حافظت تونس على استقرارها بعد إقصاء الرئيس السابق زين العابدين بن علي، إثر “ثورة شعبية” استمرت أياما عدة، خلافا لما آلت إليه الأوضاع  في دول عربية أخرى شهدت أحداثا مماثلة، لكن توالت على تونس أزمات معيشية وحياتية واقتصادية، فضلا عن الإرهاب المتربص بالبلاد والذي أصاب الإقتصاد ولا سيما القطاع السياحي بشكل خاص، بعد سلسلة تفجيرات في مناطق سياحية متفرقة أبرزها في العام 2015.

وبين تقرير للبنك الدولي The World Bank صدر حديثا، تحت عنوان: “التوقعات الإقتصادية في تونس – ربيع 2016” Tunisia’s Economic Outlook – Spring 2016، أن نمو الناتج المحلي الإجمالي بلغ 0.8 بالمئة فقط خلال العام 2015، وذلك بفضل الأداء القوي في الإنتاج الزراعي (+9.2 بالمئة) من إنتاج الزيتون بشكل خاص، في حين أن معظم القطاعات الاقتصادية عانت من التعثر والركود، وتسببت الإضرابات والاضطرابات الاجتماعية إلى انخفاض إنتاج تونس للفوسفات، وكذلك انخفاض إنتاج النفط والغاز، فضلا عن انكماش حاد في الصناعات البتروكيميائية (-5.3 بالمئة)، وتكرير النفط (-18.2 بالمئة)، وتراجع عام في الصناعات غير التحويلية (-4.1 بالمئة)، وبعد تسارع ملحوظ على مستوى هذه الصناعات خلال النصف الأول من عام 2015، تراجع معدل التضخم بشكل مطرد إلى 4.1 بالمئة، وبحلول نهاية عام 2015 وصل هذا المعدل إلى متوسط سنوي قدره 4.9 بالمئة، وهو نفس معدل العام السابق، إلا أن معدل البطالة ظل مرتفعا عند 15.4 بالمئة، خصوصا بالنسبة للنساء (22.6)، خريجو الجامعات (31.2) والشباب (31.8) بالمئة.

 

مخطط التنمية الخماسي

 

ويتوقع التقرير أن نمو الناتج المحلي الإجمالي في تونس سينتعش بشكل متواضع، ليصل إلى   1.8 بالمئة في عام 2016، نتيجة الزيادة في إنتاج الفوسفات، وفي سيناريو مؤاتٍ، من شأنه الجمع بين السعي لتحقيق الإصلاحات الهيكلية، وتعزيز الأمن، وتحسين الوضع الاقليمي (وأبرزها بداية التطبيع مع ليبيا)، وزيادة الاستقرار الاجتماعي، وزيادة معتدلة في الطلب الخارجي، من المتوقع أن يحصل تسارعا في النمو الاقتصادي ليصل إلى 2.5 بالمئة في العام 2017 و 3 بالمئة في 2018.

وفي هذا السياق، وبهدف إعطاء دفعة للإقتصاد التونسي بقطاعاته المختلفة، افتتح مؤتمر تونس 2020 على درب الإدماج والإستدامة والنجاعة:TUNISIA 2020 , Road to Inclusion, Sustainability and Efficiency، في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) ويستمر حتى 30 منه في العاصمة التونسية تونس، ويعتبر هذا المؤتمر الثاني بعد 2011 بهدف دعم الاقتصاد التونسي، وكان المؤتمر الأول “مؤتمر الاستثمار في تونس: الديموقراطية الناشئة في 2014″، أما المؤتمر الحالي فهو مؤتمر دولي ضم 40 دولة ونحو ألفي مشارك من بينهم عشرات الشركات والمؤسسات الاقتصادية الوطنية والدولية، بهدف جلب الإستثمارات في 142 مشروعا استثماريا شملت القطاعين العام والخاص ومشاريع مشتركة في مختلف الميادين، من النقل إلى الاقتصاد الرقمي، مرورا بالزراعة والطاقة والبيئة والسياحة، وتبلغ كلفة هذه المشاريع الإجمالية حوالي 30 مليار يورو (32 مليار دولار تقريبا).

