يفتقر 68 بالمئة من سكان منطقة جنوب الصحراء الكبري (حوالي 600 مليون نسمة) للطاقة الكهربائية، وفقا لوكالة الطاقة العالمية International Energy Agency، ويعود السبب إلى أن البنى التحتية لشبكة الكهرباء في هذه المناطق، من محطات وشبكات، وإن وجدت فهي في وضع مأسوي ما يتطلب استثمارات كبيرة لتحسينها، وفي نهاية المطاف لا يمكن لهذه الشبكة أن تلبي النمو على الطلب على الكهرباء.

وتبقى المشكلة متمثلة في كيفية الحصول على الكهرباء من “خارج الشبكة”off the grid، علما أنه في محاكاة للتوزيع السريع للهواتف النقالة في القارة السمراء، نجد أن أكثر من 90 بالمئة من الأفارقة يملكون مثل هذه الهواتف، فيما عدد كبير منهم يفتقر للمياه النظيفة، وبالمقابل، فإن عددا قليلا منهم يملك خطا أرضيا.

وفي قطاع الطاقة، فإن الهاتف المحمول يعادل ثمن لوح واحد من ألواح الطاقة الشمسية، من السهل تركيبه وتثبيته ويمكنه توفير الطاقة للأسرة أو للأعمال التجارية الصغيرة.

 

فكرة رائدة

 

وفي هذا المجال، فإن شركة أفريقية مبتدئة Off Grid Electric، تطبق هذه الصيغة في المناطق الريفية في تنزانيا ورواندا، ما ساهم على حد سواء في نجاح تجاري لافت للانتباه، وتغير وتحول في الحياة لأعداد كبيرة من متلقي هذه الخدمة من سكان هذه المناطق.

 

125 ألف أسرة

 

وقد حصلت شركة Off Grid Electric على جائزة “زخم التغيير للعام 2016” 2016 Momentum for Change في مؤتمر المناخ الأخير في مراكش Cop22، وقد ركزت هذه الجائزة على المشاريع التي تعمل على التصدي لتغير المناخ بطرق مبتكرة.

وبالفعل فقد أوصلت الشركة هذه الخدمة إلى 125 ألف أسرة، وهي توظف حاليا حوالي ألف شخص، ثلثهم من مندوبي المبيعات، ويتوجهون لبيع هذه الخدمة أي “حزم الطاقة” energy packages للبيوت.

وتتلقى الشركة الدعم التقني والعلمي من أحد أكبر مزودي الطاقة الشمسية في الولايات المتحدة، وهي Solar City ويترأسها المهندس والمخترع Elon Musk، وهو المدير التنفيذي لشركة تسلا Tesla للسيارات الكهربائية أيضا، وشركة Helios وهي أكبر شركة خاصة أفريقية.

وقال رئيس Off Grid Electric بيل لينيهان Bill Lenihan: “إن معظم هذه الأسر كانت تحرق الكيروسين (الكاز) لتأمين الإضاءة، وكان ثمة أثر سلبي على صحتهم ورفاهيتهم”، وأضاف: “إن الكيروسين لا يمكنه أيضا توليد الطاقة الكهربائية، فيما هم ينعمون الآن بطاقة نظيفة يمكن استعمالها أيضا في تشغيل التلفزيون والراديو”.

ويشمل النظام ألواحا شمسية مثبتة على الأسطح، وبطارية ليثيوم توفر الكهرباء على مدار الساعة، وقالت كيمبرلي شرايبر Kimberly Schreiber رئيسة موظفي الشركة: “يمكن للأطفال الآن الدراسة في الليل، ويمكن لأصحاب المشاريع زيادة دخلهم، كون هواتفهم تعمل طوال اليوم، ويمكن للمزارعين حماية أفضل لماشيتهم باستعمال المصابيح المحمولة والمشحونة بالطاقة الشمسية، ان هذا الأمر مثل الفرق بين الليل والنهار”.

 

7 دولارات شهريا

 

هناك ثلاثة أحجام مختلفة من ألواح الخلايا الشمسية، أصغرها يمكنه توليد الطاقة لأربعة مصابيح وشحن هاتف محمول واحد، وقال لينيهان: “نحن نوفر أيضا كل التوابع للنظام من  اكسسوارات ذات كفاءة عالية، من مصابيح، أجهزة شحن، أجهزة الراديو وأجهزة التلفاز”، وأضاف: “يدفع الزبائن 10 بالمئة من قيمة الحزمة مقدما، ويُموّل الباقي من خلال أقساط شهرية”.

وقالت شرايبر: “التكاليف تنافسية، فتركيب الشبكة يمكن أن يكلف 300  إلى 400 دولارا، في حين أن نظامنا هو 7 دولارات بالشهر، وبعد ثلاث سنوات يملكها المواطن ولا يضطر للدفع مرة أخرى”، وتكلف شبكات أكبر مثلا 8 مصابيح وراديو وتلفزيون 24 إنشا، حوالي 20 دولارا شهريا، بالمقابل يكلف الكيروسين بين 4 و5 دولارات شهريا.

يتم دفع الأقساط عبر الهاتف المحمول، وهي وسيلة شعبية في القارة، وتشمل الخطة خدمات ما بعد البيع لمدة خمس سنوات، ويمكن أن تعمل البطارية لفترة سبع سنوات، والجهاز كاملا إلى 20 سنة، ويتمتع هذا النظام بالمرونة، فإن تأخر دفع المستحقات يعطى الزبون فرصا أخرى، وإلا تزال الحزمة لديه، ويضيف لينيهان: “أغلبية الزبائن يستمرون بالدفع، والطلب يتزايد بشكل كبير، والنمو كان جيدا للغاية”.

 

تحدي التريليون دولار

 

وقال لينيهان: “على الرغم من أن توفير الطاقة الكهربائية لسكان جنوب الصحراء الأفريقية، هو نوع من الصناعات (المنزلية)، إلا أنه من المقدر أن تنمو هذه الصناعة في حدود تريليون دولار”، وأضاف: “تمكنا من حل مشكلة، وقمنا بذلك بطريقة من شأنها أن توفر عائدا للمساهمين، وهو التحدي الأكبر في هذه الصناعة مثل العديد من الصناعات، وقد وصلنا حتى الآن لأقل من 1 بالمئة من هذا السوق”.

في هذا المجال تقدم الشركة أيضا برنامجا للشركات الصغيرة يسمى “زولا” Zola، يحتوي على كل ما يلزم لتشغيل مشروع تجاري على الطاقة الشمسية، بما في ذلك الأجهزة وأنظمة الترفيه.

وقد وقعت الشركة مؤخرا عقد شراكة مع شركة كهرباء فرنسا EDF France، أكبر شركة مرافق في العالم، لتوسيع البرنامج إلى ساحل العاج، مستفيدة من خبرة الشركة في القارة، خصوصا في دولة جنوب أفريقيا، بهدف توفير الطاقة النظيفة إلى 2 مليون شخص بحلول العام 2020.

ويقدر موقع الشركة أن التخفيف من استهلاك الكيروسين واستهلاك الشمع والبارافين (يستخدم في صناعة أنواع من الشموع) في الإضاءة، سينعكس انخفاضا بالكربون بكمية 1،45 كيلوغراما في السنة لكل منزل، فضلا عن وظائف مستدامة تقدر بألف وظيفة في ساحل العاج وحدها.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This