يفتتح اليوم في مدينة كانكون في المكسيك مؤتمر الأطراف لاتفاقية التنوع البيولوجي في دورته الـ13، وتستمر فعالياته لغاية 17 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، ويبحث قضايا التنوع البيولوجي وحماية البيئة وبناء المستقبل في تناغم مع الطبيعة.
وينعقد المؤتمر الذي يشارك فيه وفود تمثل 190 دولة موقعة على اتفاقية التنوع البيولوجي، في وقت تظهر فيه المعطيات والبيانات ان العالم لا يزال بعيدا عن تحقيق ما يعرف بـ “أهداف أيتشي”، التي يفترض ان تتحقق بحلول العام 2020.
ومعلوم ان الحكومات وافقت في تشرين الأول (أكتوبر) 2010 في اليابان على تشكيل الخطة الاستراتيجية للتنوع البيولوجي في الفترة 2011-2020، وتعتبر “أهداف أيتشي” الأساس لإيقاف فقدان التنوع البيولوجي على كوكب الأرض. ولدعم الجهود والزخم إزاء المهام الملحة هذه، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الخامسة والستين الفترة من 2011 إلى 2020 بوصفها “عقد الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي” إسهاماً في تنفيذ الخطة الاستراتيجية للتنوع البيولوجي في هذه الفترة.
وهناك خمسة أهداف استراتيجية و20 هدفاً طموحاً، ومع ذلك فهي قابلة للتطبيق. وهذه الأهداف جميعاً، والتي يطلق عليها “أهداف أيتشي”، تشكل جزءاً من الخطة الاستراتيجية للتنوع البيولوجي. والغرض منها أن تكون مصدر إلهام للإجراءات ذات القاعدة الواسعة الداعمة للتنوع البيولوجي على مدى العقد (2011-2020) التي تتخذها كافة البلدان وأصحاب المصالح، تعزيزاً للتنفيذ المتماسك والفعال للأهداف الثلاثة للاتفاقية المتعلقة بالتنوع البيولوجي: الحفاظ على التنوع البيولوجي، الاستخدام المستدام للتنوع البيولوجي، التقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدام الموارد الجينية.
ومن بين الأمثلة عن “أهداف أيتشي” للتنوع البيولوجي: خفض معدل فقدان جميع الموائل الطبيعية، بما في ذلك الغابات، إلى النصف على الأقل، وحيثما كان ممكناً إلى ما يقرب من الصفر. واستعادة 15 بالمئة على الأقل من المناطق المتدهورة من خلال أنشطة الحفظ والاستعادة، وبذل المزيد من الجهود للحد من الضغوطات التي تواجهها الشعاب المرجانية.
والى جانب تزخيم العمل الحكومي والشعبي لتحقيق “أهداف أيتشي”، يهدف مؤتمر كانكون الى الضغط باتجاه الأهداف الأخرى ذات الصلة، والتي تم الاتفاق عليها العام الماضي، وهي روزنامة 2030 لتحقيق اهداف التنمية المستدامة، إطار سِنداي للحد من مخاطر الكوارث للفترة 2015-2030، واتفاقية باريس للحد من تغير المناخ.
ويلتقي في كانكون أكثر من 120 وزيراً من مختلف دول العالم يملثون وزارات البيئة والزراعة والثروة السمكية والسياحة، باعتبار ان هذه القطاعات تشكل مركز الثقل المتعلق بسياسات ومشاريع التنوع البيولوجي، وتعتبر انشطة هذه القطاعات وطريقة ادارتها بشكل مستدام الاساس العملي لتحقيق اهداف اتفاقية التنوع البيولوجي وضمان ديمومتها.
ويركز اجتماع كانكون بشكل رئيسي على دراسة مدى التزام الدول بتحقيق الهدف الحادي عشر من “أهداف أيتشي”، الذي ينص على انه بحلول عام 2020، يجب أن يتم حفظ 17 بالمئة على الأقل من المناطق الأرضية ومناطق المياه الداخلية و10 بالمئة من المناطق الساحلية والبحرية، خصوصاً المناطق ذات الأهمية الخاصة للتنوع البيولوجي وخدمات النظام الإيكولوجي، من خلال نظم مُدارة بفاعلية ومنصفة وتتسم بالترابط الجيد، وممثلة إيكولوجياً للمناطق المحمية وتدابير الحفظ الفعالة الأخرى القائمة على المنطقة، وإدماجها في المناظر الطبيعية الأرضية والمناظر الطبيعية البحرية الأوسع نطاقاً. ورغم اهمية هذا الهدف، فإن غالبية الدول لم تضع برامج واستراتيجيات فاعلة قادرة على تحقيقه.
الحدث البالغ الأهمية الذي يتزامن مع مؤتمر كانكون يتمثل بإصدار التحديث السنوي للقائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض، وهي لائحة تصنف وتدرس حالة حفظ الأنواع النباتية والحيوانية، يصدرها “الاتحاد العالمي لصون الطبيعة”.
وتواجه العديد من الطيور حول العالم خطر الانقراض، لكن اقسى الأخبار واكثرها خطورة تتعلق بطائر الببغاء الرمادي الأفريقي الاكثر شعبية والذي يواجه، بحسب آخر تحديث لقاعدة بيانات القائمة الحمراء ضمن فئة الطيور، خطر الانقراض.
