يقول علماء البيئة أن 50 بالمئة من كمية غاز ثاني أوكسيد الكربون (CO2) تذوب في مياه المحيطات والبحار، أو تمتصها الغابات والأشجار، وقد أجرى العلماء في الولايات المتحدة الاميركية تحليلا جديدا لعملية امتصاص الأشجار والنباتات لهذا الغاز المسبب لظاهرة الاحترار العالمي، مكنهم من حساب كمية الغاز الممتص من أوراق النباتات، ووجدوا أنها تمتص كمية أكبر من الغاز بنسبة 16بالمئة خلافا لما كان يعتقد سابقا.

فما هو هدف العلماء من تعديلها وراثياً لتصبح سرعة امتصاصها لهذا الغاز اكثر بعشرين مرة مماهي عليه في الطبيعة؟

تُعرف الأشجار المعدلة وراثيا بأنها أشجار عُدل في حمضها الوراثي باستخدام تقنيات الهندسة الوراثية. وتهدف في أغلب الحالات إلى إدخال ميزة جديدة إلى النبتة لا توجد بشكل طبيعي في نوعها، مثال: زيادة مقاومة النبات لمرض أو لوباء معين، أو لأجل أن تتكيف مع حالة البيئة المحيطة أو مع المبيدات الحشرية، أو ربما من أجل تقليل كلفة استخراج الورق. ولعل المثال الاوضح في هذا المجال كان في الصين، حيث قام العلماء بتعديل شجر الحور ليصبج اكثر مقاومة للحشرات.

ولكن لعمليات التعديل الوراثي في الدول المتقدمة قوانين تضبطها، اذ لا بد من وجود مجموعة من الدراسات البيئية المطلوبة قبيل الموافقة على استخدام النباتات المعدلة وراثياً لأغراض تجارية، بالإضافة إلى خطة ضبط ورقابة للتعرف على التأثيرات المحتملة والتي لم يكن من الممكن التنبوء بها وتوقعها قبيل الموافقة على الاستخدام، ففي الكثير من دول العالم يتم اختبار وفحص كل نباتٍ معدل وراثياً في تجارب تغذيةٍ لإثبات سلامتها، وذلك قبيل اعتمادها للاستخدام أو التسويق، وخصوصا اذا كانت من النباتات المعدة لتكون ضمن السلة الغذائية للبشر، مع ملاحظة أن مشروع (سلامة الكائنات الحية المعدلة وراثياً) (بالإنجليزية: Safety-GMO) يهتم بجمع وعرض الأبحاث المتوفرة والتي تهتم بمسألة سلامة التقانة الحيوية على العضيات المعدلة وراثياً، مع البحث عن المزيد من المعلومات حول هذا الموضوع.

تعديل وراثي لمكافحة التلوث

مؤخراً، عدل العلماء أنزيما موجودا في الاشجار (إنزيم ريبولوز-1،5- مضاعف فوسفات كربوكسيلاز أوكسيجيناز المتعارف عليه باسمه المختصر روبيسكو RuBisCO، المسؤول عن الخطوة الرئيسيّة الأولى في عملية تثبيت الكربون)، ليزيدوا بذلك من سرعة عملية التقاط أوراق الشجر المعدل لغاز ثاني أوكسيد الكربون، بمعدل عشرين مرة مما تقوم به أوراق الشجر في الطبيعة.

الهدف من الأنزيم المعدل هو الحد من تلوث المدن، ويقول مدير الدراسة توبياس إرب من “معهد ماكس بلانك لعلم الأحياء الدقيقة الأرضية”: “تختلف اختلافا جذريا المقاربة الاختزالية، والقدرة على تجميع وتثبيت غاز ثاني أوكسيد الكربون CO2، إنّ عملية تثبيت الكربون هي عمليّة كيميائيّة حيويّة تستخدم فيها النباتات غاز ثنائي أوكسيد الكربون حيث

يحول إلى جزيئات عضويّة غنيّة بالطاقة، مثل الغلوكوز. يُستخدم ثنائي أوكسيد الكربون والماء في عملية التركيب الضوئي لإنتاج السكر، والذي يعدّ مادّة بدائيّة للعديد من المركّبات العضويّة، وفيها ينتج الأوكسجين كناتج ثانوي للعمليّة”.

النسبة التي يمكن للنباتات أن تنمو فيها بشكل أسرع قد تصل حتى 50 بالمئة في تراكيز مرتفعة من CO2، أي عندما تصل هذه التراكيز إلى 1000 جزء في المليون، وذلك عند المقارنة مع الشروط العاديّة، مع الأخذ بعين الاعتبار عدم حدوث تغيير في المناخ وعدم وجود تقييد على مغذّيات أخرى (هذا مايفسر الاخضرار الغريب والكبير لاوراق الاشجار والنباتات في المدن الاكثر تلوثاً).

في كل جزء من الثانية، على كوكب الأرض، تقوم ملايين من الكائنات الحية، على تحويل ثاني أوكسيد الكربون إلى مركبات عضوية مثل السكريات – كما تفعل النباتات من خلال عملية التمثيل الضوئي – وتبذل جهود جبارة في المختبرات العلمية للاستفادة من هذه القدرات لتحويل CO2 الى وقود حيوي بسرعات هائلة، على أمل ايجاد حلول جذرية لمشكلة التلوث الفظيع في المدن الكبيرة، ولكن ما تزال النجاحات محدودة،حتى يومنا هذا.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This