تحية طيبة وبعد
البديل يا معالي الوزير نسبة لمشكلة طيور النورس ضمن منطقة المطار، هو أولا بإزالة الآلات الست التي أحاط بها السيد جهاد العرب مطمر الكوستابرافا، إذ لا يوجد حول المطار سوى سبع آلات، علما أن مساحة حرم المطار توازي أقله خمس مرات مساحة مكب الكوستابرافا، ولنترك هذه الطيور تتغذى اذا ارادت من بقايا النفايات التي على كل حال قسم منها ليس موضبا كما يجب! وقد أصبح مُثبتاً ان لا نتائج جذريّة من إستعمال هذه الآلات، وأنّ روائح هذه البقايا وعصارتها هي من العوامل التي ستجذب دوماً النورس اليها.
لماذا لا تحاولون القيام بذلك لمدة اسبوع ولنرَ ما ستكون النتيجة؟
وأنتم أعلم الناس أنه يستحيل أن يقف الانسان بوجه الطبيعة مهما فعل، لأنه إذا فعل ففي النهاية هو الخاسر الاكبر.
كما انني يا معالي الوزير، لاحظت اليوم، بعد النظر الى بعض الصور من مساحات حرم المطار ومدارجه أنه لا تزال هناك مساحات ضمنه، كما في جواره ومن حوله في اليابسة، تشبه البرك المائية بسبب عدم تسوية مناسيب المساحات ما بين وحول المدارج والتي بعضها لا تزال شبه ترابية مع بعض الاعشاب، وهي تشبه المستنقعات المائية السطحية، ويجب العمل على انتفاء وجودها، من جهة باستبدال التراب كليا بالرمل، والقيام من جهة اخرى بتسوية مستوياتها وحدل مع رص ارضها لتصبح مستقيمة بدرجة كبيرة، واذا لزم الامر مد طبقة عازلة من الباطون، وهكذا ينتفي تجمع المياه فيها، وحينها لا تجذب الطيور لكي تشرب منها.
وقد لاحظنا البارحة، بالرغم من العدد الكبير من الصيادين بانهم لم “يحصدوا” سوى بضعة عشرات من طيور النورس المنفردة (ولا سرب واحد ظهر ولو في الافق)، نسبة لعشرات الآلاف المتواجدة في هذا المحيط، مما يبين بالاضافة الى كون هذا النوع من الصيد من الجرائم البيئية الموصوفة الفاضحة محليا وعالميا، ان ما تم البارحة واليوم ايضا هو دون اي جدوى ويثبت جهل من اتخذ قرار الصيد، بل القتل هذا، كما يبين منطقه الجبان وهو أصبح معروفا اليوم، وللاسف تظهر همجية بعض المواطنين على صورة بعض المسؤولين، وبتبعية عمياء لهم ولمن يديرهم من اصحاب المصالح. والغريب انه حتى اليوم غير معروف أيّ وزارة او رئيس او إدارة صدّقت على هكذا قرار، كأنه من أسرار الدولة، لكنّ هذا التعتيم ليس سوى إثبات إضافيّ على أقوالنا!؟
فإن كان من المقبول منطقيا لحماية الانسان الوصول حتى الى محاولة قتل الحيوان (مبدأ الدفاع عن النفس)، لكن هذا لا يمكن ان ينطبق في حالات مثل هذه ولو في آخر المطاف، اي بعد ان يكون الانسان قد استنفد جميع الوسائل والامكانيات الاخرى. اذ كان يمكن ولا يزال تهريب هذه الطيور من المنطقة نحو الشمال او الجنوب مثلاً بواسطة “الكشّاشين” بدل قتلهم نظرا لإستحالة تخديرهم.
كما يتطلب أولا ان يتحمل الانسان وهو الكائن الاول والاقوى والاسمى افتراضيا، جميع مسؤولياته تجاه مهامه الاساسية وهي حماية الكوكب وكائناته الحية، كما وخصوصا الحفاظ على تفاعلها وتطورها الطبيعي، سامحا لها ان تقوم بمهمتها ودورها الخاص بالإشتراك في الحفاظ على التوازن الطبيعي للارض والحياة عليها.
وهنا، وضمن مهام الإنسان يجب ألاّ تكون الأولويّة فقط “للتطبيب” او للبحث عن الحل بعد وقوع الكارثة وفي حالتنا هذه قد وقعت، بل للوقاية والاحتراز، فإن لم يقم بذلك هو المسؤول الاول، أقله تجاه خالقه في حال كان الفاعل هو حاليّاً صاحب السلطات “الارضية”، واي فعل ذات نتائج سلبية يقوم به بغير هذا التسلسل يدخل في خانة الاجرام وسيحاسب عليه ولو بعد حين.
فيا معالي الوزير أملنا كبير فيكم، ليس لانكم من وزراء البلاط فقط، بل لانكم كنتم دوما من “حماة الارض” ومركزكم الحالي بنظرنا هو المناسبة المثلى لكي يتم المباشرة بتطبيق القانون حقا، وانتم رجل قانون ولمواجهة “الفساد العلمي” المستشري في بعض الدوائر الرسمية المسؤولة مباشرة عن الملفات التي تهتم بها وزارة البيئة، وهي من اهم الوزارات نسبة لحماية الانسان وحياته في هذا الوطن، بل هي الاساس والحامي الاول، خصوصا في مجالات المحافظة على البيئة التي يعيش فيها المواطن اللبناني وسواه بتطبيق جذري للمبادىء اعلاه، وخصوصا الشعار المثبت قانونا وهو انّ “الملوث يدفع”.
ونؤكد مجددا على ضرورة وقف قتل طيور النورس فورا والمباشرة بسرعة بالحلول الاخرى، اذ من المحتمل ان هكذا فعل سينقلب على فاعله مهما كان وعلى كل حال اين الخسارة من المحاولة؟
وبهذه المناسبة نرجو منكم الا تستمعوا لمجموعة الزجل والدجل التي تدير اليوم هذا الملف ونحن بالتصرف للمساعدة، اذ قرأت للتو انكم تعملون على خطة استراتيجية لمعالجة ملف ادارة النفايات، تمنياتي ألا تخطئوا بالتقدير كما فعل من سبقكم مثل الاساتذة المشنوق (بيئة وداخليةو بلديات) وشهيب وبوصعب وعبود وسواهم، ان قصدا او عن جهل، بل نرجو ان تقوموا بالرجوع الى الاختصاصيين الحقيقيين، وخصوصا الى نقابة المهندسين ونقابة الصناعيين، كما من هم من مجموعة “متخصصي معالجة النفايات” (ما نسميهم باللغة الدارجة “الزبالين”) او “صناعيي معامل المعالجة” و”الفلاحين” او “المزارعين” اي “جماعة الارض” ونحن منهم جميعهم ضمن الائتلاف المدني الرافض لخطة الحكومة.
بالتوفيق لإظهار ما حاولوا في الماضي اخفاءه لتمريره كحل، اسوأ ما يمكن ان نتخيله، جاعلين زورا من تقنيات “التخلص النهائي” اي الحرق والطمر عنوانا لمعالجة هذا الملف العلمي، التقني والاجتماعي بامتياز.
*منسق الائتلاف المدني
ناشط مدني وبيئي