يواجه العالم بأسره نتائج وتداعيات تغير المناخ، وأهمها الارتفاع غير المسبوق بدرجات الحرارة وذوبان الجليد القطبي، ومن المتوقع أن يشهد العام 2016 أعلى درجة حرارة مسجلة حتى الآن، وفقا للإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي The National Oceanic and Atmospheric Administration أو NOAA.
فقد سجلت الأشهر العشرة الأولى من هذا العام أعلى معدل درجة مسجلة، وهي 14،7 درجة مئوية، وهذا المعدل فاق العام 2015 بدرجة مئوية، ولكنه لا زال أقل من تشرين الأول (أكتوبر) من العام 2014 والعام 2015 توالياً، كما أن الأعوام منذ 2000 إلى الآن سجلت 42 شهرا متواصلا في ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة، ولم يسجل أي شهر منذ العام 1916 انخفاضا بدرجات الحرارة، كما أن درجات الحرارة المرتفعة المسجلة أكثر بمعدل 15 مرة من درجات الحرارة المنخفضة، وفقا لـ NOAA.
وتتعرض منطقة القطب الشمالي للتغيرات المناخية بشكل كبير، وهي قادرة على التأثير على المناخ العالمي، فقد تأثر فصل الصيف في تلك المنطقة بالانبعاثات الإقليمية الطبيعية، ما أثر بدوره على المناخ، خصوصا لجهة تلك المتعلقة بجسيمات الغلاف الجوي والسحب إلا أن الأبحاث في هذا المجال كانت نادرة.
بحث علمي
ويتابع العلماء في كافة أرجاء العالم أبحاثا ودراسات عدة، في محاولة للتوصل إلى ما يمكنه الحد من ارتفاع درجات الحرارة، وخصوصا في المنطقة القطبية، وتلعب الغيوم والسحب دورا رئيسيا في عكس الحرارة، ما يساهم في إبقائها ثابتة وإلى انخفاض.
وفي هذا السياق، نشرت دراسة حديثة بعنوان “مساهمة الأمونيا الناتجة عن الطيور البحرية القطبية بجريئات الغلاف الجو المكونة للغيوم العاكسة للحرارة”Contribution of Arctic seabird-colony ammonia to atmospheric particles and cloud-albedo radiative effect في دورية “التواصل في الطبيعة” Nature Communications، ووجد العلماء غريغوري وينتورث Gregory Wentworth وجنيفر مورفي Jennifer Murphy وبيتي كروفت Betty Croft، أن نسبة الأمونيا من ذرق (فضلات) الطيور في المستعمرات البحرية يزداد بشكل كبير خلال فصل الصيف نتيجة توافد الطيور بالملايين، ما يشكل عاملا رئيسيا يسهم في دفعات جديدة من الجزيئات التي تتشكل حديثا، والتي لوحظت في كل صيف، وتحديدا في الفترة بين أيار (مايو) وأيلول (سبتمبر) في الغلاف الجوي القريب من سطح الأرض، في أليرت Alert في منطقة نونافوت الكندية Nunavut، وهي أعلى منطقة مأهولة بالسكان.
وفي ملخص البحث، أشار العلماء إلى أن نموذج المحاكاة الكيميائي (GEOS Chem TOMAS) أثبت أن جزيئات ناتجة عن مخلفات الطيور البحرية في عموم المنطقة القطبية الشمالية، تتكون وتكثر نتيجة تفاعل حامض الكبريتيك H2SO4 الطبيعي الناشئ من المواد العضوية، والناتجة عن النشاط البيولوجي، والأمونيا NH3 الناتجة عن تحلل مخلفات الطيور بفعل البكتيريا بالإضافة إلى الماء، ما يؤدي إلى تكثف البخار المحتوي على الجزيئات بشكل أكثر وبأقطار كبيرة، لتنمو من 1 و2 نانومتر إلى 50 و80 نانومتر، وهي أقطار كافية لتعزز تشكيل عموم السحب القطبية في فصل الصيف في القطب الشمالي، ما يساهم في عملية عكس الغيوم لأشعة الشمس وبرودة الطقس، وبعد عملية حسابية دقيقة توصل العلماء إلى أن عمليات التبريد الناتجة يمكن أن تكون كبيرة على عموم المنطقة القطبية الشمالية بحوالي -0.5 W m−2 (واط في المتر المربع الدائري وحدة قياس الطاقة)، وهو ما يتجاوز -1 واط لكل متر مربع دائري بالقرب من أكبر مستعمرات الطيور البحرية، نظرا لآثار الطيور البحرية على قدرة جزيئات السحب العاكسة albedo، وقد تتأثر هذه العمليات الإيكولوجية والكيميائية بارتفاع درجات الحرارة في القطب الشمالي وعمليات التصنيع في المناطق المجاورة والبعيدة عن القطب.
توازن درجة الحرارة
وقالت كروفت، وهي باحثة من “جامعة دالهاوزي” Dalhousie University في هاليفاكس Halifaxفي كندا، أن”هذه الطيور يمكنها تغيير خصائص الغيوم الحالية”. وركزت كروفت ووينتورث وزملاؤهما على آثار الأمونيا على نوع معين من السحب المنخفضة التي يمكن أن تعكس ضوء الشمس بعيدا من التندرا (الصحاري الباردة). فبالقيام “ببذر” تلك الغيوم بالأمونيا، فإن الطيور تساعد دون قصد للحفاظ على الصيف في موطنها باردا.
وقد أثبت وينتورث وفريقه في بحث سابق أن هذه الطيور تساهم بكمية كبيرة من الأمونيا، وقدرت الكمية التي تضخها مستعمرات الطيور في الدائرة القطبية الشمالية بحوالي 40 جيغاطن سنويا، ويلعب المحيط دورا كبالوعة إضافية لها، كما تساهم بعض الجزيئات الدقيقة من أصل عضويextremely low-volatility organic compounds واليود Iodine والأمينات Amines في تشكل هذه الجزيئات المكونة للبخار.
إلا أن كمية الأمونيا، على الرغم من ذلك، قد لا تكون كافية لوقف عملية الاحترار السريع في منطقة القطب الشمالي من روث الطيور، وإن كانت تساعد على توازن درجة الحرارة، إلا أن المهم في هذه الدراسة، أن هذا العامل المتغير الذي لم تتم دراسته من قبل، له تأثير تبريد صغير، والآن، فإن دراسات أخرى يمكنها استخدام هذه المعلومات للكشف عن عوامل غير معروفة.