تحتضن مدينة بريمرهافن Bremerhaven الألمانية واحدا من أهم المشاريع البيئية في العالم، وهو مشروع ذات طابع ثقافي وعلمي، يستحضر مناخ الأرض بتنوعه من خط الاستواء إلى القطب الشمالي، وفي أرجائه يمكن للزائر أن يعيش في محاكاة دقيقة، تقارب الواقع، بيئات ومناخ العالم والتمتع على سبيل المثال بمناظر جبال الألب في أوروبا، معايشة البيئة الصحراوية الشديدة الحرارة وصولاً إلى برد وصقيع القطب.
يعرف المشروع باسم “بيت المناخ” The Climate House، وبالألمانية بـ “متحف بيت المناخ 8 درجات شرقا” Climate House Bremerhaven 8° East، وإن غلب عليه الطابع السياحي كمعلم مهم في مدينة بريمرهافن، إلا أن ذلك لا يلغي أهميته في التعريف عن المناخ، فيما يشهد العالم أخطارا كثيرة محدقة بمناخ الأرض نتيجة ظاهرة الاحتباس الحراري، وهذا ما بدأ يضفي على المشروع الذي تم إنجازه قبل نحو عشر سنوات، أهمية علمية، بمعنى توظيف السياحة في خدمة البيئة، خصوصا وأن “بيت المناخ” هو في الآن عينه مشروع استثماري شأنه في ذلك شأن أي معلم سياحي آخر.
جولة حول الكرة الأرضية
ويتيح المشروع للزوار من المواطنين والسياح جولة القيام بجولة حول الكرة الأرضية، والتنقل بين درجات حرارة متنوعة، بحيث تصل درجة الحرارة في المنطقة، التي تحاكي الساحل الأفريقي الاستوائي إلى 35 درجة مئوية مع انتشار الهواء الجاف، ولكن في “منطقة ساموا” تسود درجة حرارة تقدر بحوالي 30 مئوية مع رطوبة عالية في الهواء، فيما تنخفض درجة الحرارة بشدة في المنطقة القطبية الجنوبية أنتاركتيكا إلى 6 تحت الصفر.
ويمكن للسائح التنقل بين تسع مناطق مناخية مختلفة، يفصل بينها على أرض الواقع أكثر من 400 ألف كيلومتر، في حين أن مساحة المتحف نفسه تزيد قليلا على كيلومت. واحد.
وبحسب “دويتشه فيله” يشاهد الزوار في بداية الجولة فيلما لكيفية قيامهم بحزم حقائبهم والانطلاق في جولة العالم لمدة عام.
وفي المحطة الأولى يشاهد الزوار منطقة إزينتهال السويسرية، حيث يوجد بها مزارعون وأبقار ومصنه لإنتاج الألبان. ويصعد الزوار إلى الجندول وينعمون بإطلالة بانورامية على الصخور البارزة والمنحدرات الجليدية، وتظهر الأبقار من أمام الجدران، ويمكن حلب هذه الأبقار أيضا، وخلال هذه الجولة يسمع السياح أصوات الطيور وأجراس الأبقار.
ويصعد الزوار الدرج ليصلوا إلى العالم الملوّن تحت الماء في جنوب المحيط الهادئ، حيث تكثر أسماك الموراي الشهيرة. وتشهد هذه المحطة إقبالا كبيرا من السياح حيث تقام بها احتفالات الزواج وحفلات الاستقبال.
ستوديو الطقس
ويعرض متحف “بيت المناخ” سلوكيات وعادات السكان في القارات الأخرى، حتى الذين يعانون من تغير المناخ. وفي المحطة الأفريقية تحكي سيدة عجوز في فيلم كيف انتشرت الصحراء الصخرية في جمهورية النيجر منذ أيام طفولتها، حيث لا توجد أي مراعي الآن، كما جفت أغصان الأشجار، وأصبحت المناظر الطبيعية خالية من الحيوانات والنباتات.
ولا ترتفع درجات الحرارة في منطقة ساموا بدرجة كبيرة، ولكنها لا تزال دافئة، ويتعرف الزوار على كيف يمكن لارتفاع درجة حرارة المحيطات أن يُشكل خطورة على الشعاب المرجانية.
ومن بين العواقب الواضحة للاحتباس الحراري موت الشعاب المرجانية، ومع كل هذه المعلومات لا يفوت السياح الاستمتاع بجولة يمكنهم خلالها المشاركة في الأنشطة في العديد من المحطات، فضلا عن توافر بعض العروض للأطفال، حيث يمكن الحصول على جواز سفر من شباك التذاكر، وبالتالي يتعين عليهم الانتظار في المحطات لختم جواز السفر والقيام بالمهام الصغيرة، مثل الكشف عن الهيكل العظمي لأحد الديناصورات في حفرة الرمال بواسطة الفرشاة.
التوعية إزاء البيئة والمناخ
ويمكن للزوار الاستمتاع بالبرودة الشديدة في “ستوديو الطقس”، حيث أن درجة الحرارة هنا تصل إلى 89.2 تحت الصفر، وهي أدنى قيمة تم تسجيلها في القطب الجنوبي خلال عام 1983، وقبل الدخول يتعين على الزوار ارتداء السترات المناسبة.
على صعيد آخر، يسعى بيت المناخ من خلال عدد من الإجراءات إلى التوفير في الطّاقة مثل استعمال مياه الأمطار في دورات المياه، ويسعى المنظّمون من خلال عروض “بيت المناخ” ليس إلى تعريف الزوار بمختلف نماذج المناخ على سطح الأرض، وإنّما أيضا إلى مزيد من التوعية والتأثير في السّلوكيات إزاء البيئة والمناخ.