فيما تتقدم دول الخليج خطوات مهمة في مجال الاستدامة، والتحول نحو الطاقات المتجددة، مستفيدة مما تملك من إمكانيات مالية (معظمها من عائدات النفط والغاز) تمكنها من استقدام أحدث التقنيات، وتوظيف خبراء عالميين، يستمر أمراء وأثرياء هذه الدول في استباحة دول في آسيا وأفريقيا، وهم ينظمون رحلات الصيد البري، الممنوع والمقونن في دولهم، إلى دول فقيرة، مستغلين حاجة أبنائها وعوزهم، وسط أساليب مقنعة فيها احتيال على القانون، وغالبا ما يكون هناك تواطوء بينهم وبين السلطات المحلية.

تروج هذه الدول لإنجازاتها، وما تقوم به حفاظا على الحياة البرية، وتعميم المحميات الطبيعية، وبدأت منذ سنوات تولي السياحة البيئية اهتماما يستحق الثناء والتقدير، لكن كيف تستوي هذه الإنجازات مع ممارسات نقيضة في دول أخرى؟ وما معنى أن تحافظ هذه الدول على ثرواتها الطبيعية طيورا وحيوانات، فيما أثرياؤها يدمرون ويساهمون في انقراض أنواع من الطيور؟

تعمل دول الخليج على استعادة طائر الحباري Houbara بعد أن تراجعت أعداده في بيئته الصحراوية، وغالبا ما يحتفل المسؤولون بإطلاق أعداد منه لإكثاره في بيئته الطبيعية، فيما يعتبر الحباري مهددا بالانقراض في دول مثل الجزائر وباكستان والمغرب العربي، بسبب

إقبال الخليجيين على صيده، وهم يستخدمون سيارات رباعية الدفع، ويخيمون لأسابيع، خصوصا في موسم صيد الحباري الممتد من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) حتى آذار (مارس) من كل عام.

“ضيوف الجزائر”

وفي الجزائر، رغم حظر القانون لصيد الطيور والحيوانات المهددة بالإنقراض، ترفض الرئاسة الجزائرية والحكومة التعليق على رحلات الشخصيات الخليجية، وتسميهم السلطات الجزائرية بـ “الضيوف”، وهي تعلم أنهم يقصدون الجزائر من أجل ممارسة صيد طائر الحباري بواسطة الصقور “المقناصة”، بحسب إحدى الجمعيات الجزائرية الناشطة في مجال حماية الحياة البرية.

ويقول مسؤول سابق في وزارة الفلاحة (الزراعة) الجزائرية ناجم خالدي “يحضر أمراء من دول الخليج كل سنة إلى الجزائر لممارسة الصيد بالصقور، ويأتون في رحلات خاصة ويمكثون أياما أو أسابيع في مخيمات فاخرة في الصحراء الجزائرية”.

ففي العام الماضي على سبيل المثال، بدأ موسم صيد طائر الحباري (طائر يعرف بأنه دجاج الصحراء) باستعمال الصقور الجارحة في الجزائر، خلال تشرين الثاني (نوفمبر) مع وصول بعثتين من مرافقي كبار الشخصيات في قطر والسعودية إلى الجزائر، في رحلات خاصة مرت إحداها عبر “مطار هواري بومدين”، ومرت رحلتان عبر “مطار حاسي الرمل” بولاية الأغواط.

وقال مصدر دبلوماسي جزائري طلب عدم كشف هويته “إن رئاسة الجمهورية في الجزائر، سمحت لمجموعتين من ممارسي الصيد باستعمال الصقور بالبدء في ممارسة هواية صيد طائر الحباري بالصقور المقناصة، وهذا الإجراء يتكرر كل سنة”.

في باكستان

وفي هذا المجال، أكد مسؤولون باكستانيون أمس 21 كانون الأول (ديسمبر) إن متمردين هاجموا فريق صيد يضم أفرادا من أسرة حاكمة بإحدى دول الخليج بإقليم بلوشستان الباكستاني”.

وبحسب ما أشار مسؤول محلي لـ “بي بي سي”، فإن الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، وهو من الأسرة الحاكمة في الإمارات العربية المتحدة، كان يقود الصيادين. وأضاف أنهم كانوا ضمن قافلة تضم نحو 30 عربة رباعية الدفع.

وقال مسؤولون آخرون إن المسلحين تركوا الرجال ينصرفون بعد إنذارهم بعدم الصيد في المنطقة، وذلك بعد إطلاق النار على عربتهم.

وكانت إحدى العربات قد تحركت لرصد الطيور في بقعة تبعد 5 كيلومترات. وقال المسؤول: “إن بعض الرجال على متن دراجات نارية اعترضوها، وطلبوا مغادرتها، ثم أطلقوا النار عليها فهشموا نوافذها ومزقوا إطاراتها”، ولم يصب أحد في إطلاق النار الذي وقع الاثنين الماضي بمنطقة غشك التي تبعد 90 كيلومترا جنوب مدينة بانجغور.

وتظاهر المئات في بلوشستان الثلاثاء ضد رحلات الصيد التي يقوم بها العرب إلى باكستان سنويا. ويقول المزارعون إن رحلات الصيد هذه تعرض الطيور للخطر وتدمر المحاصيل.

وتعطي باكستان عشرات التصريحات كل شتاء لأفراد من أسر حاكمة من الشرق الأوسط لصيد طير الحبار النادر في سهولها الجنوبية، ويعتبر صائدو هذا الطير لحمه منشطا جنسيا.

وكانت المحكمة العليا الباكستانية، وأيضا بحسب الـ “بي بي سي” قد رفعت حظرا على صيد هذا النوع من الطيور في وقت سابق من العام الجاري، بعد أن أشارت الحكومة إلى أن ذلك يساعد على بناء علاقات دبلوماسية مع كبار الشخصيات العربية.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This