لم تكن قضية السلحفاة “لاكي” إلا مثالاً يلخص ما يواجه الكائنات البحرية في لبنان من تعدٍّ، ومن استهتار وفوضى، فهذه السلحفاة “المعنفة”، تحولت بمعاناتها المستمرة لأكثر من ستة أشهر، “أيقونة” بيئية تضعنا أمام مسؤولياتنا حيال بنات جنسها، بعد أن ضاقت بهم سبل العيش على شواطىء صودرت في زمن الحرب لصالح مجمعات سياحية لبعض رموزها، وتصادر اليوم لصالح مشاريع مشبوهة، من الرملة البيضا إلى طمر البحر بالنفايات واكتساب مسطحات وأراض جديدة على حساب الشاطىء، وبغض النظر عما يترتب على ذلك من كوارث تطاول التنوع الحيوي لصالح الاسمنت.
كما بدا واضحا أن ثمة حاجة ملحة لتتبنى الدولة مشروعا لمعالجة وإعادة تأهيل السلاحف والكائنات البحرية، بدليل أن “لاكي” ما تزال منذ أن أُبلغنا أنها تعرضت للضرب والتعنيف عند شاطىء الرميلة غير بعيد عن مدينة صيدا، والتقاط صور “السيلفي” معها من قبل معنفيها، ما تزال تحت رعاية عناصر وحدة الإنقاذ – مركز الجية في الدفاع المدني البحري في مرفأ الجية، وهذا مثال فاضح لجهة غياب مراكز الرعاية، فلو لم يتأمن لها دعم عناصر الدفاع المدني، فماذا كان مصيرها؟
لكن ماذا عن وضعها الآن؟ هذا ما حاولنا الإضاءة عليه في سياق متابعتنا المستمرة لها، مع انبثاق أمل جديد، في إمكانية علاجها، وهذا ما سيكون موضع متابعة من قبل موقعنا و”جمعية Green Area الدولية” لمعالجتها في لبنان، بالتنسيق مع وزارة الزراعة – مديرية الثروة الحيوانية ومساعدة الخبير وعالم البحار ماركوس هادو، وبالتأكيد مع عناصر الدفاع المدني، وهم جنود مجهولون محضوا “لاكي” الحب وحسن المعاملة.
الدفاع المدني
مصدر مسؤول في الدفاع المدني – وحدة الإنقاذ البحري الذي يتابع وضع السلحفاة منذ أشهر عدة في مرفأ الجية، أشار لـ greenarea.info إلى أنه “لم يطرأ جديد يذكر في وضعها الصحي باستثناء أنها التهمت بعض الحشائش وسرطان البحر، دون أن يعني ذلك أنها تحسنت وصار بالإمكان إعادة إطلاقها إلى البحر لتعاود حياتها الطبيعية”.
ولفت إلى “اننا نقوم بتمرينها على السباحة والغوص مرتين بالاسبوع في محاولة لإعادة تأهيلها، ولكن لم نشهد تحسنا ووضعها ما زال كما هو لم يتغير”، وأشار المصدر إلى أنه “ليس في مقدورها حتى الآن النزول والغوص تحت المياه، وشهيتها إلى الطعام ليست كما هو مفترض وإن بدأت تلتهم الطعام الذي نوفره لها وأحيانا تلتهم بمفردها بعض الحشائش” وقال: “باتت طليقة نسبيا الآن، ولذلك كان لا بد من إنجاز ما يشبه القفص المائي لتكون تحت رعايتنا، إلى حين شفائها نهائيا”.
الخبير هادو
عالم البحار ماركوس هادو، وهو خبير بيولوجي في مجال الحياة البحرية أشار لـ greenarea.info إلى أن “كل المؤشرات حول وضع السلحفاة، وبعد أن شاهدت بعض الفيديوهات وصلتني من قبلكم تؤكد أنها تعاني من تشكل (كيس هواء) تحت قوقعتها”، لافتا إلى ان “هذا الأمر هو الذي يحول دون إمكانيتها الغوص تحت المياه، ويعيق حركتها ويمنع استعادتها لحركتها الطبيعية”.
وقال الخبير هادو: “إن الأمر يتطلب إجراء صورة ماسح ضوئي (سكانر)، وفي ضوء الصورة نحدد طريقة العلاج وهي في الغالب سهلة، وعالجنا حالات مماثلة”، وأشار إلى أنه “ليس من الضروري سحب كيس الهواء بواسطة حقنة (بالإنجليزيةSyringe ) ، ويمكن بدلا من ذلك إحداث ثقب صغير في القوقعة، وإنزالها إلى المياه، فتقوم المياه بإخراج الهواء، وعندها يصبح بإمكانها الغوص”.
وشدد هادو على “ضرورة إجراء صورة (السكانر) الأولى من الأعلى والثانية جانبية وعندها يمكن أن نتبين بوضوح الحالة وعلى أساسها يتم العلاج”، لافتا إلى أنه من “المستحسن إجراء الصورة في مركز متخصص في معالجة الكائنات البحرية وأن تكون الصورة ملونة وليس بالأبيض والأسود لنحدد موضع كيس الهواء وحجمه بما يسهل علينا عملية سحبه”.
وأعلن هادو عن تطوعه “لعلاجها وتأمين الدواء اللازم المفترض توفيره بعد سحب كمية الهواء الموجودة”.
وزارة الزراعة
الطبيب المختص في وزارة الزراعة – مديرية الثروة الحيوانية الدكتور محمد سكرية، وهو الذي تابع علاج السلحفاة منذ تعرضها للاعتداء على شاطىء الرميلة، أكد لـ greenarea.info استعداد الوزراة لتقديم التسهيلات المتاحة، خصوصا لجهة تأمين مركز لإجراء صورة “السكانر” للسلحفاة، ورأى أيضا أن عدم قدرتها على الغوص قد يكون مرده لوجود كيس هواء تحت قوقعتها، وأكد أن “الأمر بات يتطلب إجراء مثل هذه الصورة”.
وأشار سكرية إلى أن “وزارة الزراعة هي الجهة المعنية في هذا المجال”، وأكد أنه “لا بد من اتخاذ اجراءات سريعة في هذا المجال”.