ألوف الأطنان من المفرقعات والمتفجرات والألعاب النارية يتم استعمالها ليلة رأس السنة في كل بقاع الأرض، بدءا من أستراليا مرورا بالصين والشرق الأوسط إلى أوروبا وصولا لبلدان أميركا الشمالية والجنوبية.
هذه المفرقعات تتكون من مسحوق البارود الأسود مضافا إليه كميات كبيرة من المواد الكيميائية، التي تكسب المفرقعات والألعاب النارية تأثيراتها الملوَّنة. تحتوي هذه المواد على مركَّبات المعادن الثقيلة، وبعض المواد الكيميائية العضوية عالية السمية، ذات التأثير الكبير على البيئة والصحة البشرية.
تترافق إحتفالات المفرقعات والألعاب النارية بمخاطر عديدة، ليس أقلها الحوادث والإصابات الجسدية التي تسببها، وكذلك الحرائق التي تنشأ عنها، والخسائر المادية وأحيانا البشرية التي تحدثها.
في كل بلدان العالم تجرى احتفالات المفرقعات والألعاب النارية داخل المدن وأحيائها، وعلى مقربة كبيرة من المواطنين في مساكنهم، حيث تسبب أصوات الإنفجارات تأثيرات مزعجة وضارة على بعض شرائح السكان، ولا سيما الأطفال والمرضى والمسنين، وتزيد من حالات التوترStress ، والضغط النفسي والعصبي على بعض الناس المتحسسين.
أما الأثر الأكثر أهمية هو ما تسببه انفجارات المفرقات والألعاب النارية من تلوث هام للهواء الجوي في المدن والأحياء والساحات المكتظة بالسكان، وخصوصا ليلة عيد رأس السنة والأعياد الكبيرة الأخرى.
إن الجزيئات الصغيرة من قياس PM10، ومتناهية الصغر من قياس PM2.5 أو أقل، هي ملوث عالي الخطورة على الصحة البشرية، حيث ترتفع تراكيزها خلال وبعد الإحتفالات النارية لعشرات وأحيانا لمئات المرات لناحية المعدلات المقبولة لهذه الجزيئات في الهواء الجوي، المنصوص عنها في تشريعات الكثير من دول العالم.
المعادن الثقيلة ومركباتها هي أيضا ملوث عالي الخطورة على الصحة البشرية. وتعتبر مركبات الأنتيموان Antimony (Sb)، والزرنيخ Arsenic (As)، والزئبق Mercury (Hg)، والالمنيوم Aluminum (Al)، والنحاس Copper (Cu)، كلها معادن سامة وبعضها يسبب أمراضا خطيرة ومميتة.
وكذلك أيضا، تشكل المركبات الكيميائية العضوية ملوثا خطيرا للهواء الجوي في المناطق السكنية، نظرا لسميتها الشديدة وتسببها بأمراض خطيرة مثل السرطانات والطفرات الجينية والخلل الهرموني والتأثيرات التي تطاول الجهاز العصبي والدموي والكليتين والكبد. من أهم هذه الملوثات الأنيلين Aniline والأنثراتسين Anthracene، وأخطرها مركبات الديوكسين Dioxins، التي تتكون خلال عمليات الإنفجار مع وجود مشتقات الكلور في بعض مكونات المفرقعات والألعاب النارية. وما يساعد على زيادة كمية مركبات الديوكسين المتكونة وجود معدن النحاس في بعض المكونات، حيث يلعب دور المحفز النشيط لتكوين الديوكسينات في غازات انفجار المفرقعات والألعاب النارية. هذه المركبات معروفة بسميتها الشديدة، ولو بتراكيز متناهية الصغر، وهي تسبب السرطانات، إضافة لتأثيراتها السامة الأخرى.
إن المخاطر على الصحة البشرية، إضافة إلى مخاطر الحوادث والحرائق، لا يمكن تجاهلها والتقليل من أهميتها. هذا ما يتطلب تنظيم أوسع حملات التوعية، وخصوصا لفئتي الأطفال والشباب، إضافة لضرورة وضع تشريعات تتضمن قيودا صارمة على تصنيع ونقل واستيراد وتخزين واستعمال هذه المواد، باعتبارها موادا عالية الخطورة، والعمل الواسع من أجل الحد من استعمالاتها. ونشر ثقافة الإحتفال والفرح بعيدا عن استعمال هذه المواد الخطيرة.