بعد طول انتظار، صدر اليوم القرار التمهيدي بخصوص الدعوى المقدمة من المحامين: حسن عادل بزي، هاني الاحمدية، عباس سرور والناشطين بيدجي تيماني وفراس بوحاطوم ضد “شركة الجهاد للتجارة والمقاولات” في موضوع إقفال مطمر الكوستابرافا، من قبل قاضي الامور المستعجلة في بعبدا حسن حمدان، وهذا مؤشر إيجابي يؤكد أن العمل وفق الأطر القانونية يمكن أن يحرك المياه الراكدة في خصوص هذه القضية، وما تمثل من مجموعة فضائح حيال ملف النفايات عامة ومطمر الكوستابرافا بشكل خاص.
لكن ثمة سؤالا: هل يمكن للقضاء أن يصوب مسار هذه القضية – الفضيحة، وهي تعتبر سابقة لجهة ردم البحر بالنفايات أولا، ولوجود المطمر على مقربة من حرم المطار ثانيا؟ ليس من السهل الإجابة عن هذا السؤال، فهو غير مرتبط بالقضاء فحسب، بعد أن تحول خيارا سياسيا تبنته وأقرته الحكومة، أي أنه يحظى بسقف سياسي قادر على الالتفاف على كل ما يعترض تنفيذه.
لكن يبقى المهم في هذا القرار أنه أعاد ملف الكوستابرافا إلى الواجهة، فهل نشهد تحركا شعبيا موازيا يعزز ويحصن القرار الأخير ويدفع باتجاه تصويب الفضيحة ووقف الكارثة؟
المحامي بزي
ليس ثمة ما هو واضح في هذا المجال حتى الآن، وبحسب ما أشار محامي الإدعاء حسن عادل بزي لـ greenarea.info، فإن ما حصل اليوم (أمس) هو صدور القرار التمهيدي بدعوى إقفال مطمر الكوستابرافا المقدم من قبلنا، وقد كلف قاضي الامور المستعجلة من خلاله كلا من المديرية العامة للطيران المدني بإعداد دراسة تظهر مدى الخطر على حركة الطيران المدني، لا سيما مع ازدياد حركة ونشاط الطيور في المنطقة، ووزارة الزراعة بإعداد دراسة عن وضع الثروة السمكية مع وجود المطمر، بالاضافة الى دراسة مماثلة تضعها وزارة الصحة تبين خلالها النتائج الصحية المباشرة وغير المباشرة على وجود المطمر وعلى تقيد الشركة المتعهدة بالمعايير الصحية، كما كلف أيضا وزارة البيئة بإبداء الرأي الفني التفصيلي بشأن آلية العمل في المطمر، وإظهار الآثار البيئية الناجمة عن المطمر حاليا ومستقبلا، خصوصا على المقيمين بقربه”.
وأضاف: “نحن نأمل كجهة مدعية أن تصدر تقارير موازية للواقع، أي أن تثبت الآثار السلبية للمطمر من خلالها، كما اننا سنتابع مع الوزارات المكلفة إعداد الدراسات ونأمل بأن تصدر تقارير منصفة، فإن أي تضليل للقضاء سيكون جرما جزائيا يتحمل مسؤوليته الوزراء والمسؤولون المختصون”.
نجيم: قرار غير متساوٍ
الناشط البيئي والمدني المدني رجا نجيم، قال لـ greenarea.info عقب صدور القرار “أستنكر وأستغرب هذه المماطلة بالاضافة الى الروتين الاداري”، ورأى أن “هذه الدعاوى يجب أن يبت فيها بشكل مستعجل، وإلا ما معنى إحالتها إلى قاضي الامور المستعجلة وتأجيل البت فيها لتاريخ 24 كانون الثاني (يناير) 2017، أي بعد شهر ونصف الشهر من تاريخ صدورها في 7 كانون الأول (ديسمبر) الجاري”.