ويقدم هذا المؤتمر مخطط التنمية الخماسي 2016-2020 المرتكز على خمسة محاور وهي: الحوكمة الرشيدة والاصلاح الإداري ومكافحة الفساد، الانتقال من اقتصاد ضعيف المردودية إلى قطب اقتصادي، التطور البشري والضمان الاجتماعي، تحقيق طموحات الجهات المختلفة والاقتصاد الأخضر باعتباره عمود التنمية الشاملة، اما اهدافه فهي الوصول إلى نمو بنسبة 4 بالمئة، فضلا عن خفض مستوى البطالة من 15،5 إلى 12 بالمئة عبر توفير 400 ألف فرصة عمل بحلول العام 2020.

 

البيئة والاستدامة

 

ونتوقف في هذا المجال عند بعض المشاريع المقترحة في المؤتمر، لا سيما في مجالي البيئة والاستدامة:

– SMART-GRID الشبكة الذكية للكهرباء والغاز، وهو مشروع بنيوي يشمل تطوير النظام البيئي والاقتصادي والتنموي للحد من معدل الخسائر في قطاع الكهرباء، تقليص الفواتير، الحد من الغش، والوصول إلى 30 بالمئة من الطاقات المتجددة، فضلا عن توفير الخدمة الشاملة للمواطنين.

– إنتاج الطاقة من الكتلة الحيوية بهدف تنويع مصادر الطاقة واستغلال الموارد الطبيعية للطاقة المتجددة، باستخدام المخلفات الزراعية والصناعية (بقايا الزيتون، ومخلفات أخرى) بمعدل  108 ألف ميغاواط/السنة، فضلا عن الحد من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون وتقدر بـ 51,881 طن.

– برنامج إنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة 2017 – 2020، والتي تتبع البرنامج الوطني لإنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة 2016-2020، وهو برنامج خاص للقطاع الخاص، بهدف انتاج طاقة إجمالية تصل إلى 550 جيغاواط في السنة تتوزع بين مشاريع تشمل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، مع ألف فرصة عمل جديدة.

– التصرف المندمج في النفايات المنزلية بجنوب غرب منطقة تونس الكبرى، بهدف تحسين عملية جمع النفايات وتأمين نظافة المدن، رفع معدل الإستفادة من النفايات القابلة للرسكلة (إعادة التدوير) والاقتصار على ردم النفايات المتبقية وما يتبعه من تحسين الظروف المعيشية للمواطنين والأمن البيئي الوطني، فضلا عن مشاريع سياحية وثقافية واقتصادية وبيئية عديدة تهدف إلى توفير فرص العمل، وتحقيق التنمية المحلية.

 

هبات ومنح وقروض

 

وقد تم بالفعل توقيع 30 اتفاقية على هامش المؤتمر، تصل قيمتها إلى 15 ألف دينار تونسي (حوالي 6،5 مليار دولار)، ومنها: مع الإتحاد الأوروبي وهي عبارة عن هبة بحوالي 200 مليون يورو، البنك الأوروبي للإستثمار: قرض بـ 2،5 مليار يورو، البنك الأوروبي لإعادة التعمير والتنمية: قرض بـ 46،5 مليون يورو، البنك الألماني: قرض بـ 105 مليون يورو، الوكالة الفرنسية للتنمية: هبة بـ 5 مليون يورو، البنك الدولي لإعادة الاعمار والتنمية: دعم تونس باستثمارات تناهز 615 مليون يورو، مجموعة أبراج للاستثمار: تخصيص مبلغ 3 آلاف مليون دولار، البنك الدولي: تمويلات بقيمة مليار دولار سنويا على امتداد 5 سنوات، فضلا عن الشركة المالية العالمية التي تنتمي للبنك الدولي التي ساهمت بتوفير 300 مليون دولار لدعم القطاع الخاص في تونس.

كما خصصت قطر: هبة بمليار و250 مليون دولار أميركي، والكويت قروضا ميسرة بقيمة 500 مليون دولار، تركيا: وديعة بقيمة 100 مليون دولار، كندا: دعم قدره 24 مليون دولار على امتداد أربع سنوات، فرنسا: تحويل جزء من الديون التونسية لدى فرنسا إلى تمويلات لمشاريع تنموية في تونس ودعم يقيمة 250 مليون يورو كل سنة، السعودية: منح تونس 500 مليون دولار لدعم الاستثمار في مجالات عدة، فضلا عن منح لبناء مستشفى وصيانة جامع ودعم الصادرات إلى تونس.

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This