كم من الأطفال يعانون من فقر الدم في لبنان، وبالتحديد من النقص في نسبة الحديد نتيجة سوء في التغذية، أما الأسباب فمتعددة، وأبرزها ارتفاع معدلات الفقر الذي انعكس سلبا على صحة الاطفال.
هذا ما حاول موقعنا greenarea.info الإضاءة عليه، من خلال الاطباء من ذوي الاختصاص في أمراض الدم، لمعرفة ما هي أسس العناية الصحية الغذائية التي تحمي أطفالنا من فقر الدم، وخصوصا الحديد، من دون أي تداعيات خطرة على صحتهم.
خلل في النمط الغذائي
يعتبر فقر الدم أحد أبرز المشكلات الصحية وأخطرها حول العالم، لا سيما وأن هناك أكثر من 700 مليون شخص في العالم يعانون من انخفاض معدل الـ “هيموغلوبين” الناتج عن نقص الحديد في الغذاء، وتعد فئة النساء الحوامل والأطفال من أكثر الفئات عرضة للإصابة بفقر الدم، خصوصاً في الدول النامية، بحسب “منظمة الصحة العالمية”، زد الى ذلك انه يمكن تعريف فقر الدم ببساطة على أنه حالة يحدث فيها انخفاض في نسبة الـ “هيموغلوبين” عن المعدل الطبيعي، أي أقل من 11 غرام لكل 100 ملل، حسب معيار منظمة الصحة العالمية (WHO)، ولا يعتبر فقر الدم مرضاً بل هو مشكلة قائمة في جسم الإنسان أو خلل في النمط الغذائي المتبع.
سوء التغذية
في هذا الاطار قال الأخصائي في أمراض الدم الدكتور نزار بيطار لـ greenarea.info: “ان زيادة فقر الدم تظهر عند المواليد الجدد، وايضا عند الذين يتناولون حليب البقر الذي يفتقر لعنصر الحديد، ويجب على الام التركيز اكثر على الرضاعة الطبيعية وتناول المغذيات الأساسية، كالحبوب التي تحتوي على الحديد للحفاظ على مخزون الحديد الطبيعي، وايضا على المرأة التي تعاني من دورة شهرية قاسية تخسر خلالها كمية مهمة من الحديد التركيز على نوعية الاطعمة التي تحتوي على الحديد، لانه بكل اسف نجد عند العديد من الفتيات من يعانين من هوس الريجيم، وفقدانهن المواد الغذائية الضرورية كالحديد مثلا”.
وأضاف: “ان سبب نقص الحديد ليس بالضرورة قلة التغذية أو عدم تناول اللحوم الحمراء فحسب، بل ايضا عندما يكون التركيز على النشويات أو الاطعمة الدسمة دون سواها، وقلة الرياضة، وكل ذلك يؤدي الى سوء التغذية”.
فقر الدم في المدارس
أما الاختصاصي في الطب الداخلي الدكتور عبدو فرام، فقال لـ greenarea.info: “ان الحفاظ على الصحة المدرسية ضروري للغاية، حيث اكتشفنا ان هناك نسبة مشكلة في سوء في التغذية، خصوصا في فقر الدم عند الاطفال في بعض المدارس، وتصل النسبة الى حوالي 10 بالمئة من الاطفال يعانون من فقر في الدم، وعندما بحثنا عن السبب وجدنا ان البعض منهم لا يتناولون الغذاء الكافي، حيث ان الازمة المعيشية طاغية ولا تساعد الأهل على تأمين الغذاء الكامل لأبنائهم، ووجدنا أن غالبية التلامذة يتناولون (سندويشات) تحتوي على زعتر وزيت واحيانا تكون عبارة عن خبز فحسب، وهذا مؤسف للغاية في ظل الازمة الاقتصادية الخانقة التي انعكست سلبا على صحة الاطفال”.
تنويع الاطعمة
وقال الأخصائي في طب الاطفال الدكتور روبير لـgreenarea.info : “أنجزنا سابقا دراسات علمية حول اسباب فقر الدم، فتبين لنا أن ليس له علاقة بالفقر بل بسوء التغذية، نتيجة قلة الرضاعة الطبيعية وتناول فقط الحليب البقر بدلا من تنويع الاطعمة والابتعاد عن المواد الدسمة (الشحوم)، مع اهمية التركيز على الحبوب على الاقل مرة أو مرتين في الاسبوع”.
وأضاف: “ثمة مأكولات تحتوي على فيتامين (سي) مثل (التبولة)، وفيها حامض يحتوي على هذا الفيتامين الذي يزيد من امتصاص الحديد، كما وأنه من الضروري ان لا يتناول الطفل حليب البقر في عمر مبكر، أي في عمر خمس وست سنوات، كما ان المرأة التي ترضع طفلها لمدة اكثر من 6 اشهر معرضة ايضا لنقص في كمية الحديد في الدم، مع الاشارة الى ان عوارض نقص الحديد عند الطفل تبدأ بتراجعه في المدرسة، لان قدرته على الاستيعاب تصبح اقل، عدا ظهور التعب على وجهه، وتخف مناعته مع تراجع في نموه”.
وأوضح أخصائي التغذية الدكتور عمر عبيد لـ greenarea.info ان “زيادة الفقر وسوء التغذية والإلتهابات الحادة ونوعية الغذاء، جميعها تزيد من فقر الدم، وخصوصا الحديد، وأن الاطفال الاكثر تعرضا لانهم في مرحلة النمو، والمطلوب التركيز أكثر على اللحوم والدجاج، وتفادي الاصابة بأي من الامراض التي تزيد من الالتهابات في الجسم مثل (الكريب) وسواه وجميعها تزيد من نقص الحديد في الدم”.
… والإكثار من الحبوب
بدورها أوضحت أخصائية التغذية ميرنا فتى لـ greenarea.info ان “الذي يزيد من نقص في الحديد عند الاطفال هو الاكثار من شرب الشاي والنسيكافة، خصوصا واننا نرى مثل هذه الحالات عند الاطفال في عمر 12 سنة، عدا الاكثار من الحلويات النشويات والمأكولات السريعة، لأنها تزيد من نقص الحديد، ويجب التركيز على تحسين نوعية الاطعمة، والاكثار من العدس وغيره من أنواع الحبوب التي تحتوي على الحديد الذي لا يتواجد فقط في الدجاج و اللحوم، بل ايضا نجده في الحبوب، وعلى الأم إجبار اولادها على هذا النوع من الاطعمة باستمرار للحفاظ على صحتهم بشكل سليم”.