أصعب مرحلة تواجه المصابين بالأمراض المزمنة، سواء السكري وارتفاع ضغط الدم، هو الوصول إلى مرحلة غسيل الكلى، خصوصا وأن نسبة هؤلاء المرضى ارتفعت في الآونة الاخيرة، بحسب ما أكد أطباء من ذوي الاختصاص في أمراض الكلى والمسالك البولية لـــ greenarea.info، وهذا ما يطرح سؤالا بديهيا: كيف نحمي المريض من عدم الوصول إلى مرحلة غسيل الكلى؟

تخليص الجسم من السموم

تتولى الكليتان مهمة تخليص الجسم من السموم وإخراجها منه عبر البول، كما أنهما المسؤولتان عن تنظيم توزيع الماء والأملاح في جسم الإنسان، وحين تفشل الكلى في القيام بهذه الوظائف، فلا بد من عملية غسيل اصطناعي Dialysis، وذلك لتنقية الدم وإنقاذ حياة المريض، كون غسيل الكلى يعمل على إزالة الفضلات والسوائل التي لم تعد الكلى قادرة على إزالتها من الجسم ،كما يهدف هذا الأمر إلى الحفاظ على توازن الجسم عن طريق التخلص من المواد السامة المختلفة في الدم، فدون إجراء هذه العملية يصبح المرضى المصابون بالفشل الكلوي الكامل، عرضة للوفاة نتيجة تراكم مختلف هذه السموم في مجرى الدم، لذا لا بد من تكرار هذه العملية ثلاث مرات أسبوعيا للمرضى، وفقا للحالة المرضية الخاصة بكل منهم التي يحددها الطبيب المعالج.

عدم الخوف من عملية غسيل الكلى

في هذا الاطار، توقف الاخصائي في أمراض الكلى وضغط الدم الدكتور سمير ملاط عند أبرز الأسباب المؤدية لغسيل الكلى، فقال لـgreenarea.info : “ان نسبة غسيل الكلى إلى ارتفاع، ليس فقط في لبنان، بل في العالم أيضا، نظرا لارتفاع نسب مرض السكري كون هذا الأخير يساهم بزيادة معدلات قصور الكلوي المزمن، بالإضافة إلى ارتفاع متوسط الأعمار، ما جعل عدد المعرضين لغسيل الكلى اكبر، إلا أن تقنية الغسيل شهدت تقدما علميا، فبإمكان المرضى المتقدمين بالسن والمصابين بأمراض مزمنة، إجراء غسيل الكلى بسهولة أكثر مما كان عليه الأمر من قبل، فضلا عن تطور العلاجات والأدوية”.
وأضاف ملاط: “مع زيادة عدد السكان، وزيادة نسب السكري وارتفاع ضغط الدم وارتفاع متوسط الأعمار، فضلا عن تطور تقنيات غسيل الكلى، أدى ذلك كله إلى زيادة أكثر في معدلات غسيل الكلى، كما أن التوعية صارت افضل، ما ساهم في اكتشاف مرض الكلى بشكل مبكر، وأصبح غسيل الكلى أسهل مما كان عليه في أوائل الثمانينيات أو السبعينيات من القرن الماضي، فلم يكن معظم المرضى يعرفون بإصابتهم بالقصور الكلوي أو بإمكانية القيام بعملية غسيل الكلى، لذا كانت نسب الوفاة أكبر نتيجة هذا الأمر بالمقارنة مع ما هي عليه اليوم، لجهة التقدم الطبي الذي وصلنا اليه، فعلى سبيل المثال في المملكة المتحدة في أوائل سبعينيات القرن الماضي، لم يلجأ الاطباء في أمراض الكلى إلى عملية غسيل الكلى للمرضى المصابين بالسكري، أما اليوم فإن أكثر من 50 بالمئة من مرضاهم المصابين بمرض السكري يلجأون إلى غسيل الكلى .”
من جهة اخرى أوضح ملاط أن “وزارة الصحة تغطي عادة تكاليف غسيل الكلى، أما بالنسبة لعدد الجلسات، فمن الضروري اعتماد ثلات جلسات بالاسبوع، وفقا للضرورة الصحية للمرضى، ويلتزم أغلبية المرضى بعدد الجلسات، كما أنه تبين لنا أن عددا غير قليل من مراكز غسيل الكلى والمستشفيات تلتزم بهذه الشروط الطبية، ونظرا لأني ضمن اللجنة العلمية في وزارة الصحة، فقد طلبنا من المستشفيات ضمن اتفاقية معينة تأمين المياه النقية، واستخدام التقنيات المتقدمة عند اجراء غسيل الكلى، وهذا يتطلب بعض التكاليف المادية، لذا نجد بعض المستشفيات تلتزم، وأخرى تلتزم ضمن امكانياتها”.
ورأى ملاط أنه “يجب ألاّ يخاف المريض من غسيل الكلى، فهذا الأمر يساهم في إطالة وتحسين نوعية الحياة، خصوصا في ظل التقدم الطبي الحاصل في مجال التقنيات الطبية، خصوصا لجهة الاكتشاف المبكر لحالة المريض قبل الغسيل، مع الإشارة إلى أن هناك غسيلا في التجويف البطني بحيث يستطيع المريض القيام به في المنزل”.

