من منا لا يعاني من زحمة السير الخانقة اليومية التي ترهق الاعصاب، وتزيد من التوتر والضغط النفسي، خصوصا وأنها باتت تؤثر على الانتاجية في العمل، كما أن الاطباء من ذوي الاختصاص في الطب النفسي أكدوا لـgreenarea.info بأن الخطر الصحي النفسي بات محتملا من كثرة التعرض لزحمة السير لساعات طوال، وهنا ثمة سؤال: أمام عجز الدولة عن إيجاد جذري لهذه المشكلة المزمنة، هل من طرق عملية صحية لتفادي تداعياتها السلبية؟
بحسب دراسة ميدانيّة أعدّتها “الأكاديمية اللبنانية الدولية للسلامة المرورية” LIRSA، فإن أسباب زحمة السير في لبنان تعود الى قصر شبكة المواصلات، ازدياد عدد المركبات، غياب النقل العام، عدم وجود مواقف للسيارات، عدم إجراء دراسة جدوى مرورية للمجمّعات والأبنية المنشأة، غياب التنظيم المدني، عشوائية الترخيص لورش الأشغال وعدم وجود إدارة مرور.
وكشفت احصاءات LIRSA أن عدد المركبات في لبنان لا يقل عن مليون و500 ألف مركبة، يدخل منها 400 ألف الى العاصمة بيروت يومياً، ما يؤثّر سلباً في وضع الطرق وطبيعة الحركة المروريّة.
في المقابل، أشارت دراسات أعدتها جامعتا هارفرد ولويزيانا الأميركيتان والحكومة اللبنانية – بحسب صحيفة “الديار” اللبنانية – إلى أن “خسائر الدخل القومي اللبناني نتيجة زحمة السير، تصل إلى ملياري دولار سنوياً، وذلك بفعل الوقت الضائع الذي يخفّف الإنتاجية، وحرق الطاقة، وصيانة السيارات، فضلا عن ثني المواطنين عن التسوّق تفاديا لقضاء وقت طويل في السيارة”.
زحمة السير والضغط النفسي
الأخصائي في الطب النفسي الدكتور كرم كرم، قال لـ greenarea.info: “لا شك ان زحمة السير تؤثر على الانتاجية في العمل كونها ترهق الاعصاب، وتزيد من التوتر والضغط النفسي معا، خصوصا ما يتعرض له الانسان في زحمة السير من مضايقات، وما ينتجع عنها من تصرفات لا اخلاقية من بعض الناس، كما وأن التداعيات السلبية لزحمة السير لا تقتصر فقط على التأخير عن العمل أو المدرسة بل ايضا على الاطباء لجهة الوصول لمعاينة مرضاهم، لذلك نشدد على إيجاد حل جذري لأزمة السير من قبل الدولة”.
وأضاف كرم: “أنصح أن يجري المرء اتصالاته في سيارته لتسهيل عمله اثناء ازدحام السير، اما بالنسبة للأولاد فأنصح بوضعهم في اقرب مدرسة تفاديا لاي زحمة السير وتأثيرها على دراستهم”.
أما الاخصائي في علم النفس الدكتور نبيل خوري، فأكد عبرgreenarea.info “ان زحمة السير المتعارف عليها عالميا تزيد من توتر الاعصاب، وتفقد الانسان قدرته لجهة القيام بعدة اعمال خلال النهار ،خصوصا اذا بدأ يومه من دون ان تكتمل حاجته للنوم”، وقال: “كما ان هناك تأثيرا على الاطفال الذين يواجهون زحمة السير قبل ان يصلوا الى المنزل ليفقدوا القدرة على التركيز في مراجعة دروسهم، عدا ان الذي يصل الى العمل منهكا، خصوصا اذا كان يعمل في المجال الفكري يشعر بضغط عصبي يؤثر على امكانياته وقدراته الذهنية، كما أن الوقت الضائع في زحمة السير والتوتر المستمر لساعات، ينتج عنهما حالة من الاكتئاب تؤثر على عملهم اليومي للانسان”.
بدوره قال الاخصائي في الطب النفسي الدكتور سمير جاموس لـ greenarea.info: “ان الضغط النفسي يرتقع مع ازدحام السير، وهذا يعني خسارة في الطاقة الانتاجية، ومع الوقت يتسبب هذا الأمر بمشاكل صحية ونفسية من ضغط وإصابة بالسكري، فالحل ليس فرديا بل جماعيا، ويجب على الناس معرفة كيفية تنظيم أوقاتهم كحل مبدئي في ظل عجز الدولة عن ايجاد حل لزحمة السير، مع التشديد على تطبيق القوانين حتى على بعض المسؤولين الذين يسلكون طرقا عكس السير”.
تسارع نبضات القلب
من جهة اخرى، قال الاخصائي في امراض القلب الدكتور زيدان كرم لـgreenarea.info :” ان الضغط النفسي الذي يأتي نتيجة زحمة السير المتكرر يزيد من ارتفاع الضغط، ويسبب توتر الاعصاب وارتفاعا سريعا في نبض القلب، كما وانه يدفع بالسائق الى التدخين اكثر عدا تنشق السموم في الهواء نتيجة الدخان الملوث من عوادم السيارات التي تؤدي الى الحساسية، وايضا اذا كانت حالة السائق المادية غير ميسرة فتزيده توترا خوفا من زيادة مصروف البنزين نتيجة زحمة السير، عدا ارتفاع الضغط وخطر النوبة القلبية، واذا كان يعاني من توتر عصبي فيصبح اكثر توترا ومدمنا على أدوية الاعصاب”.
التلوث بالضجيج
أما عن تأثير زحمة السير والضجيج الذي تحدثه وآثاره على صحة السمع، قال الاخصائي في طب الانف والاذن والحنجرة الدكتور الياس عتر لـgreenarea.info : “ان زحمة السير تزيد من التلوث بالضجيج حيث ان الصوت يكون فوق 65 ديسبل قياسا إلى المعدل الطبيعي، ما يزيد من تشنج الاعصاب وسط الضجيج وأصوات أبواق السيارات، كون الاصوات المرتفعة والمتواصلة على مدى 8 ساعات تؤذي السمع وترهقه وتزيد من التوتر النفسي”.
الاخصائي في طب الانف والاذن والحنجرة الدكتور انطوان نعمة، قال لـ greenarea.info : “ان ضجيج الأتوستراد يؤثر على السمع خصوصا القاطنين في جواره، لذا تعمد دول الخارج الى وضع حائط بالقرب من المنازل لعزل الاصوات الصادرة من زحمة الأتوستراد، اما بالنسبة لضجة أبواق السيارات، فمن الافضل إقفال نوافذ السيارة”.