تبقى “غرينبيس” Greenpeace المنظمة الأعرق على صعيد البيئة المناخ، وهي استشرفت مخاطر كبيرة على مستوى ما نواجه اليوم من كوارث قبل أكثر من أربعين سنة، وتحديدا في السبعينيات من القرن الماضي، واستطاعت أن تصل بقضية البيئة إلى مستوى قضية كونية، وهي خاضت في هذا المجال نضالا كرس ثقافة عالمية في مواجهة ممارسات الدول غير الآبهة بمصير الكوكب.
وفي سياق مواكبة أعمال المؤتمر، إلتقى greenarea.info مسؤول الحملات في العالم العربي في منظمة “غرين بيس” Greenpeace المتوسط جوليان جريصاتي في مراكش، وكان هذا الحوار تناولنا فيه رؤية المنظمة تجاه المؤتمر وما يعول عليه من نتائج.
وفي ما يلي نص الحوار:
Green Area: كيف تقيم أجواء المؤتمر في مراكش؟ وأين وصلت المباحثات حتى الآن؟
جوليان جريصاتي: تبدو الأجواء إيجابية بعد انتهاء الاسبوع الأول من مؤتمر الدول الاطراف في إتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COOP22 في مراكش، بالرغم من أن المشاورات لم تتركز على الصعيد السياسي إلى الآن، إنما على الصعيدين التقني والفني، وبالرغم من نتائج الانتخابات الاميركية وبعد وصول دونالد ترامب الى سدة الرئاسة الأميركية، إلا أننا نشعر بالتفاؤل، بسبب تضامن الدول وتكاتفها، خصوصا الصين والسعودية بعد تصريحهما بعدم وجود أي نية للإنسحاب، أما اليوم فقد بدأنا نشهد أجواء أكثر تفاعلا مع بدء توافد الرؤساء الى المؤتمر.
Green Area: هل تتوقعون أن تنسحب الولايات المتحدة من مؤتمر باريس؟ وما هي تداعيات هذا الانسحاب إذا ما حصل فعلا؟
جوليان جريصاتي: مع ترامب من الصعب أن نتوقع شيئا، فالتصريحات التي كان قد أدلى بها قبل الانتخابات من الممكن أن تتبدل، أو يتم التراجع عنها بعد وصوله إلى البيت الأبيض، لكن لا احد يملك الاجابة عن هذا السؤال، إلا أن ما يهمنا، هو أن جميع المشاركين في المؤتمر تضامنوا وسيبقون متضامنين حتى ولو انسحبت اميركا، كما أن انسحابها يتطلب أربع سنوات على صعيد إتفاق باريس، وسنة واحدة فيما لو أرادت الانسحاب من اتفاقية المناخ بمجملها، فالانسحاب ان حصل سيكون خبراً سيئاً، ولكن ليس كارثيا، فالانتقال الى الطاقة المتجددة، وأيضا معركة التغير المناخي مستمرة ليس فقط من أجل الاستدامة ومصلحتنا كبشر، وانما لأن هناك منطقا اقتصاديا، وهناك منطقا تكنولوجيا، فالطاقة المتجددة اليوم هي أقل كلفة من طاقة الفحم الحجري، وسنرى انخفاضا ملحوظا في المستقبل، وحاليا هناك فرص عمل لثمانية ملايين وظيفة حول العالم على صعيد الطاقة الجديدة. ويبقى الخطر من انسحابها هو في الجزء المتعلق بالتمويل كحكومة أميركية، ولكننا نرى أن الشركات في الولايات المتحدة بدأت تتوجه نحو الطاقة المتجددة، كما شهدنا مع شركة “غوغل”، وهذا الانتقال يصب في مصلحة هذه الشركات.
Green Area: هل سنشهد تحقيقا للعدالة المناخية وتعويضات للدول النامية والمتضررة على قدر ما هو متوقع؟
جوليان جريصاتي: يعتبر هذا الجانب الأهم في المشاورات المتواصلة في المؤتمر، ويتم حاليا التشاور على كيفية الدعم من الدول المتقدمة والغنية لصالح الدول الفقرة والنامية الاكثر تأثرا بالتغيير المناخي، وسيكون هناك تمويل، ولكن المسألة لا تنحصر بالتمويل فحسب، لأنه يصرف على تطوير الطاقة المتجددة الكثير، والاهم أن يكون هناك تمويل لدعم الدول الفقيرة على التأقلم مع تغير المناخ ونحن نعمل للضغط في هذا الاتجاه.
Green Area: في ما شهده المؤتمر حتى الآن، خصوصا مع بدء توافد رؤساء الدول إلى مراكش، هل ثمة ملاحظات لـ Green Peace سلبا كان أو إيجابا؟
جوليان جريصاتي: بالرغم من أن وتيرة العمل كانت بطيئة في بداية المؤتمر وسادها جو من الفتور بعض الشيء، وهذا كان متوقعا بعد حدث كبير على مستوى مؤتمر باريس، إلا ان وتير العمل بدأت تتحسن، وجاءت ردة الفعل ايجابية، خصوصا بعد فوز ترامب من حيث التضامن والتكاتف بين الدول، ونحن رحبنا، وتوسمنا خيرا في موقف الصين والسعودية بتأكيدهما على الالتزام بإتفاقية باريس وغيرهما من الدول المؤثرة وصاحبة القرار.
مسيرة غرينبيس في مراكش
وكانت غرينبيس قد شاركت في مسيرة المناخ في مراكش، خلال المؤتمر، الى جانب المجتمع المدني المغربي ومنظمات عالمية أخرى والآلاف من المشاركين، للمطالبة بضرورة الانتقال السريع الى عالم ١٠٠ بالمئة طاقة متجددة.
وحمل أعضاء المنظمة المشاركين في المسيرة لافتات كتب عليها بالخط العريض “100 بالمئة طاقة متجددة” و”الشمس تجمعنا” باللغتين العربية والانجليزية، تضامناً مع المجتمع المدني في مطلبه نحو عالم أكثر صحة وأماناً.
وقالت مديرة غرينبيس المتوسط في العالم العربي وشمال افريقيا، غالية فياض: “انها مسيرة تؤكد ان مجتمعاتنا المحلية بدأت تعي ان التغير المناخي هو ظاهرة تهدد كوكبنا وعلينا مواجهتها سريعاً، ومشاركتنا اليوم هو للضغط على صناع القرار في قمة المناخ بضرورة الانتقال السريع الى عالم ١٠٠ المئة طاقة متجددة”.