قصور الكلى نوعان

في هذا السياق شدد الاخصائي في جراحة المسالك البولية الدكتور سليم مغربل على أهمية التوعية والوقاية، وقال لـ greenarea.info: “إن المريض الذي يصل إلى مرحلة غسيل الكلى بعد معاناته من قصور في وظائف الكلى، تكتشف من خلال فحوصات خاصة للدم، نحدد بالتالي نوعين من قصور الكلى، فالأول قصور الكلى الحاد Acute kidney failure، والثاني مرض الكلى المزمن Chronic Kidney Disease، أما بالنسبة للنوع الحاد فهو يأتي نتيجة مضاعفات خصوصا إثر عملية جراحية، لا سيما في حالة خسارة المريض كمية من الدم أو الإصابة بالتهابات قوية تلحق الأذى بالكلى، ما يتطلب في بعض الحالات اللجوء إلى غسيل الكلى، ومن المحتمل هنا معاودة الكلى عملها وعودتها إلى وضعها الأول في حال المعالجة المسبقة، أما القصور الكلوي المزمن أو مرض الكلى المزمن، فيؤدي إلى ضعف في وظيفة الكلى، نتيجة الاصابة بالسكري أو الحصى في الكلى أو التهاب حاد في المسالك البولية”.
وأضاف مغربل: “بهدف حماية الكلى فمن الضروري القيام بصورة صوتية، والإكثار من شرب المياه، ومراقبة ضغط الدم، بالإضافة إلى علاج الإلتهابات ومنع تشكل الحصى أو معالجتها فورا، والابتعاد عن المشروبات الروحية،كما أنه من الضروري تفادي الإفراط في تناول بعض الأدوية المسكنة التي تؤدي إلى إلحاق الضرر بالكلى، فضلا عن التعرض لحرارة قوية اثناء الصيف مع تجنب تناول الملح بكثرة في الأطعمة، بهدف الوقاية من الوصول إلى مرحلة قصور الكلى وما يترتب بعد هذا من غسيل الكلى التي لا بديل لها سوى اللجوء إلى زرع الكلى”.

التحذير من الإكثار من البروتينات

أما الاخصائي في جراحة المسالك البولية والكلى الدكتور سليمان مرهج فحذر من الإكثار من تناول البروتينات كونها تلحق الأذى بالكلى، وقال لـ greenarea.info: “عند إصابة المريض بمرض السكري أو ارتفاع في ضغط الدم، يكون معرضا لخطر حصول قصور في الكلى، ويكشف عن ذلك عبر فحوصات الدم والبول، فيرتفع معدل الزلال Albumin في الدم والسبب أن ارتفاع ضغط الدم أو نسب السكر في الدم، يؤذيان الأوردة والشرايين الصغيرة في الكلى، ما يؤدي إلى ضمور هذه الأوعية الدموية الصغيرة، ما يقلص حجم الكلى، وينتج عنها مضاعفات صحية خطيرة، لذا من الضروري أن يحافظ المريض على معدل الضغط الدموي دون120/80 ملليمتر زئبق، وعلى معدل تخزين السكري دون معدل 6، مع الإكثار من شرب المياه وتجنب الأدوية التي تلحق الضرر بالكلى، كبعض الادوية التي تعطى كمسكنات للألم ودون وصفة طبية، مع أهمية التركيز على الوقاية الفعالة التي تؤخر الوصول إلى مرحلة غسيل الكلى، فليس هناك دواء يمنع غسيل الكلى، إنما الأهم عدم إرهاق الكلى بالإكثار من تناول البروتينات واعتماد حمية متوازنة والتقليل من الدهون”.

القصور الكلوي يصيب الصغار

وقال الأخصائي في جراحة الكلى والمسالك البولية الدكتور شادي واكد لـ greenarea.info: “عادة يلجأ المريض إلى غسيل الكلى عندما يتوقف عمل الكلى كليا، فعدا الاصابة بالسكري والأمراض التي تساهم بإلحاق الضرر بالأوعية الدموية من ضغط مرتفع والإدمان على التدخين وهو أحد العوامل الأساسية بإلحاق الضرر بالكلى، فإن القصور الكلوي قد يصيب الصغار، وقد تكون المشكلة عضوية في بنية الكلى، والجدير ذكره أنه في بعض الأحيان يستطيع المريض أن يستمر بالحياة بصورة جيدة بكلى ” كسولة” دون أن يصل به الأمر إلى غسيل الكلى وفقا للحالة المرضية الخاصة بكل مريض”.

المتابعة الصحية ضرورية

ولفتت الاخصائية في أمراض الكلى والضغط الدكتورة شادية بعيني لـ greenarea.info إلى أنه “كلما ارتفعت نسبة السكري في الدم، تزداد معدلات غسيل الكلى والأمر ذاته ينطبق عند الاصابة بارتفاع ضغط الدم”، وقالت: “إن العلاج الدوائي لغسيل الكلى يعطى بشكل صحيح اثناء المعالجة الطبية مع اهمية اتخاذ التدابير الوقائية بضرورة المتابعة عند الاخصائي في أمراض الكلى للكشف على صحتها، لأنه كلما كان التشخيص مبكرا كلما كان العلاج قادرا على منع تدهور صحة الكلى، شرط ان يكون معدل السكري والأملاح والكولسترول ضمن المعدل الطبيعي، مع الإبتعاد عن تناول الدهون بكثرة تجنبا للإصابة بالبدانة واللجوء إلى الرياضة، والإكثار من شرب المياه، مع أهمية إجراء فحوص دم دورية سنوية لدى الاشخاص الأكثر عرضة لغسيل الكلى، وقد شهدنا تطورات هامة عدة في الفترة الاخيرة ساهمت بإطالة عمر المريض أكثر من قبل، إنما هذا الأمر ليس هو الحل النهائي كعلاج، بل قد يمثل زرع الكلى الحل في نهاية المطاف”.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This