وضمت القائمة الحمراء لأنواع الطيور المهددة بالانقراض، 700 نوعا جديدا مكتشفا، وتقول اللائحة ان عشر هذه الانواع الجديدة المكتشفة تواجه خطر الانقراض. ما يعني عملياً ان 11 بالمئة من هذه الطيور المكتشفة حديثاً قد انضمت بسرعة الى القائمة الحمراء.
ومع انضمام 742 نوعاً جديداً من الطيور حول العالم الى القائمة الحمراء يكون العدد الاجمالي للطيور التي تضمها هذه اللائحة قد ارتفع الى 11121، وذلك بحسب المعطيات التي جمعتها “منظمة بيردلايف إنترناشيونال”، وهي الجهة التي يوكل اليها تحديث فئة الطيور ضمن القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض.
وكشف التحديث ان ما يعرف بـ “طيور الاقفاص” التي يتم التقاطها من الطبيعة واقتنائها في البيوت، تواجه خطر الانقراض في البرية في ما لو لم يتم اتخاذ الخطوات العاجلة لحماية موائلها ووقف اعمال الصيد والالتقاط الجائر الذي يمارس ضدها، من قبل شبكة واسعة من التجار حول العالم.
في آسيا، يواجه عصفور جاوه أو “جاوه سبارو”، والببغاء القرمزي الصدر، وكوكاتو أصفر العرف، الاتجار غير المشروع، الامر الذي يضع هذه الطيور المحبوبة والشعبية في دائرة خطر الانقراض من الطبيعة مع نهاية العام 2016.
وفي افريقيا، ضمت القائمة الحمراء لأنواع الطيور المهددة بالانقراض، طائر الببغاء الرمادي الأفريقي الذي انتقل من قائمة الأنواع المعرضة للانقراض (VU) وهي الأنواع المعرضة لخطورة الانقراض من الطبيعة، الى قائمة الأنواع المهددة بالانقراض (EN) وهي الأنواع المعرضة بشكل كبير لخطورة الانقراض من الطبيعة.
وتقول “منظمة بيردلايف إنترناشيونال”، ان الدراسات التي اجرتها اثبتت انه في عدة اجزاء من القارة الافريقية تراجعت اعداد الببغاء الرمادية بنسبة 99 بالمئة ، الامر الذي يثبت ان الاتجار غير المشروع بهذا النوع المميز من الطيور، يتخذ طابع الابادة الجماعية.
وكانت الأمم المتحدة قد حظرت قبل شهرين التجارة العالمية في الببغاء الرمادي الأفريقي الذي يتميز بقدرته على تقليد طريقة الكلام البشرية، وذلك للمساعدة في مكافحة تناقص أعداده التي تسبب فيها تهريبه وانحسار مساحات الغابات.
ووضعت الفصيلة التي تشهد طلبا عالميا كبيرا في الملحق الأول لمعاهدة الأمم المتحدة لمنع الاتجار في الأنواع المهددة بالانقراض من النباتات والحيوانات البرية، بما يمنع أي نقل عبر الحدود للطيور أو لأجزائها لأغراض تجارية. واتخذ القرار عندما أجرى أعضاء المعاهدة اقتراعا سريا للمرة الأولى على الإطلاق خلال مؤتمر في جوهانسبرج في تشرين الأول (اوكتوبر) الماضي.
وقد أدرج الببغاء الرمادي الأفريقي – الذي يربى عادة في الأسر ويباع كحيوان أليف – في “الملحق الثاني” عام 1981، والذي يشمل الأنواع التي يجب الحد من تجارتها بعد مخاوف من تأثير ذلك على أعدادها.
وأدت المعدلات المرتفعة من إزالة الأشجار، والافتقار إلى الضوابط التجارية وزيادة عمليات التهريب من أجل الإتجار به كحيوان أليف، إلى انخفاض في أعداد الببغاء الرمادي الأفريقي، والذي كان يوما منتشرا في أنحاء موطنه الأصلي الطبيعي في وسط وغرب أفريقيا.
وعلى مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية انتزع أكثر من 1.5 مليون طائر ببغاء رمادي أفريقي من موطنه الأصلي، مما جعله أكثر الببغاوات التي يتم الإتجار فيها على قوائم المعاهدة.
وفي مقابل الاخبار الحزينة والمقلقة عن الطيور، حمل تحديث القائمة الحمراء لأنواع الطيور المهددة بالانقراض، اخباراً سارة لعدد من الطيور خصوصاً التي تعيش على جزر تطبق فيها برامج حماية. ومن أبرز هذه الطيور دغناش الآزور أو دغناش ساو ميغيل، وهو نوع من الطيور المغردة يتواجد في جزيرة ساو ميغيل في أرخبيل جزر الآزور. ولقد تم نقله الى جانب طيور اخرى مثل زقزاق سانت هيلين وطائر السيشيل ذو العين البيضاء، الى اسفل القائمة الحمراء اي ضمن فئة الأنواع القريبة من التهديد او غير المهددة.