هل أوحت “بحيرة سفيتلو” Svetloe lake في روسيا للمؤلف الموسيقي الكبير بيتر إليتش تشايكوفسكي Pyotr Ilyich Tchaikovsky (1840-1893) لتأليف موسيقى “بحيرة البجع” Swan Lake، ولتصبح في ما بعد أيقونة مسرح الباليه على مر العصور؟ أم أن ثمة بحيرات كثيرة في روسيا المترامية الأطراف يؤمها البجع Swan رقصا وتحليقا، وسفيتلو واحدة من بينها؟
من يمعن النظرَ في صور البجع فوق جليد هذه البحيرة في سيبيريا، يتبدى له مشهد لراقصات الباليه على “مسرح البولشوي” Bolshoi Theatre العريق، مع فارق بسيط، وهو أن برد وصقيع “سفيتلو” يتحول دفئا على خشبة المسرح، وتحليقا في فضاء الجمال والإبداع.
بحيرة البجع
تقع هذه البحيرة الرائعة ذات الطبيعة الخلابة والساحرة، غير بعيد من قرية “أوروزينو” في منطقة سيبيريا Siberia، في جبال آلتاي Altai Mountains، واشتهرت بين السكان المحليين باسم “بحيرة البجع”، قبل أن تصبح ذات شهرة عالمية منذ أواخر التسعينيات من القرن الماضي.
تبدو البحيرة في هذه الفترة هادئة، ولكن لن يبقى الأمر كذلك بعد أسابيع قليلة، خصوصا وأنه في شهر شباط (فبراير) من كل عام تشهد البحيرة نشاطا استثنائيا، إذ تصل إليها تباعا مئات طيور البجع الجميلة، فتتخذ من البحيرة مأوىً وملاذاً لها طوال فصل الشتاء، وهو ما بات أمرا مثيرا للدهشة، خصوصا وأن البجع يفضل عموما الطيران جنوبا حيث المناخ المعتدل.
لم يحدد العلماء سر انجذاب البجع إلى هذه البحيرة المتجمدة، إلا أن بعضهم يعزو الأمر إلى أن “سفيتلو” تتدفق بداخلها العديد من الينابيع الحارة، وبالتالي، فإن درجة حرارة الماء تكون في غالب الأوقات فوق الصفر، وحتى عندما تكون درجة الحرارة في الجو تحت الـ40 درجة مئوية، لذلك، تبقى مياه البحيرة دافئة تتراوح درجاتها ما بين 5 إلى 6 درجات مئوية، ما يجعلها ملاذا آمنا لهذه الطيور الرائعة.
سمفونية موسيقية
وفي فصل الشتاء، عندما تجتمع طيور البجع، تتحول البحيرة إلى ساحة للعرض تؤدي البجع من خلالها “سمفونية موسيقية” فريدة من نوعها، حتى أن السكان المحليين أطلقوا عليها اسم “بحيرة البجع” نسبة لرقصة الباليه الاستعراضية التي تحمل نفس الاسم، وقد ألفها تشايكوفسكي في العام 1887.
بدأت البجع تظهر في البحيرة منذ العام 1967 من القرن الماضي، وكان عددها حينها لا يتجاوز الـ15 بجعة، ولكن مع مرور السنين، فقد أصبح عددها يتزايد باستمرار حتى وصل اليوم إلى مئات من الطيور تفد إلى البحيرة في أسراب كبيرة.
وتجدر الإشارة في هذا المجال، إلى أن البحيرة محمية من قبل السلطات المحلية في منطقة “ألتاي” في روسيا، وهي ليست ملاذا للبجع فحسب، ولكنها أيضا الوجهة المفضلة للطيور