وأضاف نجيم: “بالرغم من ورود بعض النقاط الامور الايجابية في القرار، إلا اننا نرى انه قرار غير متساوٍ وغير متوازٍ مع القضية التي من المفترض البت فيها بالسرعة القصوى، لا التأجيل بعد التأخر الاضافي بإصدار القرار واعطاء المهل للرد، فالموضوع في هذه الدعوى ليس موضوع صفة شخصية، هو موضوع مصلحة عامة، ولهذا السبب كان يجدر بالقاضي ان تكون لديه مقاربة أفضل حيال هذه القضية، نظرا لأهميتها، وأيضا نظرا إلى مدى خطورتها”.
نص القرار
وفي ما يلي نص القرار الذي حصل greenarea.info على نسخة منه:
“باسم الشعب اللبناني
إن القاضي المنفرد المدني في بعبدا، بوصفه قاضيا للامور المستعجلة، لدى التدقيق، تبين من نحو أول، أن الدولة اللبنانية المطلوب إدخالها لم تقدم أي جواب على الدعوى، رغم إبلاغها أصولا ومنحها مهلة مناسبة للجواب، بحيث ترى المحكمة التريث في عملية ادخالها الى حين تكوين صورة دقيقة للملف على الصعيد الواقعي.
وحيث من نحو ثان، أن الملف لا يتضمن عناصر الجهوزية المطلوبة لإصدار حكم نهائي، بل لا بد من استثبات بعض العناصر الفنية من خلال اربع جهات إدارية، وتكليف المدعين باتخاذ موقف محدد ونهائي حول طبيعة الضرر الذي يشكون منه شخصيا:
بناء عليه ترى المحكمة ضرورة في تكليف المراجع المعنية وفق التالي بيانه:
1-المديرية العامة للطيران المدني بإعداد دراسة دقيقة تظهر مدى وجود خطر حقيقي جراء وجود مطمر الكوستابرافا بحالته الحاصلة راهنا على حركة الطيران المدني من والى مطار رفيق الحريري الدولي، لا سيما في ضوء زيادة نشاط الطيور في تلك المنطقة.
2-وزارة الزراعة بإعداد دراسة توضح للمحكمة مدى وجود خطر فعلي على الثروة السمكية مع وجود المطمر المذكور، وذلك بشكل دقيق وعلمي.
3-وزارة الصحة العامة بوضع دراسة تبين النتائج الصحية المباشرة وغير المباشرة على وجود المطمر ذاته، ومدى تقيد الشركة المتعهدة المدعى عليها بالمعايير الصحية المناسبة تبعا لالتزامها الموقع مع الادارة، واحتراما للحد الأدنى المقبول في ميدان طمر النفايات في دولة مشابهة للبنان.
4-وزارة البيئة بإبداء الرأي الفني التفصيلي بشأن الآلية المعتمدة في التعامل مع النفايات في المطمر عينه، ومدى حصول فرز قبل الطمر، وإمكانية تحسين التعامل في ظل الصيغة الراهنة للواقعين التعاقدي واللوجستي للشركة المدعى عليها والادارة المعنية، مع اظهار الآثار البيئية الناجمة عن المطمر حاليا ومستقبلا،خاصة على المقيمين قربه.
لهذه الاسباب، ومع حفظ حق الفصل في جميع النقاط القانونية المثارة، يقرر الآتي:
أولا: فتح المحاكمة وإعادة قيد الدعوى في المرافعات.
ثانيا: التريث في اتخاذ أي اجراء إضافي بشأن طلب إدخال الدولة اللبنانية والتوقف عن إبلاغها أي من الأوراق في الحالة الراهنة للملف.
ثالثا: تسطير مذكرة عاجلة الى كل من الجهات المذكورة أعلاه، لإتمام ما كلفت به خلال مهلة عشرة أيام من تاريخ تبلغ كل منهم، مع منح كل من فرقاء الدعوى دون الدولة مهلة مماثلة لإبداء ما يراه من تعليق على كل رأي فني يرد الى الملف من مختلف الجهات المكلفة بموجب هذا القرار.
رابعا: تكليف المدعين بمناقشة صفتهم ومصلحتهم في الدعوى.
خامسا: تعيين جلسة المحاكمة بتاريخ 24/1/2017 وإبلاغ ذلك ممن يلزم”.