لور ايوب – السفير
على الرغم من كل ما يحظى به «الملك العام» من إثباتات المفترض أن تراعي بقاءه على قيد الحياة، دفن قبل إعلان وفاته، من خلال المراسيم التي أعطت لأصحاب السلطة والنفوذ «جواز» الاعتداء عليه!
«الحق العام»، دفن حيا، الى جانبه «الأخلاق»، «الشفافية» و «القانون»، كما جسده ناشطون في صورة تداولوها على مواقع التواصل الاجتماعي، حملت عنوان «مجزرة جماعية ترتكبها السلطة». وقد كانت الصورة احتجاجا على أعمال الحفر في المواقع التي تنبع منها مياه البحر في الرملة البيضاء «مشروع ادن روك»، وشفط المياه المختلطة بالرمول الى داخل البحر، الأمر الذي يضيف انتهاكا لرمول البحر.
لم يعر حانوتي «الملك العام»، الاهتمام الى النبضات البيضاء التي ما زالت تهدر في قلب بحر بيروت، لأن البحر يعلم أن بيروت «باقية لأهلها» أكثر من زعمائها. فعلى الرغم من كل احتجاجات جمعيات المجتمع المدني من أجل الحفاظ على الملك العام لا تزال الحقوق حبرا على ورق!
في عام 1925 صدر القانون 144 الذي نصّ في المادة الثانية منه، على أنّ «المياه الجارية تحت الأرض والينابيع من أي نوع كانت هي أملاك عمومية»، فيما تمنع المادة الأولى من القانون نفسه «بيعها أو اكتساب ملكيتها عبر الزمن». لذلك فإن ما يحصل اليوم يمثّل خرقا واضحا للمادّتين، إذ تجري عمليات الحفر في موقع مشروع الـ «ادن روك» في نقطة تنبع منها مياه البحر، وذلك ما يدرجها في خانة الملك العام.
وبحسب القانون 144 ذاته، فإن المياه التي تنبع في مكان الحفر تسقط أي حجج أخرى تبيح انتهاك «الملك العام» حتى لو جرت محاولات لـ «قوننتها»، خصوصا أن هناك خروقا كثيرة للقانون في المشروع الذي يجري العمل فيه، فقد حاز الترخيص من دون تدخل الوزارات المعنية لجهة رسم الحدود البحرية ودراسة الأثر البيئي.
في محاولة لوقف الخرق الحاصل، يدعو الناشط أحمد الحلاني من حملة «بدنا نحاسب» إلى تحويل «القضية إلى قضية رأي عام، كما حصل في قضية النفايات»، مؤكدا أن الحملة «ستعمل من خلال ثلاثة مستويات: الاعتصامات السلمية، واللجوء إلى القضاء، وتوعية الرأي العام حول أهمية هذه القضية». وفي هذا السياق دعت الحملة الى الاعتصام في «الرملة البيضاء» اليوم عند الساعة السابعة مساءً، تحت عنوان «الساكت عن الشط شيطان أخرس».
ويؤكد المدير التنفيذي لجمعية «نحن» محمد أيوب أن ما يحصل في الرملة البيضاء هو انتهاك للملك العام من السلطة التي تمارس نفوذها ضد مصالح المواطنين، مشيرا إلى حملة ضغط على الوزارات ستجري انطلاقا من وزارة الأشغال التي عليها ترسيم الحدود، ثم توجيه نداء الى وزير البيئة من أجل دراسة الأثر البيئي، وتحركات أخرى.
وفيما لم يؤكد مشاركة «نحن» في الاعتصام الذي دعت اليه «بدنا نحاسب»، يرى أن «التحركات المتعددة ضرورية من أجل إنقاذ البحر».
وكان ناشطون من المجتمع المدني قد حاولوا أمس الاحتجاج ضد المشروع عبر إزالة المضخات التي تشفط الرمول والمياه لكنّ رجال الأمن التابعين لـ «ادن روك» تصدوا لهم ومنعوهم من تحقيق غايتهم واعتدوا على المعتصمين برشقهم بالحجارة وأصابوا أحدهم في وجهه.