيان من أجل مغرب عضوي ودعم أفريقيا عضوية”، تدعو من خلاله الفدرالية إلى دعم الزراعة العضوية وإدراجها في قائمة اهتمامات مؤتمر COP22. ويندرج هذا النشاط في إطار الفعاليات التي يشهدها فضاء المعرفة والتقاليد بالمنطقة الخضراء لمؤتمر COP22 المنعقد من 7 إلى 18 الشهر الجاري.
من وجهة نظرنا لقد تم العمل على تشجيع الزراعة العضوية لأكثر من عقدين من الزمن واصبحت قضية متعارف عليها، بحيث أنه لم يعد ممكناً إنتاج أي مادة زراعية تحمل أثرا متبقيا، لكن حالياً، يتم العمل من خلال المنظمات العربية والدولية (أكساد وإيكاردا) في الدول العربية منذ عشر سنوات على تشجيع مفهوم أحدث، يقع بالطبع ضمن الزراعة العضوية، ألا وهو مفهوم الزراعة الحافظة، لما له من أهمية في تخفيف انبعاثات الكربون ، ولتوضيح ذلك:
يهدف تطبيق نظام الزراعة الحافظة Conservation Agriculture إلى المحافظة على الموارد الطبيعية المتجددة (المياه والتربة) بطريقةٍ مستدامة، مع مراعاة زيادة حجم الإنتاج الزراعي لتأمين الاحتياجات الغذائية المتزايدة، دون أن يؤدي ذلك إلى تدهور النظم البيئية الزراعية. تستند الزراعة الحافظة إلى تعزيز العمليات البيولوجية الطبيعية فوق سطح التربة وتحتها، وتخفيض معدلات استعمال مدخلات الإنتاج الزراعي الخارجية (الأسمدة المعدنية والمبيدات) إلى الحد الأدنى، بما يضمن المحافظة على إنتاجية الأرض والمحصول، والحد من تلوث التربة، والمياه السطحية والجوفية.
بشكل عام، تسرع عمليات تحضير التربة المكثفة من معدنة المادة العضوية، وتحول البقايا النباتية إلى غاز ثاني أوكسيد الكربون (CO2)، الذي ينطلق إلى الغلاف الجوي ليسهم في ازدياد تركيز الملوثات الجوية، واستفحال تأثير غازات الصوب الزجاجية، ومن ثمّ ظاهرة الاحتباس الحراري، حيث تؤدي فلاحة التربة إلى زيادة مستوى الأوكسجين فيها، وتؤدي أيضاً إلى زيادة درجة حرارة التربة. ويؤدي ارتفاع تركيز الأوكسجين ودرجة الحرارة إلى زيادة النشاط الحيوي، الأمر الذي يؤدي إلى تحرير كمياتٍ كبيرة من غاز الفحم إلى الوسط المحيط، نتيجة زيادة معدل أكسدة المادة العضوية، أي تسرع عملية الفلاحة من معدل تحلل المادة العضوية. ويؤدي بالمقابل تطبيق نظام الزراعة الحافظة إلى احتجاز كمياتٍ كبيرة من الكربون في التربة. وتعادل الكمية من الكربون المخزنة في الترب المنتجة في المناطق المدارية تلك الكمية التي تتراكم في الغابات (6- 13 كغ كربون/م3) عند عمق 0 – 20 سم. ويمكن لنظام الزراعة الحافظة أن يحول التربة من مصدرٍ للكربون إلى مصبٍ له. وبينت العديد من التجارب أنّ تطبيق الزراعة الحافظة على مدار 8 سنوات قد أدى إلى زيادة مستوى الكربون في التربة بنحو 2.8 طن، بالمقارنة مع الزراعة التقليدية. ويعد هذا الفرق مهماً جداً إذا علمنا أنّ كل طن من الكربون المضاف إلى التربة يحتاج إلى قرابة 3.5 أطنان من غاز الفحم الذي تتم إزالته من الغلاف الجوي.
الصورة تبين دور الفلاحة المتكررة للتربة في حرق المادة العضوية، ودور التغطية المستمرة لسطح التربة في الزراعة الحافظة في احتجاز الكربون.