البلدية الحكيمة هي التي تتيح للمواطن فرصة المشاركة في إدارة شؤون بلدته، من حق الاختيار والتعبير عن الرأي والمساهمة في اتخاذ القرارات السليمة، وتقديم الحلول ووضع الخطط لمعالجة المشكلات التي تواجهها.
هذا النموذج تجسد في بلدة كفرنبرخ – قضاء الشوف، بعد التباين في وجهات النظر بين البلدية وبعض الاهالي حيال مشروع مضلِّل عُرض على البلدية لتحويل قطعة من أرض البلدة الى مكب للعوادم، وما بات يعرف في ما بعد باسم “كاراج” للنفايات، إلا ان ما شهدناه من وعي لدى الجانبين حال دون وقوع كارثة بيئية كانت محتمة، تحت اسم مخفف لمشروع في الحقيقة ليس سوى مزبلة او مكب نفايات، بالاضافة الى ان الحس البيئي اصبح حاضرا كأولوية عند الاعلام الذي أكد حضوره هذه المرة ايضا في تصويب القضايا والاضاءة عليها كضرورة ملحة بالتزامن مع الاستنزاف الممنهج للبيئة من قبل نافذين في الدولة وتجار النفايات وفاسدين من ذوي الحظوة لدى هذا المسؤول أو ذاك.
رفض مشروع “الكاراج”
كفرنبرخ رفضت مشروع الموت على ارضها، وقررت المضي قدما في سياسة بيئية سليمة، بالتعاون والتكاتف ما بين البلدية والمجتمع المدني والجمعيات البيئية، وآثرت نشر الوعي، وشرعت بعملية المعالجة، بدءا من الفرز من المصدر ضمن خطة طارئة وسريعة في من أجل مشكلة النفايات في البلدة.
وفي هذا السياق، قالت رئيسة بلدية كفرنبرخ وسام الشامي غضبان لـ greenarea.info: “منذ البداية كنت ابحث عن حل لمشكلة النفايات، وكنت قد اكدت انني لن أتخذ اي قرار إلا لصالح كفرنبرخ، لذلك وبعد اللقاء التشاوري الذي أصفه بالممتاز بيننا وبين الاهالي أمس في (بيت كفرنبرخ)، أجمعنا على رفض مشروع (الكاراج)، أهالي ومجلس بلدي، وأعلنا رفضنا لأي مشروع قد يلحق الضرر بكفرنبرخ”.
تسبيخ النفايات العضوية
وأضافت: “بالنسبة لمشروع إقامة معمل فرز ومعالجة النفايات، فسنبحث بصلاحية الاراضي المعروضة علينا من الاهالي لصالح هذا المشروع، بما يتوافق والمعايير الصحية والبيئية المطلوبة، والى حينه سوف نبدأ بالتعاون مع الاهالي بالفرز من المصدر، وكنت قد اقترحت حلا سريعا باستحداث (برميل) لتسبيخ النفايات العضوية في حديقة كل منزل في البلدة، وهذا الحل بمتناول الجميع كون منازلهم تحتوي حدائق، وتكفلت بتأمين مستوعبات للعوادم وباقي النفايات”.
أما بالنسبة لموضوع الارشاد ونشر التوعية بين الاهالي من حيث كيفية الفرز والتسبيخ قالت غضبان: “عرض علينا من قبل احد البيئيين (الشيخ نظام بو خزام) المساعدة في التوعية على الفرز، وسنقوم بتوجيه الاهالي ضمن فريق عمل يضم حوالي 60 ىشابا وشابة، بالاضافة الى هيئة سيدات كفرنبرخ، وتضم 55 سيدة، سنتكاتف للعمل على مساعدة الاهالي على الفرز من المصدر والتسبيخ”.
وأكدت غضبان أن “البلدية، ومع تحسن الطقس نسبيا، ترحب بأي من الخبراء واصحاب التجربة لاعطاء المحاضرات والتوجيه نحو خطة مستدامة في إدارة نفايات البلدة”، وختمت قائلة: “لن نتهاون في المستقبل في حال رفض أو تقاعس اي من الاهالي بموضوع الفرز، خصوصا اصحاب الفكرة، وسوف ألزمهم بغرامات مالية عند اي مخالفة”.
حل مستدام
الناشط البيئي في تجمع البيئيين مازن نصر الرافض لمشروع “الكاراج” في كفرنبرخ تحدث لـ greenarea.info عن أهمية القرار الذي اتخذته البلدية بالتخلي عن مشروع اقامة مكب على ارضها، منوها وشاكرا “جميع الخبراء والجمعيات والاهالي والمجلس البلدي على تكاتفهم سويا لوقف مشروع كان ولا زال مبهما”.
وأضاف نصر: “كنت قد تقدمت باقتراح مشروع يقضي بإنشاء معمل فرز للنفايات وهو قيد الدراسة، وقدم ثلاثة من الاهالي أراض لهذه الغاية، وسيجري تقييمها ودراسة طبيعتها اذا ما كانت صالحة لهذا الغرض ام لا”.
وختم نصر: “عاجلا سيتم التباحث في طريقة المعالجة، وإيجاد حل مستدام لمشكلة النفايات بشكل سليم بيئيا وصحيا”.
بدي كفرنبرخ نظيفة
أهالي كفرنبرخ انشأوا صفحة على فيسبوك أسموها “بدي كفرنبرخ نظيفة”، وتفاعلوا من خلالها مع هذه القضية التي أرقتهم طوال الأيام الماضي، وتواصلوا في ما بينهم.
وأجمعوا على رفض المشروع ومساندة البلدية لايجاد الحل الأفضل لناحية البيئة والصحة العامة، وبعضهم عرض خطة عمل، فيما بعضهم الآخر تقدم ببعض الاقتراحات في جو ايجابي، إن دل على شيء، فعلى وعيهم وحرصهم على سلامة وبيئة ومستقبل بلدتهم.